غنائم الثورة.. وكرسي الرئيس
غنائم الثورة.. وكرسي الرئيس
علاء الدين العرابي
عضو رابطة الإسلام العالمية
التيار الليبرالي يتهم التيار الإسلامي وخاصة تيار الإخوان بأنه استعجل غنائم الثورة ، ويستخدم مصطلح " التكويش " في إشارة إلى ذلك ، ويستحضر مشهد موقعة أحد حين سارع الرماة بترك الجبل استعجالا للغنائم والمعركة لم تنته بعد
ويرد التيار الإسلامي بأنه لم يحز أي غنائم إلى الآن وما أخذه هو أغلبية في مقاعد البرلمان جاءت وفق انتخابات حرة كان التيار الليبرالي مشاركا فيها ، فهل حقا هناك غنائم ؟
الغنيمة في كتب اللغة هي : " الفوز بالشيء دون مشقة " وحسب هذا المعنى هناك طرفان في مشهد الثورة المصرية طرف لم يشارك في الثورة ويريد غنائمها ، ويدخل ضمن هؤلاء أصحاب الثورة المضادة ، وطرف شارك في الثورة ، ومنه التيار الإسلامي وخاصة تيار الإخوان ، وبعض قوى التيار الليبرالي الذين بذلوا مشقة في الثورة ، وبالتالي هم خارجون من هذه المعادلة
والغنيمة في كتب الفقه هي : " ما ظفر به من جهة العدو وغيره " وحسب هذا المعنى تكون الثورة عبارة عن معركة ، وإذا اعتبرنا أن طرفي المعركة هم الثوار من ناحية ، ونظام فاسد من ناحية أخرى ، فلنا أن نتساءل أين الغنائم في تلك المعركة ؟ 00
الحقيقة أن النظام البائد لم يترك وراءه غنائم بل ترك ألغاما ، وأطلالا ممتدة عبر طرق صحراوية مليئة بالشوك وشجر المر والحنظل.
قد يري البعض الغنائم في كراسي الحكم ، وحتى هذه لا تعد غنائم في مرحلة ما بعد الثورة ، فهي كراسي مفروشة بالأهوال ، ولكننا إذا اعتبرناها غنائم فسوف نتهم كل التيارات المشاركة في الثورة بأنها نزلت من فوق الجبل قبل انتهاء المعركة ، الأحزاب الليبرالية العتيقة منها والحديثة قبل أحزاب التيار الإسلامي ، وأيضا سنجد أن السباق إلى كرسي الرئاسة تسارع إليه العلماني واليساري والليبرالي قبل الإسلامي ، والأدهى والأمر من ذلك أننا وجدنا فلول النظام يتنافسون عليه
وجبل الرماة هو الميدان ، وقد كان يجب أن يبقى الكل في أماكنهم في الميدان بعد تنحي الرئيس المخلوع حتى تنتهي المعركة تماما ، وقد أخطأ الجميع في ترك الميدان ، ولكن المدهش في هذه الثورة العبقرية أنها استبقت على الميدان حتى النهاية ، فلم تنته المعركة بعد ، ولم تنفذ سهام الثوار
أما بالنسبة للقوى السياسية التي تتسابق على كراسي الحكم فمنها من يريدها لخدمة الوطن ، وهناك من يريدها لتحقيق مجد شخصي ، وكل بحسب نيته فمن كانت نيته خدمة الوطن فيجب أن يعلم أن سهام الثوار لازالت في الميدان ، وعليه أن يحسب لها ألف حساب ، وأما من يريدها مجدا شخصيا فسوف تدوسه الأقدام ، لأنه قد انتهى زمن القائد الملهم ، والزعيم الأوحد
والطريق إلى كراسي الحكم هي صناديق الانتخابات ، ولأن تجربة الديمقراطية لها أدواتها وتحتاج إلى خبرات متراكمة حتى تنضج فسوف تظل التجربة بين شد وجذب ، بين قوي يحاول أن يمارس حقه ، وضعيف يحاول أن يعرقل القوى من الوصول ، وسيبقى هذا الوضع حتى تضع الحرب أوزارها ويؤمن الجميع بأن الحل هو الممكن وليس بالضرورة هو الأمثل للسير إلى الأمام
خلاصة الأمر أن لدينا تفسيران للغنائم فإذا أخذنا بالتفسير الفقهي فسوف تكون غنائم الثورة المصرية قد حصدها الشعب المصري كله حين أجبر طاغيته على التنحي واسترد حريته 00 أما إذا أخذناها بالمعنى اللغوي فتكون الثورة المصرية ثورة بلا غنائم لأنها لم تكتمل بعد ، وكل غنائمها إلى الآن عدة مقاعد في برلمان مهدد بالحل ، وكرسي وحيد للرئاسة لم نضمن بعد إذا كان من يجلس عليه فرد واحد أو تسعة عشر فردا.