حلب .. نحو رؤية في عالمٍ متآمـر

خطبة الجمعة 16/ 12/ 2016م

16 ربيع الأول/ 1438هـ

الاهتمام بقضايا الأمة؛ فرض:

لا يمكن لمسلم ألا يهمه شأن الأمة، ولا يمكن إلا أنْ يتوقف مع جراحاتها وآلامها وهمومها ومشكلاتها، سواءً ما يجري في حلب أو الموصل أو عموم سوريا والعراق أو اليمن أو ليبيا، أو غيرها من بلاد المسلمين على الأقل إنسانياً.

وإنَّـه مما يؤرق المسلم اليوم ويفجر لديه براكين الغضب؛ المآسي ضد الإنسانية التي يتعرض لها أهلنا في حلب، أو في الموصل، أو غيرها.

ولكنَّ مدينتا الموصل وحلب درتان أو قل لؤلؤتان أو مناراتان؛ فهما مناراتا علمٍ وجهادٍ وتحرير.

ففي حلب كان منبر صلاح الدين لينقل إلى بيت المقدس وقد تعرضت لهجمات هولاكو وتيمور لنك، لكن بقيت حلب.

وفي الموصل كان التأسيس الأول لتحرير بيت المقدس على يد الأمير مودود الموصلي ثم يتابع مسيرته عماد الدين زنكي ونور الدين زنكي و صلاح الدين، فمن هناك كان المنطلق.

ومما يسجل هنا أنَّ أمريكا بالتآمر مع إيران دمرت العراق، وهاهي روسيا بالتآمر مع إيران أيضاً تدمر سوريا، والخاسر في كل الأحوال أمتنا الإسلامية والعربية؛ فهو مخططٌ مقصود.

إدانة ابتداءً:

وهنا لا أريد أنْ أزيدكم  آلاماً، أو استثارة عواطف؛ ولكن من واجبنا:

-     أنْ ندين وبشدة هذا الإجرام في حلب وهذا القتل وهذا الظلم الذي يتعرض له الأطفال والنساء والأبرياء والمدنيون من قِـبل ترسانة السلاح الروسي والإيراني أو عملائهم، وهذه الجرائم الوحشية من الإعدامات الميدانية والمذابح ضد العزل والمدنيين، والانتقام الثأري ممن لا حيلة لهم؛ ليرووا حقداً طائفياً غليلاً دفيناً.

-     كما ندين هذا التواطؤ الغربي الأوروبي الأمريكي على دماء الأمة.  وأنت تجد كيف يذرّون الرماد في العيون فيجتمع مجلس الأمن اجتماعات فارغة ويتباكون، أو يطفئون أنواراً، أو يظهرون تعاطفاً مع المآساة الإنسانية في حلب، والنتيجة مزيدٌ من المذابح، ويخططون لإجلائهم إلى إدلب ونحوها لتكون مجزة جديدة ربما أشد ظلماً.

حقيقة ما جرى وبعض دروسه:

إننا أمام حقائق:

1-          إنَّ القضية ليست قضية انتصار ولا هزيمة، بل قضية شعوب تريد الحرية والحق والعدل والتخلص من الفساد، ومن ثمَّ يقولون حررت! ممن؟! من أهلها؟! انتصارٌ على من ؟! على شعبٍ أعزل؟!.

2-          إنَّ سوريا الآن تخضع لاحتلال حقيقي من الروس والإيرانيين، وهذا لا يجوز السكوت عنه بحالٍ من الأحوال.

3-          إنَّـه يخطط الآن للمنطقة كلها لتقسيمها إلى كنتونات ومقاطعات سياسية وكيانات طائفية أو عرقية متنافرة متصارعة؛ فهل يجوز السكوت عن ذلك أو السماح بذلك ؟؟!

4-           إنَّ ما يحدث في سوريا على وجه الخصوص عارٌ وأي عار يلطخ الروس و الإيرانين وعملائهم الذين وقفوا في وجه تطلعات الشعب السوري وهو يطلب الحرية والتخلص من الفساد والظلم عبر خمسين سنة؛ فيراد إجهاض تطلعاته من خلال التدخل الإيراني والروسي والتآمر الدولي.

