بري يمارس صلاحيات معظم المؤسسات

بري يمارس صلاحيات معظم المؤسسات..؟؟

حسان القطب

لطالما كانت بعض القوى السياسية تشكو من ضعف صلاحيات ممثليها في المؤسسات الرسمية، حتى أن البعض أخذ يطالب بتعديل اتفاق الطائف وإعادة النظر بتوزيع الصلاحيات بين مختلف المواقع الرسمية بدءاً من رئاسة الجمهورية وصولاً لدور الوزارات وصلاحية الوزراء. نظام الوصاية السوري حينها أسس لحالة التجاوز لتفاق الطائف لإفقاده معناه وتعطيل دوره وجعل الحاكم العسكري السوري المقيم في بلدة عنجر البقاعية الحاكم الفعلي للبنان ومؤسساته فالمؤشر الأول على بداية الخروج على اتفاق الطائف كان ما أطلق عليه في عقد التسعينات من القرن الماضي (ترويكا الحكم) وهي الفترة التي عاش فيها لبنان مرحلة القيادة الجماعية للسلطة التنفيذية، حيث مارس نبيه بري دوره كضابط ارتباط بين الحكومة والمجلس النيابي بإشراف الراعي السوري فكانت الجلسات التشريعية لا تعقد إلا إذا وافق بري على مشاريع القوانين أو القروض أو الهبات وسواها من مشاريع القوانين التي كان لا بد لها من المرور عبر المجلس النيابي أو ترمى في أدراج المجلس ليطويها النسيان والغبار، ومع ذلك يحدثنا بري مباشرةً وعلى لسان مساعديه عن تقاعس الحكومات المتعاقبة منذ العام 1992، وحتى تاريخه عن تنفيذ المشاريع، في حين انه كان حينها الحاكم بأمره بإرادة سورية سامية ويمارس ولا يزال صلاحيات واسعة تتجاوز دوره وموقعه بقوة الأمر الواقع..أليس هو من قال في إحدى جلساته للدلالة على سلطته الواسعة المستمدة من هذه العلاقة مع نظام الوصاية (من رفع الحمار إلى المئذنة ينزله)..وهنا نظرة سريعة على هذا الدور؟؟؟

- دور بري اللافت كان في تعطيل عمل مجلس النواب وإغلاقه لمدة تقارب العامين دون مبرر أو مسوغ قانوني أو أي مبرر دستوري، فعطل الوطن وشؤون المواطنين لأنه قادر بقوة السلاح والميليشيا التي يمتلكها والدعم السوري – الإيراني المطلق الذي يستند إليه..؟؟

- ثم اجتاح بري إلى جانب حزب الله وميشال عون، شوارع الأسواق التجارية ووسط بيروت وعطل الدورة الاقتصادية ومنع الحكومة من ممارسة دورها لأن الراعي السوري لشؤون هذا الفريق يريد العودة للساحة اللبنانية بكل قوة، ويرغب في فك الحصار السياسي الدولي عن نظامه بتعطيل الحياة الاقتصادية في لبنان، فأقيمت مخيمات التهريج في وسط بيروت ومنع أصحاب المصالح والوزارات المقيمة في الوسط التجاري عن العمل..

- ومارس دور بري وحليفه حزب الله وبعض التنظيمات الصغيرة التي يرعاها نظام سوريا وإيران دور الجيش والسلطة بكل تفاصيلها حين اجتاحت ميلشياتهم مدينة بيروت وبعض المناطق الأخرى بالقوة في 7 أيار/مايو من عام 2008، ووقف الجيش اللبناني حينها شاهداً على ما ارتكب من ممارسات سيئة ومسيئة بحق الشركاء في الوطن الذين يدعوهم محمد رعد اليوم للحوار ويخاطبهم بري معتبراً: (أن "سياسة النأي بالنفس التي تنتهجها الحكومة يستفيد منها الجميع موالاة ومعارضة، حتى ولو شتمها الجميع. فليتقوا الله"). ولعب دور القضاء أيضاً حين طلب من بعض الأحزاب المعارضة لفريقه إقفال مؤسساتها ومكاتبها الحزبية بمرسوم موقع منه ومن حسن نصرالله..؟؟؟؟؟؟؟

- ويتجاوز بري أيضاً دور وزارة النقل حين اجتمع مع أكرم شهيب نائب الحزب التقدمي الاشتراكي عقب الخلاف بين سائقين شيعة وآخرين دروز في منطقة الكولا في بيروت لتنظيم عملهم، حيث ذكرت جريدة النهار: ( إن زيارة النائب أكرم شهيب لرئيس مجلس النواب نبيه بري في المصيلح أمس، كانت بهدف طي الحادث الذي وقع بين عدد من السائقين العموميين في الكولا وامتد إلى مدخل عاليه وبعلشميه، الأمر الذي دفع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط إلى التدخل في نهاية الأسبوع الفائت بغية ضبط الوضع والعلاقة بين السائقين. وقال شهيب انه "جرى الاتفاق بين قيادتي التقدمي وحركة "أمل" على تنظيم عمل مواقف السيارات بدءا من الكولا والضاحية الجنوبية وعلى طول خط الجبل، وان الهدف هو وضع آلية مشتركة من الطرفين بغية تنظيم عمل السائقين، وتلقينا كل التجاوب من الرئيس بري الحريص على أفضل العلاقات والتلاقي بين اللبنانيين". وأضاف أن "الحادث الذي حصل الأسبوع الماضي انتهى ولن يترك ذيولاً بين السائقين والأهالي في هذه المنطقة".

