الانتخابات المحلية في تركيا تلقي بظلالها على ورقة إدلب

في أول مؤتمر انتخابيّ له في استنبول، يوم السبت: 30/ 3/ الفائت، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان: " إنّ أول ما سنفعله بعد الانتخابات المحلية، هو أن نحل مسألة سورية في الميدان إن أمكن، وليس على الطاولة ".

صحيحٌ أنّ تحالف العدالة و التنمية مع الحركة القومية، قد فاز بما يقرب من 52%؛ إلاَّ فرحته لم تكتمل بعد، بسبب خسارته رئاسة بلدية أنقرة الكبرى، و تأخّر إعلان فوز مرشحه بن علي يلدريم، لرئاسة إستنبول الكبرى، بسبب حالات الطعن في النتائج التي شابها تلاعبٌ أقرته اللجنة العليا للانتخابات.

و هو أمرٌ تعزوه جهات تركية مقربة من العدالة و التنمية إلى تدخّلات خارجية، لا تريد للرئيس أردوغان أن يرى ثمار تلك الانتخابات على الوجه الذي كان يتمناه.

و قد ذهب بعضهم إلى حدّ تسميتها، و هي بالمجمل لا تخرج عن تحالف الدول الإقليمية التي باتت تناكف تركيا في الملف السوريّ، ولاسيّما في منطقتي شرق سورية و إدلب.

يبدو أنّ هذه الانتخابات قد ألقتْ بظلالها على ورقة إدلب، ففي تحرّك يمكن وصفُه بالانعكاس السريع لتصريحات أردوغان المشار إليها أعلاه، في رد عاجل على تلك الجهات التي نغَّصت فرحته، و جعلتْ فوز تحالفه مثلومًا؛ قامت الجهات التركية الممسكة بورقة إدلب، باستدعاء عدد من قيادات الفصائل الموالية لها، فضلًا على هيئة تحرير الشام، و الفصائل الأخرى، للاجتماع بهم في عفرين، في يوم الخميس: 4/ نيسان الجاري.

و قد كانت اللهجة التركية معهم ( بحسب مصادر مطلعة ) قوية و واضحة؛ بأن الأشهر و الأيام الماضية قد بات خلف ظهورنا، و نحن أمام طريقة مختلفة في التعامل مع ورقة إدلب، و لن نسمح بأن تطول فترة الانتظار، و غير مسموح بعد اليوم لمَن يريد أن يعبث بها أن يقوم بذلك.

و عليه فقد طرحت أمامهم خطة عمل من شقين:

1ـ إعادة هيكلة الفصائل تحت راية الجيش الوطنيّ، تتولّى عبأه قيادة فيلق الشام، حيث سيتمّ تشكيل خمسة فيالق تنضوي تحتها جميع الفصائل العاملة في المنطقة، و من سيرفض منها ستطاله الطائرات التركية و الروسية ( معًا )، على غرار ما كان في جبل النبي هورش قبيل أيام، حيث أدّت سبع غارات إلى تفجير مخازن ذخيرة تتبع لجهات غير مرضيّ عنها، مثلما أدّت إلى مقتل عدد من مقاتليها.

2ـ تشكيل حكومة انتقالية، تخلف حكومة تصريف الأعمال برئاسة جواد أبو حطب، و حكومة الإنقاذ برئاسة فواز هلال الموالية للهيئة، و هناك معلومات رشحت عن ذلك، تفيد بأنّ اسم أنس العبدة مطروح بقوة لرئاستها، و سيكون نصيب الفيلق فيها كبيرًا، ربما يصل إلى سبع حقائب، و سيكون للهيئة ثلاث، و لتجمّع أبي عيسى الشيخ مع جيش العزة و حراس الدين ثلاث أيضًا، و للأحرار حقيبة واحدة فقط، إلى جانب حقائب أخرى لشخصيات مهنية محايدة.

و لعلّ ما يحمل الهيئة على السير في ذلك هو خروج عدد من المظاهرات بتشجيع تركي، في إدلب المدينة و كفر تخاريم و إعزاز و عفرين، منددة بسياستها و داعية تركيا للتدخل لحلحلة حالة الاستعصاء التي تعيشها المنطقة.

و قد قرأت الهيئة هذه الرسائل بشكل جيد، فقامت بإعادة ترتيب أوراقها، فشكلت مجلس شوراها المنتخب من عموم المنطقة، و أخذت تُحكم قبضتها الأمنية من خلال اعتقال العناصر الفاسدة و المسيئة لسمعتها؛ في مسعى منها للتخفيف من حالة الاحتقان التي تعيشها الحواضن الشعبية مؤخرًا.

هذا فضلًا على إرسالها رسالة مهمة إلى الأطراف الدولية و الإقليمية الراغبة في إعادة شريان الحياة إلى الطرق الدولية، من خلال أمرها بإزالة معارض السيارات في منطقة سرمدا، لتوسيع طريق باب الهوى ـ إدلب، و جعله بمسارين: 40 مترًا غرب الطريق، و 60 شرقه، حسبما كانت قد تعهدت به مجموعة الدول الاثنتي عشرة، حين إنشائه في أوائل السبعينات من القرن الماضي، ليكون طريق الحرير الواصل أوروبا بالخليج العربي، مرورًا بتركيا و سورية فالأردن.

وسوم: العدد 819