عصيد ومحاولة أخرى للنيل من الإسلام عن طريق انتقاد محسوبين عليه ممن يجمعون بين تخصصات علمية و بين الدعوة إليه

المعروف عن العلماني المدعو أحمد عصيد  اتخاذه انتقاد الأشخاص وسيلة للنيل من الإسلام . ويمكن رصد أسلوبه هذا بالرجوع إلى كل ما ينشر له على الموقع المتخصص في نشر مقالاته بانتظام . وآخر ما نشر له مقال تحت عنوان : " ظاهرة الدكاترة المشايخ " استغل فيه انتقاد بعض الدكاترة من ذوي الاختصاصات العلمية الذين يخلطون بين الاشتغال بعلوم المادة ، وبعلوم الدين ليقول في الإسلام ما يشفي غليله كعلماني لا شغل له سوى النيل منه لأنه يحلم بنجاحه مشروعه العلماني في بلد أرضه لا يمكن أن تنبت فيها العلمانية إلا في شكل نباتات طفيلية.

ولا بد  أولا من وقفة عند عنوان هذا المقال لأن صاحبه يريد باستعمال كلمة " مشايخ " السخرية والاستهزاء مع أنها تدل على علو الكعب في العلم والمعرفة ، وما لقب بها إلا  خيار صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهما  وجهابذة المحدثين كالبخاري ومسلم  رحمة الله عليهما ، وأعلام مختلف العلوم حتى أن ابن سينا لقب يالشيخ الرئيس ، فضلا عن كون هذه الكلمة تطلق على  من يرأس المعاهد العلمية كالأزهر الشريف ، وعلى الزعماء والقادة وذوي المكانة والفضل في المجتمعات الإسلامية .  

وما يعنينا في هذا المقال ليس انتقاد الدكاترة المتخصصين في علوم المادة والمشتغلين بالدعوة من مصريين أوغيرهم بل ما قاله صاحبه في حق الإسلام وفيما يلي أمثلة على ذلك تبين أسلوبه المكشوف في محاولة النيل منه بهتانا وزورا .

ـ يقول عصيد : "

فقد اضطر هؤلاء الدكاترة إلى القيام بجهد في محاولة توظيف معارفهم العلمية في خدمة أغراض "الدعوة"، عبر محاولة تقريبها من بعض المضامين الدينية، التي لا علاقة لها في الحقيقة بالمجال العلمي، أو عبر البحث في الدين عن مضامين يحاولون تبريرها علميا دون أن تكون مبررة فعلا. ما أدى بهم إلى بذل جهود كبيرة دون أن يضيفوا أي شيء إلى المجال العلمي  "

فواضح من قوله هذا أنه ينفي علاقة الدين بالعلم  ، وهو ما لا يقول به إلا جاهل جهلا مركبا لأن العلوم المادية إنما نشأت بين أحضان الإسلام ، وكان المتخصصون فيها منذ القديم يجمعون بين المعرفة الدينية والمعرفة العلمية بل كانت المعرفة الدينية هي التي تدفع بهم إلى معرفة علوم المادة ولقد كان ابن سينا العالم يلقب بالشيخ الرئيس كما مر بنا ، ولا حاجة لسرد أسماء العلماء الفقهاء والشيوخ .

ومما قاله عصيد أيضا مستهدفا الإسلام قوله :

"نحن هنا أمام أشخاص يحملون ألقابا علمية منحتها إياهم جامعات أجنبية، يكونون بلا شك مفيدين عندما يتحدثون في دائرة اختصاصهم العلمي، لكنهم يفضلون مغادرة تكوينهم العلمي الأصلي نحو الاهتمام بقضايا خارجة عن نطاق العلم الذي درسوه، مما أدى إلى مجازفات أحدثت أضرارا بليغة في عقول الناس، أبسطها إلهاءهم عن العناية بالعلوم الحقيقية وتطويرها محليا، ودفعهم إلى اللهاث وراء خرافات وأساطير لا أساس لها،

فمن الواضح من قوله هذا وصف حقائق الدين الإسلامي بالخرافات والأساطير التي لا أساس لها، لأنه لا يريد أن يتحدث المتخصصون في علوم المادة عن أمور الدين والاستعانة بذلك على دعوة الناس إليه ، وقد وقفوا على إعجاز القرآن الكريم العلمي مع العلم أن علماء من غير المسلمين متخصصين في علوم المادة أقروا بهذا الإعجاز، فمنهم من دخل الإسلام ، ومنهم من يسلم ،ولكنه  مع ذلك اعترف بالإعجاز إما منصفا  وإما مكرها على ذلك  أما ثبوت الأدلة الدامغة على الإعجاز ، ويكفي أن نشير كمثال على ذلك  إلى الدكتور موريس بوكاي ، ولا حاجة لسرد قائمة بأسماء غيره من العلماء مسلمين وملحدين .

