الصلاة على رسول الله في ظلال أنوار سورة الأحزاب

خطبة الجمعة 14/6/2013م

الصلاة على رسول الله

في ظلال أنوار سورة الأحزاب

د. محمد سعيد حوى

أمضينا معكم وقفات مع سورة الأحزاب في بيان مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقوقه علينا. 

سورة الأحزاب سورة الصدق والصادقين مع الله ورسوله.

السورة التي تعلمنا كيف نتطهر من النفاق وبماذا تتميز الأمة المسلمة كما الفرد المسلم.

وتبين لنا كيف نخوض صراعاً خطيراً عندما تجتمع علينا الأعداء من كل حدب وصوب.

فكان من مفاتيح هذا الانتصار في هذا الصراع ومواجهة الأعداء، والتطهر من النفاق؛ التحقق بالصدق والصديقية، ومفتاح ذلك كله التعرف إلى مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة حقوقه والقيام بحقها تماماً.

فرأينا في بدايتها قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تُطِعِ الكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ [الأحزاب: 1] فالمطلوب منا أن نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم كمال الاقتداء في التقوى والبراءة من الكافرين.

كما كان فيها قوله: ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾ [الأحزاب: 2] فالمطلوب إذاً كمال الاقتداء به في اتباع الوحي الكامل.

كما كان في بدايتها ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً ﴾ [الأحزاب: 3].

لنكون من المقتدين برسول الله في التوكل ، ولتدل كل الآيات السابقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم متحقق بكمال التقوى واتباع الوحي والتوكل على الله والبراءة من الكافرين والمنافقين.

وكما رأينا فيها قوله تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6] لنتحقق بكمال الحب والنصرة.

ومر معنى فيها ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً ﴾ [الأحزاب: 21].

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ﴾ [الأحزاب: 33]

وقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُّبِيناً ﴾ [الأحزاب: 36]

وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً ﴾ [الأحزاب: 39]

كما مر قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً، وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾ [الأحزاب:45- 46]

وقوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً ﴾ [الأحزاب: 53] فضلاً عن الأحكام الخاصة في شأن أزواجه صلى الله عليه وسلم رفعة لمقامه.

وفيها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً ﴾ [الأحزاب: 57]

كما بينت السورة نماذج من الحب والتضحية من خلال موقف أزواجه وموقف المؤمنين في الأحزاب ، كل ذلك يأتي في بيان مقاماته عليه الصلاة والسلام وحقوقه، وفي ذروة ذلك كله ولكي نتحقق فعلاً بالحب لله ورسوله وتتعرف قلوبنا إلى الله ورسوله ولنكون ممن يتبع ويفتدي وينتصر؛ جاء الأمر بالصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السورة العظيمة، وبأعجب صيغة يمكن أن تكون إذ قدّم سبحانه بين يدي الأمر بالصلاة عليه بيان أنه هو سبحانه يصلي عليه، كما أن ملائكته تصلي عليه، فأنتم يا أيها المؤمنون كيف لا تكونون كذلك، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ﴾ [الأحزاب: 56]

ويفهم من هذا كله إذاً إذ يأتي هذا الأمر الإلهي العظيم المعظم باقترانه بأن الله وملائكته يصلون ليدل أنه لا حب ولا نصرة ولا تعرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حقاً ولا حسن اقتداء ولا حسن طاعة ولا تقوى ولا اتباع للوحي ولا توكل ولا تطهير إلا بكثرة الصلاة عليه .

معنى الصلاة:

الصلاة من الله صلة وقرب وتمجيد وتزكية وتبريك ورحمة وهداية، ومن غيره دعاء وطلب ورجاء بتحقق ذلك كله، ولا نريد أن نطيل ببيان أدلة ذلك لغة، لذلك عندما يصلي الله على نبيه فهي ثبوت الرحمة الكاملة وثبوت التبريك والتمجيد والتزكية وتحقيق حقيقة الصلة من رسول الله بربه ففي ذلك أعظم أنواع الثناء من الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وأعظم الرحمة والرفعة يثبتها الله منه لنبيه، فهل رأيتم عظم هذا المقام ، ذلك أنه صلى الله عليه وسلم تحقق بالعبودية الخالصة لله، فكانت استجابة الملائكة بالصلاة على رسول الله إقراراً بهذه المقامات العظيمة لرسولنا صلى الله عليه وسلم وامتثالاً لأمر الله، وإذ نطالب نحن بالصلاة على رسول الله أي فلتقرَّ قلوبنا بذلك ولتعرف لرسولنا ما أعطاه الله من مقامات ندعو الله أن يزيده تحقيقاً بها ليصل نفع ذلك إلينا فنكون نحن محل التزكية أيضاً والثناء من الله والصلة به والقرب منه، ولهذه المعاني كلها رأينا النصوص النبوي تؤكد على فريضة الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وأهميتها وآثارها.

شفاعته:

كيف لا تكون ممن يكثر الصلاة عليه وهو شفيعك (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «شَفَاعَتِي لِأَهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي») سنن أبي داود، صحيح، 4739، وغيرها من أحاديث الشفاعة.