- إضافة إلى ذلك فالبناء غير الشرعي الذي امتد على مساحة الوطن وبالتحديد في المناطق والمربعات الأمنية التي يسيطر عليها فريق بري- نصرالله، كانت كما ذكر مواطنون وعلى شاشة التلفزة وأمام وسائل الإعلام، أنها بقرار ورعاية من قبل المرجعيات السياسية الحاضنة لهذا الفريق المسلح.. مما سمح لهذا الفريق بلعب دور وزارة الداخلية والبلديات والتنظيم المدني وسائر المؤسسات التي ترعى ضرورة احترام شرعية البناء وإعطاء التراخيص اللازمة وحماية الملكية العامة والخاصة؟؟

- ولعب بري دور وزير الخارجية مرات عدة فقد تردد أن الغضب الذي تعرض له المغتربين اللبنانيين إلى دولة ساحل العاج كان بسبب موقف السفير اللبناني في تلك الدولة الذي كما قيل حينها قد نسق موقفه الذي تسبب بالأزمة مع بري، ثم كان موقف بري من دولة البحرين وما يدور فيها من صراع بين قيادة المملكة وبعض مؤيدي دولة إيران، حيث هاجم حكومة المملكة مما انعكس سلباً على حال المغتربين اللبنانيين في مملكة البحرين..ثم كانت زيارته لدولة قبرص المجاورة وإجرائه مفاوضات مع رئيس قبرص اليونانية حول استغلال حقول النفط البحرية وبيع قبرص مياه عذبة لبنانية والمدن والقرى في لبنان عطشى، كأنه رئيس جمهورية أو مجلس وزراء لا رئيس مجلس تشريعي.. حيث ورد ما يلي: (بري الذي ناقش مع رئيس الجمهورية القبرصي خريستوفياس ورئيس مجلس النواب أوميرو ملفين شديدي الحساسية والحيوية، الأول، يتعلق بمعالجة تداعيات الاتفاق القبرصي ـ الإسرائيلي على الحدود البحرية والحقوق الوطنية العائدة إلى لبنان واستثمار النفط والغاز الموجود في البحر وخلال هذا الاجتماع شرح بري والوفد المرافق بالخرائط والمستندات حدود لبنان البحرية وحقوقه النفطية، كما شدّد بري على ضرورة تعزيز التنسيق بين الوزارات المختصة في البلدين، والثاني، يتصل بجس نبض القبارصة حول إمكان شرائهم مياها عذبة تتدفق من ينابيع موجودة في قعر البحر المتوسط، قبالة السواحل اللبنانية، مشيراً إلى إمكان بيع كميات كبرى منها لقبرص عن طريق أنابيب تمتد تحت المياه ).

من الواضح أن هذا الفريق يسمح لنفسه بممارسة كل الصلاحيات حين يشاء وساعة يشاء ومع ذلك ينأى بنفسه عن المحاسبة، بل ويسمح لنفسه بالاتهام ومساءلة الآخرين وكأنه ضحية لا جلاد.. لا يمكن أن يستقر الوطن سياسياً وامنياً إذا لم تحترم المؤسسات الدستورية دورها، ولم تمارس الوزارات صلاحياتها وإذا لم تكن هناك سلطة أمنية فوق الشبهات وتحترمها كافة القوى، وإذا لم يخضع جميع المواطنين لسلطة القانون دون استثناء، لذلك فإن سحب السلاح من أيدي أي فريق لبناني هو شرط أساسي لتحقيق العدالة والمساواة وتطبيق سلطة القانون وإلا فإن الوطن سيبقى يدور في حلقة مفرغة من الاتهامات وممارسة سياسة التعطيل وإطلاق عبارات التخوين والانخراط في سياسة المحاور واستعداء الشعوب المجاورة وأولها الشعب السوري الذي أصبح يعتبر أن فريقاً من اللبنانيين هو شريك في دعم نظام الأسد في كل ما يقوم به من ممارسات إجرامية، وإذا كانت إسرائيل عدوة كل اللبنانيين في الجنوب، فهناك من يستدعي عداوة الشعب السوري في الشمال والجنوب لبعض اللبنانيين فقط نتيجة المواقف المخجلة لهذا الفريق الذي يتصرف بروح لا إنسانية في تحالفه مع نظام سوريا متجاهلاً أن الشعب أبقى وأقوى من الأنظمة وجلاديها، وكذلك فالشعب اللبناني مؤسسات لبنان الدستورية ستبقى وستعود لممارسة دورها بكل موضوعيه وجدية في خدمة لبنان واللبنانيين مع انتهاء هذه المرحلة القاتمة من تاريخ هذه الأمة والوطن، وحين تعود سوريا لممارسة دورها العربي والوطني والقومي كدولة ذات سيادة وجمهورية تخدم الشعب السوري كله لا عائلة الأسد وأتباعه في لبنان، وتنأى بنفسها عن التدخل في الشأن اللبناني الفلسطيني وغيره ...