الدَّمُ الأسود

خلال ما يقارب عشرين شهرا كانت الشاشات العالمية الإخبارية شبه محصورة على أخبار حرب الدم الأبيض بين الأوكران مع الغرب من جهة وبين الروس المعتدين من جهة أخرى، وتتصدر دوما أخبار هذه الحرب الغربية الشرقية كل النشرات الإخبارية، وتأكل من الوقت حصة الأسد.

حتى إذا جاءت حرب السابع من أكتوبر في فلسطين المحتلة وغزة النازفة؛ وأبهرت العالم المتعالي بقوته، استأثرت الحرب الغزاوية بكل الاهتمام المحلي والعالمي؛ لأنها بدت وكأنها ستغير مجرى التاريخ، وستخط في منطقة الشرق الأوسط خارطة طريق جديدة، مع تغيير قواعد اللعبة التي تمسك بمَفصِلها دول الاستحمار والاستكبار العالمية.

وخلال أكثر من مئة وتسعين يوما من الحرب المجنونة الصهيونية على غزة؛ فإن الدم "الأسود" كان ما يزال يسيل في دولة السودان الشقيقة أنهاراً في حرب بين قوات التدخل السريع والبطيء؛ وكذلكم الدم "الأبيض المتوسط" يتدفق كشلالات نياجرا في سوريا التي تسبح في بحر الدماء منذ منذ أكثر من خمسة ألاف يوم أحمرَ قانٍ.

فما الفرق بين لون الدماء يا وكالات الأنباء المسيسة؟ ولن أخوض في عِرض الوكالات الإخبارية الأجنبية فهي تُكِنُّ العداء لنا منذ الأزل، ولكن أسائل الوكالات العربية منها؛ وعلى رأسها "الجزيرة"؟!

حتى إن بعض وكالات الأنباء العربية تضع مساحات كبيرة في نشراتها على مدار الساعة لأخبار الرياضات والفنون وغيرهما من سفاسف الحياة وتوافه العيش ونوادر الأمم الأخرى!

بل وإن بعضها تروج الأراجيف لتخذيل المقاومة الحرة الشريفة في الأَرض الطهور، وتضليل الناس السُّذَّج عن الحقيقة البيضاء، ولوم أهل فلسطين لأنهم انتفضوا بعد عقود على دولة الإجرام العالمي المتعهر .. الديموقراطي.

وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فقد أوردت قبل شهور قناة عربية محترمة تقريراً إخبارياً مصوراً عن قادة المقاومة وكيف أنهم قد أقاموا إمبراطوريات اقتصادية وعمرانية خارج فلسطين؛ بُعيد أن هربوا مع عائلاتهم ليتنعموا برغد العيش هنالكم؛ فيما يرزح أكثر من مليوني غزي تحت الحصار الخانق ؛ ناراً وجوعا وعُرياً!!

ولكننا نفاجأ قبل أقل من أسبوع عن استشهاد سبعة من أبناء وحَفَدة قائد حمساوي كبير في غارة جبانة شنتها مسيرة صهيونية عليهم فأودت بحياتهم؛ وهم يحتفلون بعيد الفطر السعيد!!

أي عهر هذا؟!

اليوم 193 من تاريخ النصر القريب

في فلسطين

وسوم: العدد 1076