هل أنا هو (النموذج)؟

كلنا يعتبر نفسه هو ( النموذج ) في أمور الدنيا والدين ..

انتبهتُ ذات يوم وأنا أقود سيارتي إلى واحدة من القواعد النفسية والأخلاقية العامة التي يشترك فيها أكثر الناس : 

إذا حجزتني سيارة بطيئة أمامي ، قلت: يا لهذا السائق البليد ! .. وإذا تجاوزتني سيارة مسرعة من ورائي، قلت: يا له من سائق متهور ! .. إننا نعتبر أنفسنا "النموذج" الذي يُقاس عليه سائر الناس، 

فمن زاد علينا فهو من أهل (الإفراط ) ، ومن نقص عنا فهو من أهل (التفريط) ..

إذا وجدتَ من ينفق إنفاقك فهو معتدل كريم ، فإذا زاد فهو مسرف ، وإذا نقص فهو بخيل ..

ومَن يملك جرأتك في مواقف الخطر فهو عاقل شجاع ، فإذا زاد فهو متهور ، وإذا نقص فهو جبان .. ولا نكتفي بهذا المنهج في حكمنا على أمور الدنيا بل نوسعه حتى يشمل أمور الدين ، فمَن عبد عبادتنا فهو من أهل التقوى والإيمان ، ومن كان دونها فهو مقصر ، ومن زاد عليها فهو من المتنطّعين. 

وبما أننا جميعاً نرتفع وننخفض ونتقدم ونتأخر ونتغير بين وقت ووقت وبين عمر وعمر ، فإن هذا المقياس يتغير باستمرار. 

* نصل من تلك الملاحظات إلى قاعدة مهمة وهي : 

إياك أن تظن أن مقياس الصواب في الدنيا ومقياس الصلاح في الدين هو الحالة التي أنت عليها والتي أنت راض عنها ، فرُبّ وقت مضى رضيتَ فيه من نفسك ما لا ترضاه اليوم من غيرك من الناس .. 

فدع الخلق للخالق ، واعمل على إصلاح ذاتك ؛ والمؤمن من دان نفسه وعمل لما بعد الموت .. 

وتمثل بقول الله تعالى :(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي ۚ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) .

وسوم: العدد 802