5-          ما يحدث؛ مسؤولية من ؟؟

اننا نعيش هذه الحالة لأن جهات أخرى تدعي الانتساب للأمة، وملِّكت زمام الأمر فيها، لكنها خذلت الشعوب المسلمة أو تآمرت عليها، أو رفضت الإصلاح وتطلعات الشعوب، أو خاصمت شعوبها، وليس لها مشروع بناءٍ ولا نهضة؛ ويتكرر هذا المخطط دون أن نتعلم الدرس.

6-          فكل ما حدث أنَّ حاكماً رضي على نفسه أن بكون متعهداً ومقاولاً للتدمير وأنَّ مجرماً هو بوتن ينصب نفسه امبراطوراً على أشلاء الأطفال؛ لتنفِّـذ إيران مخططاتها الطائفية.

من مخططات أعدائنا:

1-          شدة الضغط على الشعوب حتى إذا ما وصلت لحظة الانفجار فتحركت تحركاً مشروعاً تمَّ التآمر على حركتها وحرفت عن وجهتها.

2-          ومن مخططات أعدائنا: شدة الضغط أيضاً والقهر والظلم والفساد إمَّـا ليسلك أناس طريق الجهاد أو ليهيئوا هم له ذلك، ثم يحرفون معنى الجهاد ويشوهونه، ويركبُ موجته من ليس أهلاً له، ويسير فيه من لم يعدّ عدته في وقت لم تتهيأ الشعوب له أيضاً، ولم تستقل بقرارها؛ وسلاحها فتنعكس الأمور سلباً على هذه الشعوب.

3-          وتجد من يريد أنْ يجيش العواطف والفتن الطائفية، ويجيش الثورات ليأتي آخرون يقطفون الثمرات ويحرفون المسيرة ويدمرون البلاد والعباد، فنسير في خطة غيرنا، ولا نملك من زمام أمرنا شيئاً.

4-          وتجد من يدفعنا إلى ما يسمى تحرير مدن، لكن من غير فقهٍ لمعنى تحرير المدن ولا حاجاتها ولا مقومات الحياة فيها، ولا مقتضيات الدفاع عنها، ولا يملك أسباب ذلك، فيمعن الحكام القتلة إجراماً وإفساداً وتخريباً وتقتيلاً؛ بدل أن يتصالحوا مع شعوبهم ويبحثوا عن أسباب العدالة والحرية والحق.

5-          فتجد نفسك أمام خيارات كلها مرفوضة فإنْ أيدتَ فتخشى على نفسك أن تؤيد انحرافاً أو تشويهاً أو فتنةً، وإنْ رفضت فتخشى على نفسك أن تكون في صف عدو ظالم مجرم؛ لذلك نستذكر هنا حديث رسول الله : «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا، أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا، يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا»  صحيح مسلم، عن أبي هريرة. وعَنْ كَعْب الأحبار فيما قرأ من كتب السابقين، قَالَ: «إِنِّي لَأَجِدُ نَعْتَ قَوْمٍ يَتَعَلَّمُونَ لِغَيْرِ الْعَمَلِ، وَيَتَفَقَّهُونَ لِغَيْرِ الْعِبَادَةِ، وَيَطْلُبُونَ الدُّنْيَا بِعَمَلِ الْآخِرَةِ. وَيَلْبَسُونَ جُلُودَ الضَّأْنِ. وَقُلُوبُهُمْ أَمَرُّ مِنَ الصَّبْرِ "أو قال: وقلوبهم قلوب الذئاب وألسنتهم أحلى من العسل"، فَبِي يَغْتَرُّونَ، أَوْ إِيَّايَ يُخَادِعُونَ؟ فَحَلَفْتُ بِي لَأُتِيحَنَّ لَهُمْ فِتْنَةً تَتْرُكُ الْحَلِيمَ فِيهَا حَيْرَانَ» سنن الدارمي، إسناده صحيح.

