زواج سيّدتنا زينب بنت جحش من خلال كتاب نور اليقين 30

من معاني الكفاءة في الزّواج لدى العرب:

قال: "وكان من أمر زواجها (زينب بنت جحش) لزيد أنّ الرسول صلى الله عليه وسلّم خطبها له فتأفف أهلها من ذلك لمكانها في الشرف العظيم، فإنّ العرب كانوا يكرهون تزويج بناتهم من الموالي ويعتقدون أن لا كفئ من سواهم لبناتهم، وزيد وإن كان الرسول تبناه ولكن هذا لا يلحقه بالأشراف". 169

أقول: ما زال -ولغاية سنة 3، أو 4، أو 5 هجري-. أسيادنا الصحابة يرون الكفاءة في الزّواج بمنظور ما قبل الإسلام. أي الشريف فيهم لا يتزوّج الموالي.

من جهة أخرى نظام التبني المعمول به في فترة الجاهلية -ولغاية هذه اللّحظة-. وإن كان يمنح المستفيد منه جميع حقوق الابن، والقبيلة. إلاّ أنّ الزّواج مستثنى من هذه الحقوق. ولذلك رفضت سيّدتنا زينب بنت جحش الزّواج من سيّدنا زيد بن حارثة رضوان الله عليهما. لأنّه ليس بالشريف وإن كان ابن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. بالتبني من قبل إلغاء نظام التبني المعمول به عند العرب.

يفهم من هذا أنّ العرب لا تتساهل مع موضوع الزّواح. والكفاءة لدى العرب مقدّمة على كثير من العناصر الجذّابة، والمغرية.

إلغاء نظام التبني:

قال: "ولما كانت العشرة بين هذين الزوجين ضربا من العبث أمر الله نبيه أن يتزوّج زينب بعد طلاقها حسما لهذا الشقاق من جهة وحفظا لشرفها أن يضيع بعد زواجها بمولى من جهة أخرى". 170

أقول: كان سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. يأكل، ويشرب، ويلبس، ويمارس عادات قومه من قريش ما لم تكن حراما، وما لم ينزل في حقّها قرآنا يمنعه من ذلك. ويدخل التبني ضمن هذه القاعدة. لكن ولصعوبة التّخلي عنه، والتزوّج بزوج "الابن". باعتبار التبني هو ابن في عرف العرب. شاء الله تعالى أن يكون منع نظام التبني علانية، وعلى يد سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. حتّى لا يرتاب فيه أحد، ولا يمكن بحال أن يعود إليه المجتمع الناشئ. فتمّ اجتثاثه من الجذور ودون رجعة، وبقوّة لا يمكن مراجعتها ومهما كانت الأسباب.

الشرف المزدوج لسيّدنا زيد بن حارثة:

قال: "إنّ الله حرّم التبني على المسلمين لما فيه من الأضرار وأنزل فيه سورة الأحزاب. ومن هذا الحين صار اسن "زيد بن حارثة" بدل "زيد بن محمّد" ". 170

أقول: من عظمة الله تعالى في التشريع، وفي حبّه لحبيبه سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. أن جاء ذكر سيّدنا زيد بن حارثة في القرآن الكريم يتلى وإلى يوم الدين. وكأنّ الله يقول له: إنّ الذين رفضوك زوجا لأنّك من الموالي ولست من الأشراف. فإنّي منحتك شرفا يحلم به الشرفاء، ومنزلة عالية يتشوّق لها الكبار العظام وهي ذكرك في القرآن الكريم. "فَلَمَّا قَض۪يٰ زَيْدٞ مِّنْهَا وَطَراٗ زَوَّجْنَٰكَهَا لِكَےْ لَا يَكُونَ عَلَي اَ۬لْمُومِنِينَ حَرَجٞ فِےٓ أَزْوَٰجِ أَدْعِيَآئِهِمُۥٓ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراٗۖ وَكَانَ أَمْرُ اُ۬للَّهِ مَفْعُولاٗۖ "، سورة الأحزاب 37.

ويكون بهذا سيّدنا زيد بن حارثة نال الشرف المزدوج: ابن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلّم. بالتبني طيلة العمل بنظام التبني. وذكره في القرآن الكريم بعد إلغاء نظام التبني.

وسوم: العدد 1129