صدق من قال لعصيد لا أنت في عير من يبحثون عن علاج أو لقاح للوباء ولا أنت في نفير من يدعون الله عز وجل لرفع البلاء

ما دامت مرجعية المدعو عصيد علمانية، فإنه لا فائدة في تقديم النصح له بالصيغة الدينية " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ..." إلى آخر الحديث النبوي الشريف الذي رواه  عن أبي هريرة رضي الله عنه الشيخان البخاري ومسلم  رحمهما الله ، وأنه  ماض في أسلوب التعريض بالإسلام من خلال التذرع بانتقاد أهله وذلك بطريقته المكشوفة  التي باتت ممجوجة .

مرة أخرى عاد إلى موضوع جائحة كورونا ليشيد  بالجهود المبذولة من أجل إيجاد علاج أو لقاح لها متخذا ذلك وسيلة للتعريض بالتوجه بالدعاء  إلى الله عز  ليرفع البلاء ،علما بأن عموم الشعب المغربي يشيد بالجهود المبذولة لإيجاد العلاج أو اللقاح بل الجميع يدعو الله عز وجل  أن يوفق أصحاب هذه الجهود  ، ويعتبر ذلك جزء من الدعاء المتوجه به إليه سبحانه وتعالى. ولا أحد يقول بوقف تلك الجهود ، والاكتفاء بالدعاء  كما  يتوهم أو يختلق ذلك عصيد ، ليؤسس عليه دعوته الباطلة ، علما بأن ما أسس على باطل كان باطلا .

ولقد أصابه إصابة مقتل في المحزّ من قال له : أنت لست في عير من يبحثون عن علاج أو لقاح للوباء ، ولا أنت في نفير من يدعون الله عز وجل لرفع البلاء بل أنت  مجرد لائك  لغو وهذر تحركه علمانيته التي ترى في الإسلام  منافسا لا قبل لها به . وغاية لغوه وهذره أن يستميل الأغرار إليها لصدهم عن الإسلام، وما هو ببالغ مبتغاه .

وعلى افتراض أن ما جاء في مقاله المنشور في الموقع المعلوم من أن الفقهاء أشاروا على السلطان المولى سليمان رحمه الله بعكس ما يدعو إليه حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بخصوص الحجر عند الوباء،  والذي فيه نهي عن الخروج من أرض الوباء أو الدخول إليها ، وأنه لم يوجد فقيه واحد كان  يعرف هذا الحديث وأنه لا وجد أحد ذكره بين يدي السلطان وهو المعروف عنه أنه كان فقيها  فهل غاب عنه  هذا الحديث أيضا  كما غاب عن فقهائه ؟ وهل ما أشار به هؤلاء الفقهاء على السلطان باستقبال الحجيج المطعون  يلزمهم هم وحدهم  أم يلزم الإسلام ؟  وهل هذا يخول لعصيد أن  يقول : "  أشاروا عليه  بعكس  الحجر الذي أشار به من وصفهم بأهل الرأي والمشورة ، ووصف الأحاديث التي استدل بها الفقهاء بأنها منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستعماله صفة  "منسوبة" إنما  أراد من وراء استعمالها  أن يعطي انطباعا بأنها مشكوك فيها ؟  ومن خوّل  له كذلك أن يلوي بأعناقها ويؤولها حسب هواه ؟ فما الشاهد عنده  بأن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي روته عنه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها   :

 "  عذاب يبعثه الله على من يشاء وأن الله جعله رحمة للمؤمنين ، ليس من أحد يقع الطاعون  ، فيمكث في بلده صابرا محتسبا ، يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر شهيد "

يفهم منه أنه يقول بعكس الحجر كما هو واضح من نص الحديث ، وكما بيّنه علماء الحديث ؟ ألا يفهم من قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أمره الواضح  بالحجر خروجا ودخولا  من وإلى أرض الوباء ؟ وكيف غاب عن فقهاء السلطان مولاي سليمان  وهو الفقيه أيضا هذا الأمر ففهموا عكسه ؟

ومن ذا الذي خوّل لعصيد وصف هذا الحديث بالمنسوب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد رواه حجة الإسلام الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه ؟ ومتى كان عصيد مشتغلا بالحديث أو كان من أهله ليشكك فيه أو في من رواه ؟

ولقد أبى عصيد إلا أن يجعل من سمّاهم أهل الرأي والمشورة مقابل الفقهاء ليوهم أن هؤلاء ليسوا من أهل الرأي والمشورة ، وأن أهل الرأي والمشورة كانوا متنورين بينما كان الفقهاء  جهّالا جامدين  ، وهو التصور العلماني الذي يصدر عنه عصيد في كل ما يكتب وينشر  .

ألم يستشر  أمير المؤمنين  جلالة الملك المجلس العلمي الأعلى، وأعضاؤه  كلهم فقهاء في أمر الحجر للوقاية من جائحة كورونا الذي بدأ بإغلاق المساجد منعا لعدوى جائحة كورونا ثم سرى على كل المرافق التي تعرف تجمعات بشرية ؟  أوليس الذين أفتوه أهل رأي ومشورة ؟

وكان  على عصيد أن يحجم عن الكلام، وقد أنكر حتى من ليسوا بفقهاء  من عامة الناس على الذين خرجوا  للدعاء خروجا يعرضهم للعدوى وأدانوه بشدة . ولكن عصيد هوايته  الصيد في الماء العكر ، وهذا قول يشار به إلى كل من يموّه على قصد يريد إخفاءه  وإظهار غيره ، ذلك أن الصيد لا يكون أصلا في ماء عكر ، ولكن من يصيد فيه إنما يتظاهر بالصيد فيه وغرضه شيء آخر . ولن ينفع عصيد صيده في الماء العكر وهو علماني مكشوف النية والطوية والقصد  لا يخفى أمره على أحد، وهو يستهدف الإسلام بطريقة مكشوفة يظن أنه يستطيع أن يموه بها على قصده  ،  وذلك  بانتقاد أهله وهو يقصد قديمهم وحديثهم لينتهي إلى أن جهلهم كما يعتقد  مرده أنهم ينهلون مما يسميه تراثا غابرا لم يعد لوجوده من مبرر في عصر العلمانية التي يجب أن تكون لها السيادة المطلقة على شؤون الحياة ، ويبقى الدين مجرد طقوس من أراد أن يمارسها فله الحرية في ذلك ، ولكنه ملزم بالخضوع لسلطان العلمانية  وقوانينها وإلا عد من الجاهلين ،والظلاميين ،والقروسطيين ،والمتزمتين ، ولم يعد من العلمانيين ، والحداثيين ،والمتنورين ، ومن القرن الواحد والعشرين ، ومن العصيديين ، وساء هؤلاء سبيلا، وضلوا ضلالا مبينا .

وسوم: العدد 869