انقلاب في سوريا هو لله وهو على الله
انقلاب في سوريا هو لله وهو على الله
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
هي عبارة شغلت تفكيري طوال اليوم , جاءت من خلال حديث في داخلي كأني رأيتها على التلفزيون , مكتوبة في أسفل الشاشة على قناة الجزيرة .
هي ماشغلني بالعبارة هو طرحها , وكيف يكون الانقلاب لله ومن بعدها مباشرة هو على الله , فكرت فيها كثيراً وحاولت صياغتها ومعناها , ولكن أصطدم بعقبة كيف يكون الانقلاب على الله .
لو حللنا الواقع الحالي في سوريا , وأخذنا القضية من جميع جوانبها , والمؤثرات فيها :الداخلية والخارجية والمرتقبة , نجد أن المجتمع الدولي يكاد يكون متفقاً على بقاء الوضع الحالي , مع التقليل من عدد الضحايا قدر الامكان بتطبيق خطة عنان ووجود المراقبين الدوليين , فعلى حد زعمهم طالما الأمر ليس له مخاطر ممتدة للجوار والمصالح المرتبطة , وبالتالي سيصل الفريقان لمرحلة الضعف والاستنزاف على حساب الدولة السورية , بالاضافة إلى ذلك فسوريا لن تؤثر على الاقتصاد الدولي , ولا تحتل المرتبة المؤثرة لاصناعياً ولا تمتلك ثروات استراتيجية مؤثرة عالمياً , مع عدم وجود معارضة سيساسية واضحة المعالم والأهداف والتأثير , حتى يمكن الاعتماد عليها في المستقبل كسلطة بديلة للحالي .
والوقائع على الأرض واللاعبين من المجتمع السوري في الداخل , سيصلون إلى قناعة تامة أنه لابد من البحث عن حلول داخلية , للخروج من هذا الوضع المدمر لكل شيء , وخصوصاً تدمير الانسان .
في الأشهر الأولى لانطلاق الثورة , كان القتلى فقط من صنف واحد من الشعب السوري المناهض للنظام , وبعد التراكم الجرائمي للعصابات المجرمة ورئيسها , كان هناك رد الفعل المعاكس والمتمثل بتشكيل الجيش الحر , والدفاع عن النفس , ومن ثم ارتفع الصراع ليصبح القتل متبادلاً بين الطرفين , وكل طرف يستخدم الوسيلة الممكنة لايقاع الأذى بالطرف الآخر , وأصبحت قيادات العصابات الاجرامية المتمثلة بالحاكم والمقربين منه , تتلذذ في رؤية القتلى من الطرفين , فالمحسوبين عليها تعتبرهم شهداء في سبيل الشبيح بشار , والشهداء من الشعب المعارض تعتبرهم عصابات اجرامية , وكل من يهتف باسم الثورة ,هو مجرم لأنه تطاول على قدسية المتأله بشار .
وهنا يطرح السؤال الآتي :
من هو المستفيد من قتل هؤلاء الناس ومن الطرفين ؟
غالبية الشعب السوري وصل لقناعة تامة أن النظام الحاكم في سوريا قد أصبح من الماضي , وهو لم يقدم لهذه الأمة إلا الفقر والبؤس والدماء والتشريد وكثرة المعتقلات , والفساد بكل أنواعه والانحطاط , ولذلك قام بثورته هذه للتخلص من هذا الحكم , لنيل حريته بعد أن امضى حوالي نصف قرن في ظل حكم ظالم حرمه حتى من التنفس , فهو محسوب عليه ,إلى نظام حكم يعترف بالمجتمع ككل ,فهو خير سيعم على الجميع , في حين أن المدافعين عن النظام الديكتاتوري المتخلف , والمستفيدين منه لايمثلون إلا أقلية بسيطة في المجتمع السوري لاتزيد عن الخمسة في المائة كأعلى تقدير .
وبالتالي هؤلاء معرضون للقتل , وبدأت يد العدالة تصل إليهم يومياً على جرائمهم , والداعمين لهم يتقصون يومياً في حالات الانشقاقات المتسارعة في الأجهزة العسكرية والأمنية , وهذا يعني أن إطالة الزمن على الوضع الراهن هو الفناء شبه التام لهؤلاء المدافعين عن النظام المجرم .
ولو فكر هؤلاء بطريقة يستطيعون فعلها, وهو الانقلاب على النظام الحاكم , حتى يكون لهم وجود بعد ذلك , فالثورة ماضية والشعب السوري مصر على النصر .
نجد أن المستفيد من القتل من الطرفين هو بشار المجرم ومن حوله من الخلية الأمنية المصغرة , فهم لحد الآن محميين , بوجودهم في أماكن محصنة , أما المنفذين لجرائمهم فهم عرضة للقتل في أي لحظة كما نرى ونسمع عن النافقين منهم يومياً , والمستفيد الآخر هم أعداء الشعب السوري , فهم يشاهدون أعداءهم يدمرون بعضهم بعضاً كما يحلو لقلوبهم , وبدون أية خسائر .
وبالتالي هنا الانقلاب واجب وأن يكون لله من أجل إنقاذ ماتبقى , وهو على الله للوصول بسوريا إلى بر الأمان .