مؤامرة أم تغيير مسار ثورة

د. أبو الضاد السالم

د. أبو الضاد سالم السالم

منذ الخامس عشر مارس 2011 والنظام يتحدث عن مؤامرة خارجية تريد زعزعة البلد وأنه سيقف لها بالمرصاد ، وقد تبنى هذه النظرية الكثير من القوميين العرب والمثقفين وحتى السوريين ، وطبعاً لم يكن إلا أقلية منهم تدافع على النظام ، أما الباقي فكانوا يبدون تخوفهم على سوريا وحدة ً وشعباً

صحيح أن ما جرى في سوريا في البداية لم يكن ثورة ، بل كان حراكاً شعبياً غير منظم يطالب بعدالة إجتماعية وحرية وكرامة ، إذاً غاب التخطيط والتنظيم عن هذا الحراك وهو ما يدحض نظرية المؤامرة منذ البداية

ولكن رغم إستعمال الألة العسكرية الفتاكة والقتل والتعذيب الممنهج و مع مرور الوقت توسع الحراك ليمتد لعدة محافظات ، ومع ظهور التنسيقيات المحلية بدأ يتحول الحراك الى فكر وثورة ، وبلغ عدد نقاط التظاهر السلمية الى أكثر من 850 نقطة مع خروج مئات الآلاف من المواطنين في بعض النقاط  ( حماه وديرالزور

إذاً الشعب السوري قال كلمته بأعلى صوت ( الشعب يريد إسقاط النظام ) ، وحتى لو كان هذا المطلب غير واقعي سياسياً ، فهو صدر من القلب بعد أكثر من أربعين عاماً من الظلم وبعد أن قُوبلت المطالب البسيطة السلمية بالرصاص

من جهة أخرى كانت المعارضة المستجدة والتقليدية بكل أطيافها ولظروف عديدة متأخرة عن الحراك الثوري ؛ فكانت محاولة اللحاق به واحتوائه متسرعة وأنانية ، وبدل أن تكون داعم له أصبحت عبىء آخر عليه

أعتقد أن الخطأ الرئيسي للمعارضة أنها مشت وراء القلب وتركت السياسة ، فأصبحت تزايد على المطالب الشعبية بإسقاط النظام وبالتدخل الأجنبي ، وأن سقوط النظام مسألة أيام ، والسبب عدم وجود قيادة مشتركة بين الداخل والخارج وبالتالي غياب التنسيق

من جهة أخرى ونظراً لمكانة سوريا السياسية وموقعها الجيوستراتيجي ، لا يمكن للدول العظمى أن تأخذ دور المتفرج ، وبالتالي كل دولة تبحث عن دور رئيسي خصوصاً الولايات المتحدة التي تهيمن حالياً على العالم، ومع وجود دولة إسرائيل على الحدود السورية

أعتقد أن ضعف النظام السوري مع الوقت جعل إيران تأخذ دور الريادة في الأزمة السورية خصوصاً أن سقوط هذا النظام يعني توقف أو تراجع المشروع الأيراني في المنطقة .

أما بالنسبة لروسيا والصين فيبحثان عن توازن إستراتيجي في القوى بالمنطقة وبالتالي تُعتبر سوريا أخر حليف في الشرق الأوسط ،  مع التخوف من بديل إسلامي قد يؤثر ويكون داعماً للمقاومة الشيشانية

كل هذا يجعل طرح سؤال المؤامرة مشروعاً؟ لكن أين الثورة السورية من كل ذلك ؟

من الطبيعي أن تبحث الدول العظمى والأقليمية عن مصالحها وتحاول إختراق الثوة أو تغيير مسارها بما يناسب رؤاها ، ونحن نعرف أن الديمقراطية لن يسمح بها لا عاجلاً ولا آجلاً فهي تجسد تحول حقيقي مجتمعي يقود لنهضة أمة ، وهذا ما يشكل خطراً على الكيان الأسرائيلي وحتى منطقة الشرق الأوسط

من وجهة نظر الآخرين الدفاع عن مصالحهم ومكاسبهم في المنطقة ؛ وسواء خُطط للموضوع ( مستبعد وغير واقعي ) ، أو تفاجؤا فلن يذخروا جهداً في تغيير مسار الثورة وهو ما يحدث الأن

أضف الى ذلك بروز مجموعات إسلامية مسلحة بعضها متشددة ، مع إنتشار ظاهرة المال السياسي ، أدى لفوضى التسلح والتسليح ، هذا كله يدخل في مصلحة أعداء الشعب السوري ( النظام وحلفاءه ، إسرائيل وحلفاءها )

إذاً لا يوجد حليف حقيقي للشعب السوري ، الكل يبحث عن مصالحه ، وعلينا نحن البحث عن مصالحنا .

الكل يريد تحويل مسار الثورة حسب أجنداته الخاصة ؟ لكن نحن ماهو دورنا ؟

إذا طرحنا مبادرة حل سياسي متكاملة ومدروسة ومتفق عليها من جميع الأطراف ، سيضطر المجتمع الدولي بقبولها وسيضغط على بشار الأسد لقبولها لأن عكس ذلك معناه إن تدخل المنطقة في فوضى كاملة ، لا شي مضمون فيها بما في ذلك أمن إسرائيل الذي يعتبر خط أحمر ، وهكذا تفرض الثورة شروطها بتغيير هذا النظام

الحل العسكري هو المفتاح والحل السياسي هو القفل

الثورة يجب أن تكون متكاملة :

ـ إنتصارات عسكرية ميدانية وهي تتحقق يومياً ، النظام يعرف أنها مسألة وقت

ـ إنتصارات إعلامية ، الحمد لله نشطاءالثورة في الدخل يقومون بجهود خارقة في هذا المجال بالذات

ـ بقت الأنتصارات السياسية ، لقد تركنا الساحة فارغة للنظام السوري وتأخرنا في طرح برنامج سياسي شامل نفرضه على الداني والقاصي لأننا أصحاب حق .

إن ماينقصنا حالياً هو وقفة مع الذات ، ومراجعة و إعادة تقييم للخطوات المتبعة، مع  توحيد صفوفنا الداخلية والخارجية .

فلنتحد تحت شعار واحد واحد واحد الدم السوري واحد ، الشعب السوري واحد ، الأمل السوري واحد ، ولن نهزم وسننتصر .