ما تحتاجه الأمّة لكشف الغمّة

مقدمة :

إنَّ الأمَّة الإسلاميّة في أمسِّ الحاجة إلى رجالٍ مخلصين لله، مخلصين لشرعِه، ثم مخلصين لقضايا أمَّتِهم، وإن الأمّة بأمسّ الحاجة إلى علماء ذوي فضلٍ وإيمان و[قوّة] ورؤية بصيرة للأحداث، يبصِّرون الأمّة بالحقّ ليخلُصوا من الفتَن بعلمٍ وبصيرة، يضيؤون البصائر لها أمامَ الفتَن المضطرِبة حتى تكون على بصيرة ، أيضا بأمسّ الحاجة إلى دعاةٍ صادقين، دعاة مخلصين، دعاةٍ يبصّرون الناسَ بكتاب الله وبسنّة محمّد ، يعرضون تعاليمَ الإسلام كما أراد الله، بعيدًا عن الإفراط والتفريط ، وبحاجةٍ إلى أهلِ تربيةٍ وتعليم، لكي يثقِّفوا أبناءَ الأمّة، ويبصّروهم ويرشِدوهم إلى الطريق المستقيم ، أيضًا بحاجةٍ ماسّة إلى جنديٍّ مسلم مخلِص في أعمالِه، يرى أنَّ الدفاع عن بلد الإسلام دين وشرفٌ وعزّ وكرامة، وأنَّ النيةَ الصادقة إذا صحِبت عملَه صارَ من المجاهدين في سبيل الله

ملخص الخطبة :

1.       من سنن الله تعالى : الدنيا دوَل ، الصراع بين الحق والباطل ، ابتلاء المؤمنين بالأعداء ، ظهور الإسلام، قانون التغيير، فتح باب التوبة.

2.       الذنوب سبب تسلّط العدوّ.

3.       حاجة الأمة إلى الرجال المخلصين.

4.       حاجة الأمة إلى العلماء الربانيين.

5.       حاجة الأمة إلى الدعاة الصادقين.

6.       حاجة الأمة إلى رجال التربية والتعليم.

7.       حاجة الأمة إلى الجنود المخلصين المدافعين عن بلاد الإسلام.

8.       حاجة الأمة إلى إعلاميين صادقين.

هدايات قرآنية :

1.       إنَّ لله في هذا الكون سننًا لا تتبدّل ولا تتغيَّر ، لقوله تعالى : ( سُنَّةَ اللَّهِ فِى الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً ) [الأحزاب:62].

2.       قال الله عز وجل : ( وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ) [آل عمران:140] : فمِن سننه جلّ وعلا أن جعل هذه الدنيا دُوَلاً، يومٌ لك ويومٌ عليك، وهذه الدنيا تُضحِك وتُبكي، ولا ينجو من خداعها وغرورها إلا المؤمنون حقًا الثابتون على إيمانِهم ، لا تزيدهم السّرّاء إلا شكرًا لله، ولا الضرّاءُ إلا صبرًا ورضاءً بقضاء الله .

3.       وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حياةً طَيّبَةً ) [النحل:97].

4.       وقال تعالى : ( وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ ) [محمد:31]: مِن سننِه تعالى أن ابتلى عبادَه المؤمنين، ابتلاهم بأعدائِهم ليظهرَ مَن كان صادقًا ثابتًا على الحقّ .

5.       وقال تعالى : ( وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لّيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ) [محمد:4]،

6.       وقال عز وجل : ( أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُواْ أَن يَقُولُواْ ءامَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ ) [العنكبوت:2]،

7.       وقال : ( مَّا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيّبِ ) [آل عمران:179] : ومِن سننِه جلّ وعلا أنَّ الحقّ والباطلَ في هذه الدنيا في صراعٍ دائم مستمِرّ، ليستبينَ مَن هو صادقُ الإيمان قويّ اليقين، مِمّن يعبُد اللهَ على حرف، فإن أصابه خيرٌ اطمئنَّ به، وإن أصابته فتنةٌ انقلبَ على وجهِه.

8.       قال تعالى: ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [الحجر:9] : مِن سننِه تعالى أنّ هذا الدينَ الإسلاميّ دينٌ سيظلّ إلى أن يرِث الله الأرضَ ومن عليها وهو خير الوارثين، فهو خاتمة الأديانِ كلِّها، فسيظلّ إلى أن يرثَ الله الأرضَ ومَن عليها، وهو خير الوارثين.

9.       وقال جلّ جلاله : ( يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُواْ نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) [الصف:8] : كم تعرَّضت الأمّة لحملاتٍ من أعدائها على اختلاف القرون، ولكن لا يزال هذا الدينُ ظاهرًا قويًّا، مَن تمسَّك به ودعا إليه ورفع رايتَه فالعزُّ والتوفيق من الله له.

10.  قال تعالى : ( إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءامَنُواْ فِى الْحياةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ ) [غافر:51].

11.  وقال عز من قائل : ( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ) [الصافات:171-173]

12.  وقال تعالى : ( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِى الأرْضِ أَقَامُواْ الصلاةَ وَآتَوُاْ الزكاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأمُورِ ) [الحج:40، 41] : فعلى المؤمنِ أن يأخذَ بأسباب النّصر والتمكين .

13.  وقال سبحانه : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [محمد:7]

14.  وقال : ( فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ ) [محمد:21].

15.  مِن سننِه تعالى أنّه إذا أنعمَ على قومٍ نعمةً فإنّه تعالى لا يزيلها عنهم حتى يكونوا هم السبَب في ذلك، قال تعالى : ( ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيّرًا نّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) [الأنفال:53].

16.  ومِن سننِه تعالى أنّه عرض التوبةَ على العباد، ودعاهم لأن يتوبوا إليه وينِيبوا إليه، ووعدَهم: إن تابوا إليه تاب عليهم، ومحا خطاياهم، وغفرَ زلاتِهم، وبدَّلهم بالسيّئات إحسانًا ، قال عز وجل : ( إِلاَّ مَن تَابَ وَءامَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدّلُ اللَّهُ سَيّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ) [الفرقان:70].

17.  قال سبحانه : ( وَمَا أَصَابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ) [الشورى:30] : إنّ عدوَّنا عندما يتسلَّط على أرضِنا أو على ديننا ونعمتِنا إنّما ذاك بسببٍ من قبل أنفسِنا.

18.  وقال : (أَوَ لَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ) [آل عمران:165]

19.   وقال تعالى : ( وَقَالَ رَبُّكُمْ ادْعُونِى أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) [غافر:60]

20.  وقال : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [البقرة:186] : فعَودًا إلى دينِنا وتمسُّكًا بإسلامنا والتجاءً إلى ربِّنا وخضوعًا ودعاءً لله، فإنّه تعالى يجيب دعوةَ الداعي إذا دعاه.

21.  وقال عز وجل  : ( قُلْ هذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ) [يوسف:108] : فالأمة الإسلامية بحاجة ماسة إلى دعاة صادقين مخلِصين ناصحين وهداة إلى طريق الخير مرشدين .

22.  قال تعالى : ( إِنَّ هَذهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ) [الأنبياء:92] : فالأمّة بحاجةٍ إلى تكاتُفٍ من جميع أفرادِها، وفي جميع ميادينِها، وهو مطلب من مطالب بقائها .

قبسات نبوية :

·     قال عليه الصلاة والسلام : ( ولا تزال طائفةٌ من أمّتي ظاهرين على الحقّ، لا يضرّهم من خذلهم ولا مَن خالفهم حتى يأتيَ أمر الله ) أخرجه مسلم

والحمد لله رب العالمين