 

في منهجية التغيير:

 إنَّـه بالرغم من مشروعية تطلعات شعوبنا، وفساد بعض الأنظمة وإجرامها، ووجوب التغيير والإصلاح؛ لكن لا بدَّ:

1-          ألا نسير بلا خطة، و أنْ لا  تسيّرنا خطةٌ يرسمها لنا عدونا، فضلاً عن أن تكون لنا خطة ليس عندنا مقوماتها ولا استقلالية قرارها ولا معرفة مآلاتها؛ ومن ثمَّ نستجر إلى معارك ليس في وقتها ولا مكانها ولا أسلوبها، ومن غير وجود وسائلها الصحيحة وأدواتها، والنتيجة كوارث على الشعوب.

2-           المخرج واضح جداً: وذلك عندما يقوم من وُلي زمام الأمر في الأمة بالتصالح مع الله أولاً ثم التصالح مع الشعوب ثم التعاون الحقيقي مع المخلصين وإمدادهم بالمدد والعون الحقيقي، والخروج من خضم التآمر.

3-          إنَّ أي تغيير في الأمة لا بدَّ أن يكون مدروساً ومتدرجاً ومخططاً له ونملك فيه زمام الأمور، ويكون له مشروعيته الشرعية من جهة، والشعبية من جهة أخرى، ونأخذ فيه بأسباب النصر، فعندما يكون تنازع وتفرق فقد خالفنا سنة من سنن النصر، وعندما يكون حرصٌ على الدنيا فلا نكون أهلاً للنصر، وعندما تكون الأفكار مختلطة بالباطل والرايات غامضة أو مضطربة، أو يختلط فيها الغث والسمين فلا نكون أهلاً للنصر، وعندما تكون حركتنا متوقفة على عطف عدونا علينا فلا نكون أهلاً للنصر؛ بل لن نجد إلا الخذلان والتآمر، وعندها لا يكون مشروعاً لنا أن نشارك تحت رايةٍ عمية جاهلية عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ .....فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ» مسلم.

4-          لا بدَّ أن نأخذ الدروس والعبر؛ فعندما نبتعد عن الله وننغمس في الشهوات ونفقد الولاء الخالص لله وللرسول وللمؤمنين ولا نشعر بمآسي الآخرين وننخدع بالظالمين الفاسدين عندها  لسنا بمآمن أن يصيبنا ما أصاب غيرنا مالم نرجع إلى الله وننتصر للحق ونبرأ من الظالمين؛ لننجو أولاً عند الله ﴿ وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ ﴾ [الأنفال: 25]

عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا نَنْصُرُهُ مَظْلُومًا، فَكَيْفَ نَنْصُرُهُ ظَالِمًا؟ قَالَ: «تَأْخُذُ فَوْقَ يَدَيْهِ» صحيح البخاري.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ، دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» صحيح مسلم.

5-          أن نمتلك أسباب القوة وأسباب النصر والإعداد وأساس ذلك الإيمان والأخلاق والعلم وبناء المجتمع الصالح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإيجاد القدوة الربانية الصالحة المبصرة، ومن ثم التفاف الأمة حول هذه القدوة الصالحة المبصرة.

6-          أن تتفاعل الأمة مع قضاياها وتخرج من الأنانية واللامبالاة وتعتمد بعد الله على نفسها، وتحسن تقدير الموقف، والأخذ بالأسباب إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها، ولا تلقي بأيديها إلى التهلكة.

 ليست نهاية المطاف:

ومع ذلك قد تخفق الأمة في بعض حركتها، لكنها ليست نهاية المطاف أكيد؛ فالشعوب لا تهزم!  وعندما ينتصر ظالم أو مجرم من الحكام على شعبه فهو سقوط أخلاقي وعارٌ يسّود تاريخه وكل من لم ينصر المظلومين ولا يسمى نصراً؛ بل يسمى إفساداً في الأرض، وعندما يعلن أحدهم شعار "أنا أو الدمار" ليثني الشعوب عن تطلعاتها المشروعة فهو غاية السقوط.

