مَنْ لِلسُّوريينَ بأصدقاءَ على شَاكلةِ أصدقاءِ النِّظام؟

مَنْ لِلسُّوريينَ بأصدقاءَ على شَاكلةِ أصدقاءِ النِّظام؟

محمد عبد الرازق

في الوقت الذي يعلن فيه وزير الدفاع الفرنسي ( جان ايف لو دريان ) في مؤتمر صحفي ببيروت: ليست لدينا أيَّة نية اليوم، أو غدًا، في تقديم أسلحة إلى المعارضة السورية، يأتي تصريح قائد الحرس الثوري الإيراني( محمد علي جعفري ) لوكالة أنباء الطلبة الإيرانية بأنه يوجد في لبنان، و سورية مقاتلون من فيلق القدس بصفة ( خبراء ).

لقد استبشر السوريون خيرًا عندما تنادت الدول لعقد مؤتمر أصدقاء سورية، في أشواط مارثونية غير محددة العدد ( هو برسم خدمة الشعب السوري طالما الأمور تحتاج ). و كان الشوط الأول له في تونس، و كانت النتائج التي تمخضت عنه دون التوقعات، رغم الأفكار الممتازة التي تقدم بها الوزير سعود الفيصل عن تسليح الجيش الحر ( صُححت فيما بعد: الشعب السوري )؛ فقالوا عساها تكون أفضل عندما يجري الشوط الثاني في تركيا، حيث سيتمّ تطييب خواطر الإخوة الأتراك بعدما خرجوا متعكري المزاج من مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي عقد في الرباط، على إثر تصريح نبيل العربي بأن الشأن السوري مسألة عربية داخلية.

و هكذا جاء وقت الشوط الثاني؛  و لم يكن أداء الحاضرين بأحسن حالاً، فلقد انفضّ سامر القوم، و ازداد النظام شراسة و عنفًا.

و انتظروا بعد ذلك بفارغ الصبر أحداث الشوط الثالث في باريس، حيث مآلات الأمور قد ألقيت في حضن الدولة صاحبة النفوذ القديم في سورية، ولا سيما أنه قد استدعيت معارضة الداخل ( خالد أبو صلاح ) للحضور، و حضر ممثلو الجيش الحر كذلك، إلاَّ أن الخاتمة لم تكن تشي بما يبشر بالخير؛ فمظاهر عدم الارتياح و الرِّضا كانت بادية على وجه الوزيرة ( كلينتون ) في المؤتمر الصحفي المُعدّ لإعلان النتيجة؛ وذلك بسبب كلمات الوفود الخليجية المتشددة ( الإماراتية، و القطرية )، و سعيًا منه في لملمة الموضوع حتى لا تخرج خلافات الأصدقاء على الملأ، بشر الوزير ( فابيوس ) وسائل الإعلام بانشقاق العميد ( مناف طلاس ) باعتباره إنجازًا نوعيًّا سيسجل للمخابرات الفرنسية .

 ثمَّ قالوا انتظروا مفاجآت الشوط الرابع في الرباط ( كازبلانكا ) في سبتمبر؛ ففيه سترون ما يرضيكم من النتائج، و هذا سبتمبر يوشك أن يودعنا، و بطاقات الحضور لم توزع بعدُ. و لا ندري متى ستطبع، ثمّ ستوزع على الحضور، و كم هي نسبة المشاركة، و على أي مستوى؟ العلمُ عند الله، و كفى به حاسبًا و عليمًا.

لقد كانت حصيلة هذه الأشواط المارثونية الأصدقائية ما يأتي:

1ـ وعودٌ مالية سخية.

2ـ أفكارٌ تسليحية ممتازة.

3ـ اعترافات لفظية مقيدة الدلالة بالمجلس الوطني.

و لكن بالمقابل انظروا ما كان من بضع أصدقاء يسندون ظهر النظام:

1ـ ثلاثة فيتوهات مزدوجة غير مسبوقة في مجلس الأمن.

2ـ إمدادات مالية تجاوزت ( الاثني عشر مليارًا: ثمانية من المالكي، و أربعة من خامنئي ) ضُخّت في البنك المركزي السوري.

3ـ بواخر من الأسلحة الإيرانية مخرت عباب قناة السويس، و لم يتمّ اعتراضها لأن أية دولة عربية ( صديقة للشعب السوري لم تتقدم بطلب منع عبور لها بحسب ما أفاد أمين عام الجامعة العربية ).

4ـ بواخر من الأسلحة الروسية استطاعت الوصول إلى طرطوس بعد التغلب على مسألة ( بوليصة التأمين ) التي أثارتها بريطانيا، المتحكمة بعبور السفن ببحر الشمال.

5ـ هبوط عشرات الطائرات ( المدنية، و العسكرية ) في مطار دمشق، و إفراغ حمولاتها بما يسدّ العجز للجيش النظامي، رغم الرقابة على أجواء العراق، و أوروبا، بسبب حظر التسليح المفروض من الترويكا الأوروبية على سورية.

6ـ وصول شحنات الديزل الفنزولية، و عودتها سالمة بعد رحلة دامت أربعة أسابيع، و هناك المزيد منها سيصل إلى دبابات الجيش السوري كما وعد الرئيس ( تشافيز ).

7ـ إمدادات لم تنقطع من الخبراء بحسب توصيف محمد علي جعفري: ( بوتينييون، و نجادييون، و مهدييون، و إيلييون كيمييون، و نصراوييون).

و القائمة تطول، و حصرها يصعب على المتابع؛ غير أنها معروفة التفاصيل: كلّ ما يحتاجه النظام في معركته ـ بلا قيد أو شرط ـ .      

هذه هي حقيقة مواقف أصدقاء الشعب السوري العُهْنيَّة، في مقابل مواقف أصدقاء الأسد الفولاذية. و لك أخي القارئ مطلق الحرية في أن تقتنع بجدية أيّ منهما؛ و لكن نستميحك العذر في أن تسمع ما يردده السوريون صباح مساء: صديقُك من صَدَقك، لا مَنْ صدَّقك.