انظروا إلى التعليم عندنا

التعليم، عندنا، في حال من الاضطراب منذأمد بعيد.وما زالت هذه الحال هي الحال بما عندها من الخلط، ولديها من الخبط، فلا سبيل إلى تجاوزها. وانظروا إلى ما خاض فيه التعليم من التجارب التي لم تزده إلا نكوصا من جهة، وإصرارا على المضي في الخطأ من الجهة الأخرى.انظروا إلى التعليم، فستجدون هذا الانتقال الفجائي من إصلاح إلى إصلاح، ومن حل إلى حل، من غير أن يكون هذا الحل، وذلك الإصلاح قادرين على معرفة الداء، وأين يكمن، وهو الأمر الذي أدى ويؤدي إلى تحقيق الفشل، والمزيد من الفشل، في جو من الغموض في الرؤيا، والتردد في اختيار القرار الحاسم، والمضي فيه، حتى لا سبيل إلى التراجع عنه. انظروا إلى التعليم فستجدون الإقبال على استيراد الرؤى والبرامج من غير قدرة على قراءة الواقع المغربي، واستلهام هذا الواقع، في معرفة ما يصلح لنا وما لا يصلح. وفي هذه الحال من الإعجاب بما يرد علينا من النظريات، قامت وزارات التربية بفرض هذه البرامج، وتلك الرؤى، مما أدى إلى الأخذ والترك، ثم الأخذ والترك، والنتيجة هي أننا ما زلنا نأخذ ونترك، والتعليم هو التعليم، ولا شيء ينبئ عن قدرة هذا التعليم على تجاوز ما هو فيه من الأزمة التي تشل حركته، وتحول بينه وبين تحقيق الفعل والفاعلية.

لقد كانت الدعوة إلى التدريس بالأهداف، ثم تولدت عن هذه الدعوة دعوة إلى التدريس بالكفايات، وصاحبت هاتين الدعوتين دعوة أخرى إلى القيام بما سمي تربية سكانية، وتكوينا مستمرا. لقد كانت كل هذه الدعوات، وكان كل ما صاحبها من قرارات، في جو من التردد الذي لا يعرف للثبات والاستقرار طريقا، بل في جو من التجريب الذي لا نفع فيه ولا جدوى منه ولا فائدة معه. وانظروا إلى ما ساد هذا التجريب من سوء في الفهم، وارتجال في العمل، وعجز عن انتهاج الطريق الأسلم ، والسبيل الأقوم. بل انظروا إلى ما صاحب هذا التجريب من دعوة إلى إعمال للفعل الإلكتروني، وإخضاع المسار التعليمي له، اعتقادا بأن مشاكل هذا التعليم من غياب الحاسوب عندنا، مع أن الأمر يتجاوز هذا الحاسوب إلى واقع لم يحظ بالدراسة والتعليل.، فكان ما كان من التعثر والاضطراب،. وما زالت الوزارة وزارة التعليم تسير في اتجاه غير الاتجاه الذي يدرس الواقع التعليمي في ضوء رؤيا تعليمية تعرف ما تريد من الفعل ، وتفعل ما تريد من الفاعلية في جو من العزم والحزم. ويبدو أن هذه الرؤيا غير موجودة، بل لم تكن موجودة في السنوات التي خلت، ولا ندري متى توجد، بل متى يقدر لهذا التعليم من يخرجه من الأزمة التي أزاحته عن وجهته، فلم تترك له سبيلا إلى الحضور في الفعل. إن هذه الأزمة، ويشهدها التعليم فلن يجد مخرجا منها، تزداد تأزما يوما بعد يوم، ولن تفلح المحاولات  التي لا تثبت على حال في تجاوزها. وما دام الأمر أمر تجريب من غير ثبات على رؤيا جوهرية تملك الإجابة عن كل الأسئلة التي تفرض ذاتها في المجال التعليمي، ما دام الأمر أمر استبدال تجربة بأخرى في جو من الارتجال الذي لا يخفى، فإن التعليم عندنا ماض إلى حيث ينبغي أن يمضي من الضعف والهزال. ولن تنفع الحلول الآنية التي لا تعالج الأمر أي أمر من الأول.

وسوم: العدد 815