أثر تطبيق قانون قيصر.. على المشهد الاقتصادي والمعيشي السوري

تم توقيع قانون العقوبات الأمريكية الأخير الذي يحمل اسم "قيصر" أواخر عام 2019، ودخل فعلياً حيز التنفيذ في منتصف شهر حزيران/يونيو 2020. 

وقد أتى تطبيق القانون في مرحلة صعبة للغاية يعاني منها الاقتصاد السوري من تراجع في مختلف المؤشرات، ومن تدنّي الوضع المعيشي والإنساني في مختلف المناطق على خلفية حرب مستمرة دمرت معظم الجهاز الإنتاجي، وجانباً مهماً من البُنى التحتية وشردت ملايين من السوريين، وتركت خلفها مدناً بأكملها خاوية على عروشها.

ووفقاً للقانون، فإنّ تنفيذه سيستمر طالما استمر قصف المناطق السورية وحصارها، ومنع تدفق المساعدات الإنسانية للمدنيين، واستمرار عمليات التهجير القسري، وعدم وجود آلية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة، واحتجاز مدنيين بشكل تعسفي.

ونص القانون على ضرورة تقييم المعاملات التي يقوم بها مصرف سورية المركزي خلال 180 يوماً من دخوله حيز التنفيذ، وهو ما يستحق نهاية عام 2020. ويتوقع أن وزارة الخزانة الأميركية قد قدمت بالفعل تقريرها للجان الكونغرس المعنية حول عمليات المصرف المركزي السوري، وما إذا كان يقوم بعمليات غسيل أموال لصالح النظام السوري. كما يُتوقع أن يتم تحديد الأشخاص الأجانب والجهات الحكومية التي تدخل بشكل رئيسي في نطاق العقوبات المنصوص عليها. 

كما نص القانون على وضع قوائم بالشخصيات والجهات الأجنبية التي تقدم مساعدة للنظام السوري في مجال الخروقات التي يقوم بها.

استهدف قانون قيصر منذ البداية عزل النظام السوري عن العالم من خلال فرض عقوبات على أي كيان/شخصية تتعامل مع النظام في المسائل التي تُعدّ محل فرض عقوبات، كما استهدف القانون وقف عمليات إعادة الإعمار وتدفق أي أموال محتملة على سبيل الاستثمار في سورية، وتخفيض الموارد الرئيسية التي يمكن للنظام السوري أن يحصل عليها. 

كما سعى القانون إلى منع النظام من الاستفادة من التقنيات المتقدمة في مجال الاتصالات والطاقة وأي تقنيات حديثة، كما شجع القانون على تقديم تقارير ووثائق حول انتهاكات حقوق الإنسان في سورية، ودفع باتجاه فسح المجال للمؤسسات الإنسانية الراغبة بالعمل في مناطق سيطرة النظام السوري بالتحرك بعيداً عن النظام السوري. 

ولكن هذا كله يبقى محل جدل من أطراف مختلفة حول ما تم تطبيقه وما يمكن تطبيقه وما هي آثار تطبيقه.

يأتي هذا التقرير بعد مرور خمسة أشهر على دخول قانون قيصر حيز التنفيذ، ومن الضروري مراجعة آثاره التي نتجت عنه سواء على النظام السوري أو على المدنيين السوريين المتواجدين في مناطق النظام أو في المناطق الخارجة عن سلطته، ويهدف هذا البحث إلى إجراء مراجعة لما تم تطبيقه وما نتج عن ذلك من آثار عملية التطبيق.

وسوم: العدد 904