ومما قاله أيضا عصيد وهو يستهدف دائما الإسلام قوله :

 هذه العينة الأخيرة من الدكاترة التي تتمتع بلا شك بكفاءة وتكوين علميين في مجال تخصصها، لا تضع نصب أعينها تنمية المعارف العلمية عند الآخرين، بل يصبح همها الرئيسي تأويل العلوم في خدمة الإيديولوجيا الدينية، وتأويل بعض المضامين الدينية لإعطائها شرعية علمية، بعد أن بدأت تهتز في عصر العلوم والتكنولوجيا والثورات الديمقراطية وحقوق الإنسان

وفي قوله هذا تحامل آخر واضح على الإسلام حيث وصفه بالإيديولوجيا الدينية ، ونفى أن تكون له شرعية علمية ، وأن مضامينه بدأت تهتز في عصر العلوم والتكنولوجيا والثورات الديمقراطية وحقوق الإنسان . وبهذا الشكل السخيف والمثير للسخرية يقحم الديمقراطية وحقوق الإنسان في الحديث عن العلوم والتكنولوجيا وكأنهما من العلوم ومن التكنولوجيا ، وكذلك سولت له علمانيته .

ومما قاله أيضا :

وسوف نلاحظ بأن المضامين الدينية التي يتم الاهتمام بها من طرف الدكاترة ـ المشايخ لإعطائها شرعية علمية هي تلك المضامين بالذات التي أصبحت تهتز أمام المعارف العلمية في عصرنا،

ومرة أخرى يزعم في قوله هذا  أن المضامين الدينية أصبحت تهتز أمام المعارف العلمية في عصرنا ، وهذا مذهب العلمانيين واعتقادهم الذي يزعم وجود الصلة بين علمانيتهم والعلوم ، وينفونها عن الدين عموما و عن الإسلام خصوصا .

ومما قاله أيضا :

إن شرعنة الشعوذة والخرافة باللقب العلمي هو من أسوأ أعمال الدكاترة ـ المشايخ، الذين استفادوا من الرواج التجاري لكلامهم في سوق "الدعوة

وهكذا تتحول المضامين الدينية عند عصيد إلى شعوذة وخرافات .

ومما ختم به مقاله قول:

إن ظاهرة الدكاترة المشايخ هي من الحلول التي أوجدها الإسلام السياسي لمعادلة التأخر التي تعاني منها بلدان المنطقة، فإرساء أسس النهضة العلمية بأسسها الكونية ليس في صالح الإسلام السياسي، لأنه يساهم في نشر المعارف العلمية في المجتمع، كما أنه مرتبط بالنظم والاختيارات الديمقراطية ويشكل حزاما واقيا من الخرافة والتفسيرات القديمة، بينما يعمل الإسلام السياسي اعتمادا على الفقه القديم، وكل ما يرتبط به من روايات وثوابت ومنهج تفكير، وهذا ما أدى به إلى اللجوء إلى التلفيق عبر محاولة إلباس علوم الغرب وابتكاراته لبوسا دينيا، ما يؤدي في النهاية إلى فقدان الإثنين، فقدان العلم والسقوط في الخرافة، وفقدان الدين بتعريضه للنقد والتحليل المنهجي. والنتيجة استمرار هذه البلدان في استيراد التكنولوجيا المصنعة والأسلحة بأثمان باهظة، وإغراقها في مظاهر التدين السطحي التي أفقدت هذه المجتمعات قيم المواطنة وأخلاقها النبيلة، كما أفشلت مسلسل انتقالها إلى دمقرطة سياسية مترسخة

وفي قوله هذا تمويه مكشوف على النيل من الإسلام بإضافة صفة سياسي له وهي صفة صارت تأخذ منحى قدحيا  في الغرب العلماني وعند طوابيره العلمانية الخامسة في بلاد الإسلام .والحقيقة أن عصيد يريد تحميل مسؤولية تخلف المسلمين للإسلام ، وأن النهضة في نظره إنما تتحقق بالنهج العلماني والديمقراطي أو ما سماه النظم  والاختيارات الديمقراطية، وهي عنده في كفة واحدة مع النهضة العلمية بأسسها الكونية . وفي المقابل يصف الإسلام بالخرافة والتفسيرات القديمة ، والفقه القديم، وما يرتبط به من روايات وثوابت ومنهج تفكير .

وهكذا وبهذا الفكر العلماني الوسخ يتعمد عصيد النيل من الإسلام لترجيح كفة علمانيته بادعاء انتسابها إلى العلم مقابل نسبة الإسلام إلى الخرافة والأسطورة للصد عنه حتى تجد علمانيته المجال فسيحا لتهيمن وتسيطر ، وما هي ببالغة ذلك في سواء المغرب المسلم أوفي غيره من بلاد الإسلام حتى يلج الجمل في سم الخياط .

ونختم بالتنويه مرة أخرى أن هذا الرد على مقال عصيد ليس دفاعا على أحد بل هو دفاع عن دين الله عز وجل.

وسوم: العدد 873