يبكي لأجلك: 

وهو الذي أحرص ما يكون عليك إذ جلس يوماً يبكي، فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تَلَا قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [إبراهيم: 36] الْآيَةَ، وَقَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] ، فَرَفَعَ يَدَيْهِ وَقَالَ: «اللهُمَّ أُمَّتِي أُمَّتِي» ، وَبَكَى، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: «يَا جِبْرِيلُ اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، وَرَبُّكَ أَعْلَمُ، فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟» فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَسَأَلَهُ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَا قَالَ، وَهُوَ أَعْلَمُ، فَقَالَ اللهُ: " يَا جِبْرِيلُ، اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ، فَقُلْ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ، وَلَا نَسُوءُكَ ") صحيح مسلم، 202 

فكيف لا نكون أوفياء لرسول الله ومحبين له وأول الوفاء والحب كثرة الصلاة عليه.

من أولى به:

كيف لا نكثر من الصلاة عليه وهو القائل فيما روى عَبْد اللَّهِ بْن مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ القِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً») سنن الترمذي، 484، وقال: حديث حسن.

كيف لا نكثر وهو القائل: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ وَاحِدَةً صَلَّى الله عَلَيْهِ عَشْرًا») صحيح مسلم، 408 ولذلك جاء قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً ﴾ [الأحزاب: 43]

فحتى نكون ممن يصلي عليه ربهم ويخرجهم من الظلمات إلى النور لا بد أن نكون ممن يكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم.

أعمالنا تعرض عليه:

كيف لا تكثر من الصلاة عليه وأعمالك تعرض عليه صلى الله عليه وسلم ألا تريد أن يكون في صحيفتك صلاة عليه لتكون ممن يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ - يَقُولُونَ: بَلِيتَ -؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ») سنن أبي داود، صحيح، 1047. وفي بعض الروايات تعرض أعمالكم علي فإن رأيت خيراً حمدت الله وإن رأيت غير ذلك استغفرت لكم، قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُـمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً ﴾ [النساء: 64]

آداب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم:

ولعظم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لها آدابها وأسرارها وصيغها، وأول هذه الآداب ان تصلي عليه صلى الله عليه وسلم وتستشعر الصلة الروحية المباشرة والحضور بين يديه صلى الله عليه وسلم والتأدب في حضرته ، وكأنه يسمعك تماماً (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: («مَا مِنْ أَحَدٍ يُسَلِّمُ عَلَيَّ إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيَّ رُوحِي حَتَّى أَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ») سنن أبي داود، 2041 ، حسن.

بل أبلغ من ذلك أنه صح في الأحاديث أننا نسلم على رسولنا صلى الله عليه وسلم بصيغة السلام عليك أيها النبي ، أي صيغة الخطاب، وقد ثبتت حياة الأنبياء الخاصة في حادثة الإسراء والمعراج، وإذا كان الشهداء عند ربهم يرزقون فمن باب أولى الأنبياء.

ولعظم حقه كان من آداب الدعاء وأسرار إيجابته أن نستفتح بالثناء على الله والصلاة على رسول الله (عن فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ، صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: سَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا يَدْعُو فِي صَلَاتِهِ لَمْ يُمَجِّدِ اللَّهَ تَعَالَى، وَلَمْ يُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجِلَ هَذَا» ، ثُمَّ دَعَاهُ فَقَالَ لَهُ: - أَوْ لِغَيْرِهِ - «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ، فَلْيَبْدَأْ بِتَمْجِيدِ رَبِّهِ جَلَّ وَعَزَّ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ يَدْعُو بَعْدُ بِمَا شَاءَ») سنن أبي داود، 1481 .

وكان من الآداب أن نكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة كما في (عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ - يَقُولُونَ: بَلِيتَ -؟ فَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ») سنن أبي داود، 1047، صحيح.

وكيف لا نكثر من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وهو القائل فيما روى أبو هريرة، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ، وَرَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ أَدْرَكَ عِنْدَهُ أَبَوَاهُ الكِبَرَ فَلَمْ يُدْخِلَاهُ الجَنَّةَ) سنن الترمذي، 3545، وقال: حديث حسن.

وفي الحديث أيضاً (عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " الْبَخِيلُ مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ ) مسند أحمد، 1736.

الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جامعة للأذكار:

إن شأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم ، جامع للأذكار كلها، وللدعاء ، ولتعظيم الله ، إذ نعظم أمره سبحانه كما فيه صلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسبب لنور القلب، والخروج من كل هم وضيق (عَنْ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَا اللَّيْلِ قَامَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا اللَّهَ اذْكُرُوا اللَّهَ جَاءَتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ جَاءَ المَوْتُ بِمَا فِيهِ» ، قَالَ أُبَيٌّ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» . قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» ، قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ») سنن الترمذي، 2457، وقال: حَدِيثٌ حَسَنٌ.

صيغ الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أمّا صيغ الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فكثيرة ومنها (عن أبي محمد كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: خَرَجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ عَلِمْنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْكَ، فَكَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: " فَقُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ ) صحيح البخاري، 6357.

والصيغ عديدة وكله صحيحة إن شاء الله، وفي غير الصلاة لو قال اللهم صلي على محمد وآله تحقق المقصود، وللعلماء صيغ مستلهمة من عموم الأذكار والمأثورات لا يتسع المقام لبيانها.