تأكيد على حقائق في خضم الصراع:

ومع ذلك كله ثمة حقائق لا يجوز أن تغيب أبداً:

1-           أن ثمة دكتاتوراً مجرماً جثم على صدر شعبه سنوات طويلة، فكان لا بد للشعب أن يتطلع لحريته؛ هذا جوهر القضية. فلا بدَّ أن ندين هؤلاء القتلة المجرمين الذين أمعنوا في دماء الأمة، وهؤلاء المتآمرين، وهؤلاء الذين حالوا بين الشعوب ونيل  حريتها، وشوهوا في الوقت نفسه سُمْعتها؛ لتظهر وكأنها تخدم مخططات عدوها.

2-          وندين بشدة أكثر أولئك الراقصين على جراحنا وجراح الأمة، فهو غاية السقوط الأخلاقي وانعدام الضمير، فكيف تفرح بقتل أخيك أو جارك أو ابن عمك أو أي مسلم أو أي انسانٍ بريء.

3-          وعارٌ على النظام المجرم في سوريا إذ يستعين على شعبه بالمحتل الروسي والإيراني  والحشد الطائفي من شذاذ الأفاق؛ ليحدث تغييراً في التوزيع السكاني ليحلَّ محلهم محتلين وطائفيين مكان أبناء الأمة والوطن؛ كما حدث ذلك أيضاً في غوطة دمشق وما حولها وحمص، والمستفيد الحقيقي هو العدو الصهيوني في كل الأحوال إذ تستنزف الأمة.

4-          وعلى كلٍ فنحن في دورةٍ من دورات التاريخ ومرحلة من مراحله، وليست نهاية التاريخ، ونهاية الظالم حتمية طال الظالم أو قصر، والشعوب باقية ومنتصرة، والحق باقٍ ومنتصر.

5-          ويظن بعض الناس بناءً على نصوص حديثية أن ما يحدث من علامات الساعة الكبرى، أو أن الدجال على الأبواب، أو أن المهدي سيظهر، أو أنَّ الملحمة الكبرى بين أيدينا.

هذا كله ترديد لروايات لا يُحسَن فهمها ولا تنزل منزلتها؛ فما يحدث هو صراعٌ مستمر بين الحق والباطل يأخذ أشكالاً عدة ويشتد ويضعف ويعلو ويخفت.

سنن ربانية وواجبات:

نحن في إطار سنن الله نجري ﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ القَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ، وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الكَافِرِينَ، أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران:140- 142].

وبالتالي في مثل هذه المحن والشدائد يتجلى حقيقة المؤمن الذي لا يُخدع بالباطل ولا ينحرف عن منهج الله ولا يقنط من روح الله، ولا يشك بالحق الذي هو عليه، ولا يشمت بأخيه المسلم، ولا يبرر للظالم ظلمه وإجرامه.

إننا نمر الآن بمرحلة من التطهير والتمييز والتمحيص وفيها يتجلى ثبات المؤمن وصدقه مع الله وانتصاره للحق ورفضه للظلم والفساد، وسعيه للإصلاح بحق وفق منهج الكتاب والسنة.

وإن مما ينقص الأمة اليوم حقيقة الوعي والفهم؛ فللأسف مازال بعضٌ يدافع عن المشورع الإيراني الطائفي في جسم الأمة، وفي الوقت نفسه يرى كيف أن الحرب كلها موجهة ضد المسلمين الذين يحملون منهج الإسلام الحق منهج الكتاب والسنة، ومع ذلك يريد أن يطعن بهذا المنهج، ويخدع بالفاسدين والظالمين، فكيف يكون ذلك؟.

الخطبة الثانية:

إن ما يحدث في حلب بالذات جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية يرتكبها الإيرانيون والروس؛ سواءً تهجير السكان أو تهديدهم بالقتل أو قتلهم فعلاً أو تدمير مساكنهم أو منع الغذاء والدواء والماء عنهم أو محاصرتهم كل هذه المدة الطويلة أربع سنوات، ولا بدَّ من حساب، وحساب الله أعظم وأشد، فلهؤلاء المجرمين قول الله تعالى: ﴿ إِنَّ المُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ، لاَ يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ، وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ، وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ، لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ، أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ، أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف:74- 80].

وحسبنا ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ ﴾ [إبراهيم: 42].

وسوم: العدد 699