سوريون وشاميون وساميون ضد اللقيط الفارسي

محمد عبد الكريم النعيمي

سوريون وشاميون وساميون ضد اللقيط الفارسي

محمد عبد الكريم النعيمي - المدينة المنورة

[email protected]

في ضوء الأحداث الدائرة في سوريا قلب بلاد الشام، وفي ضوء محاولات العصابة الأسدية بث روح الفتنة الطائفية، لابد أن نشير إلى أن أكثر المسيحيين في بلاد الشام عامة هم من الكنعانيين والآراميين الذين يعودون إلى العرق السامي العريق في هذه المنطقة، وهم بالتالي أولاد عم العرب باعتبار الرابطة السامية، هذا فضلاً عن مسيحيي العرب الذين قطنوا بلاد الشام قبل الإسلام كالغساسنة، أما الشيعة وطوائفهم الذين استوطنوا جبل عامل في لبنان وبقايا القرامطة في بعض المدن السورية، فمشهور تاريخياً أنهم من الفرس الذين جلبهم معاوية بن أبي سفيان إلى بلاد الشام الطاهرة بزعم حماية الثغور، بالتالي فالمسيحيون في بلاد الشام إخوتنا في العرق قبل الوطن، بل هم أقرب إلينا في الاعتقاد لأنهم أهل كتاب، بعكس الفرس المجوس عباد القبور والأوثان والطغاة، وكلنا يعرف قصة الآيات الكريمة في القرآن الكريم (الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ)، حين انهزم الروم المسيحيون أمام الفرس المجوس في إحدى المعارك، فحزن المسلمون لأن الروم أهل كتاب، وفرح المشركون لأن الفرس وثنيون، وبشر الله المسلمين بنصر سيكون من نصيب الروم المسيحيين خلال بضع سنين، وما زالت المعركة تحمل ذات الأبعاد والدلالات بلا تغيير كبير، فتقديس القبور والطغاة والكيد للإسلام عند الشيعة الفرس كما هو، والألفة والتعايش بين المسيحيين في بلاد الشام وبين العرب والمسلمين لا تزال - بحمد الله - كما هي، ومن هذا المنطلق تأتي هذه الدعوة إلى تشكيل حلف يضم الأعراق السامية في بلاد الشام للتصدي للغزو الصفوي المجوسي الفارسي، وذلك بالتعاون مع المواطنين الأكراد الشركاء التاريخيين في الوطن، ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى الظلم والبغي على من يحملون (الدم الفارسي) ومن يعتنقون العقيدة الشيعية الصفوية وملحقاتها - كالنصيرية العلوية والإسماعيلية - من مواطني بلاد الشام، ليس من باب الحب والود، ولكن من باب العدل والإنصاف في المعاملة كما علمنا قرآننا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِله شُهَدَاءَ بِالقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى ألا تَعْدِلُوا)، ومن باب المصلحة المشتركة في ما بيننا، فقد أصبحوا من مواطني بلاد الشام بغض النظر عن كيفية استيطانهم تاريخياً، ولابد لنا من التعايش - شئنا أم أبينا -، ولكننا لسنا مضطرين لمجاملتهم والتربيت على أكتافهم واعتبارهم من ملتنا، فإن زعموا الإسلام فإسلامهم غير إسلامنا، وليس الإسلام هو الذي يجمعهم بنا، وإنما المواطنة والمصلحة المشتركة فقط.

رسالتنا إلى الطوائف ذات العرق الفارسي والطوائف ذات الاعتقادات المنبثقة عن التشيع في بلاد الشام، لكم ما لنا وعليكم ما علينا في الحقوق والواجبات المدنية كاملة غير منقوصة، ولكن دون أن تستغلوا تلك الحرية لتبشروا وتحاولوا التغلغل بمشروع فارسي صفوي غريب عن أرض الشام ولقيط في ربوعها تاريخياً وأيديولوجياً وديمغرافياً.

ملاحظة لابد منها:

قد يعتب البعض على فكرة أوردتها في المقال، وهي أن الحب والود ليسا ما يجمع أبناء الوطن الواحد، وليسا ما يضمن العدل والإنصاف والتكافؤ في الفرص بين طوائفه وأحزابه وتياراته، وإنما تنبع تلك المعاني من الامتثال لأمر الله تعالى بإقامة العدل حتى على العدو، ثم من الإيمان بالرابطة الإنسانية والوطنية الجامعة، ومن الحق والحرية والمساواة التي تقرها الشرائع السماوية قبل القوانين الوضعية، فـ (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟).

ولعل من المناسب هنا أن أذكر قصة تاريخية من عهد الخلفاء الراشدين توضح هذا المعنى خير توضيح.

يروي المؤرخون أن أحد مشركي العرب قتل الصحابي الجليل زيد بن الخطاب أخا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب، ومن ثم أسلم ذلك المشرك، فلما لقي عمر بن الخطاب ذلك الرجل قال له: والله لا أحبُّك حتى تحبَّ الأرضُ الدم. فقال: يا أمير المؤمنين، أتمنعني بذلك حقاً؟ قال: لا. قال: أتجلب إليَّ بذلك باطلاً؟ قال: لا. قال: إذن لا أبالي، إنما يأسى على الحُب النساء.