إدلب و تفاعلاتُها كحَدَثٍ محوريّ

لقد باتَتْ إدلب كمنطقة خفض تصعيد رابعة، تُؤوي الخلاصة المركّزة للفصائل الرافضة قبول المصالة بالشروط الروسية، حَدَثًا محوريًّا في الاتصالات الدولية، و الإقليمية، ناهيك عن المحليّة.

ففي لقائه مع وزير الخارجية اللبناني، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: إنّ روسيا وتركيا ستعقُدان محادثات حول الأزمة السورية في غضون أيام، جاء ذلك في المؤتمر الصحفي المشترك مع جبران باسيل في موسكو يوم الاثنين: 20/ 8،  حيث أعرب لافروف عن أمله في توصل موسكو وأنقرة إلى اتفاق قريب بشأن إدلب شمالي سورية.

وأوضح أن الاتصالات التي تجري بين روسيا وتركيا وإيران في إطار عملية أستانا، ولاسيّما بين العسكريين، تركز على تنفيذ الأهداف التي تم الاتفاق عليها أثناء إنشاء منطقة إدلب لخفض التوتر.

وأضاف أن المُهِمَّةُ المحورية في المرحلة الراهنة تتمثل في ضرورة ابتعاد فصائل المعارضة، التي تبدي استعدادها للانخراط في العملية السياسية، عن مسلحي هيئة تحرير الشام، الموجودين في إدلب، ويحاولون فرض سيطرتهم على هذه المنطقة، وتولي مهام تسيير شؤون الأهالي.

من جهة أخرى، طالبت مجالس محلية عاملة في عدة بلدات في ريفي إدلب الجنوبي الشرقي وحماة ( شمال البلاد) تركيا بتطبيق الوصاية على مناطقهم، وذلك بهدف منع قوات النظام والمليشيات الموالية له من التقدم وإعادة السيطرة على مناطقها.

وطالبت المجالس المحلية في بلدات تلمنس، معصران، معرشورين، كفرسجنة، السرج، التمانعة، معرشمارين، بابولين، الخوين، القراصي، الهلبية، الدير الشرقي، تركيا بالتدخل الفوري والسريع لتطبيق الوصاية،  متعهدة بمساعدة الجيش التركي في إدارة المنطقة، وشددت في بيان لها على رفضها أيَّ تدخل عسكري لقوات الأسد أو الجيش الروسي في محافظة إدلب، و دعوا إلى تفعيل وتنشيط عمل المؤسسات التعليمية والخدمية والصحية.

وفي هذا الصدد، أكد المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للعشائر والقبائل السورية مضر حمادة الأسعد، أن سكان ريف إدلب والمجالس المحلية يطالبون تركيا بتطبيق قرارات أستانا ونشر قواتها في مناطقهم، لأنها الجهة الوحيدة القادرة على منع روسيا والنظام من التقدم باتجاه مناطقهم أو قصفها، وقال: إن مطالب السكان والمجالس المحلية ليست الوصاية بقدر ما هي مطالب لحماية السكان من خلال نشر تركيا نقاط مراقبة، ستكون كفيلة بحماية المدنيين من هجمات النظام، خاصة أن هذه المناطق تعرضت خلال الفترة الماضية للقصف العنيف.

و تمنى الأسعد على أن تأخذ القيادة العسكرية التركية مطالب الأهالي بعين الاعتبار وأن تزيد عدد نقاط المراقبة التركية لتجنيب المنطقة وحشية قصف نظام الأسد وروسيا.

من جهته ذهب رئيس مجلس السوريين الأحرار أسامة بشير إلى أن المطالب الشعبية لسكان إدلب  تتفق مع ما تريده تركيا، معتبرًا أن هذه المطالبة ستعزز الموقف التركي باتخاذ التدابير اللازمة لحماية إدلب وريفها، وقال: إن العمل الدبلوماسي الروس التركي قائم بشأن إدلب، لأن النظام إذا ما فكر بمهاجمة إدلب فستكون كارثة حقيقية، خاصة إذا ما شارك الروس بالهجوم الجوي على إدلب.

لكنه في المقابل استبعد مهاجمة النظام إدلب، معتبرًا أن إدلب ليست الغوطة، و لا مكان لأهلها سوى اللجوء إلى لتركيا، التي أمامها خياران: إما أن تغلق حدودها بوجه اللاجئين، أو التدخل عسكريًا، و أوضح أن العمل العسكري صعب تنفيذه في إدلب، خاصة أن العمل الدبلوماسي ما زال قائما وبدأ يقترب من شبه وصاية تركية ستكون على إدلب، في حين سيتم حل جبهة النصرة حتى لا تكون ذريعة للروس والنظام بالتدخل العسكري وفق قوله.

الجدير بالذكر أن عدة مظاهرات خرجت خلال الفترة الماضية أمام نقاط المراقبة التركية في محافظتي حماة وإدلب لمطالبة تركيا بتسريع إدخال قواتها إلى بقية النقاط في المحافظة لحمايتها من قوات النظام والمليشيات الموالية لها.

وفي وقت سابق حذر ألكسندر أكسينينوف، الدبلوماسي الروسي السابق، ونائب رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، من أن توسيع النظام السوري نطاق سيطرته في الشمال والشرق بدعم من حلفائه الإيرانيين، سيجر روسيا إلى مواجهة محتملة مع الولايات المتحدة وتركيا اللتين تنتشر قواتهما في عفرين ومحافظة إدلب، وكذلك في عدد من المناطق شرق الفرات، وبالقرب من الحدود مع العراق.

و قال التلفزيون التركي أيضًا: إن النظام يتخذ مع داعميه الروس وجود عناصر هيئة تحرير الشام في إدلب، ذريعة للهجوم على المدينة، لتلقى مصيرًا أشبه بالذي حدث مع حلب، وهو الأمر الذي رفضته تركيا وتواصلت بشأنه مع روسيا كثيرًا لمنع حدوثه، و هي تعمل حاليًا على التواصل مع روسيا لإيقاف أي هجمات محتملة على مناطق خفض التصعيد خاصة في منطقة إدلب، وذلك لمنع انهيار اتفاق أستانا بين الضامنين الدوليين.

وسوم: العدد 786