روسيا في سوريا
تاجر بندقية.. أم مسيح ؟؟!!
محمد خليفة
هل تتذكرون صورة جنود الاحتلال الأسدي الذين كانوا يدوسون على ظهور المواطنين السوريين ويضربونهم صارخين بهم " بدكن حرية ؟!!" .... هذه الصورة المقززة تذكرتها وأنا أستمع لتصريح وزير حارجية روسيا سيرغي لا فروف ويتهم به الدول الغربية باللاأخلاقية لأنها تطالب روسيا بالتعاون معها لإستصدار قرار من مجلس الامن يلزم النظام السوري بوقف جرائمه الدموية ضد شعبه بدل أن تطلب من "المتطرفين"في المعارضة السورية والجماعات المسلحة وقف تصعيدهم ومعارضتهم لنظام بشار الاسد , والرضوخ له ومفاوضته . فالتصريح ترجمة ديبلوماسية لصرخات ذلك العسكري الشبيح .. ترحمة حرفية . لافروف يتحدث كشبيح دولي , دفاعا عن جرائم بشار الاسد , العسكري الحقير يدافع عن سيده في الداخل بالسلاح الناري , بينما يدافع لافروف عنه في المؤسسات الدولية بسلاح الوقاحة . ووجه الشبه بينهما هو وقوفهما معا في خندق واحد ضد الشعب السوري , ومشاركتهما في قتل أبنائنا ورجالنا وتدمير بيوتنا وبلادنا .
هل تريدون دليلا دامغا أكثر من الكلام والتصريحات ؟؟ إنه السلاح , نعم السلاح المستعمل في الجريمة واحد , ومصدره واحد , سلاح روسي , يباع لعصابات القتلة بلا شروط ولا ضوابط , بينما تشترط الدول الديمقراطية المحترمة على زبائنها مشتري السلاح عدم استعماله ضد المواطنين , والمدنيين , وهذا أمر شائع , بل إن بعض الدول لا تبيع منتجاتها العسكرية مطلقا للأنظمة والدول الديكتاتورية المعادية لشعوبها , أما روسيا فهي تاجر يشبه تاحر البندقية , مرابي لا يهمه سوى جني المال , يبيع بلا شروط , ولذلك فجميع زبائنه من أمثال بشار والقذافي وصدام سابقا , المقدس الوحيد عنده هو الدولار !!!
لذلك فإننا حين نقول إن روسيا شريك فعلي كامل المسؤولية في جرائم الاسد وعصاباته , أي في قتلنا , فنحن لا نبالغ ولا نتهم جزافا . هناك برلمانات دول عديدة حاسبت حكوماتها حسابا عسيرا عندما تبين لها أنها باعت اسلحة لدول استعملتها في قتل الناس .
بعد كل ذلك يخرج لافروف علينا وعلى العالم لينصب نفسه مسيحا طيبا ,ويوزع وصاياه الاخلاقية على الجميع , ويتهم الدول الغربية بالافتقار للأخلاق في اتهاماتها لروسيا باللامسؤولية لتعطيلها دور مجلس الامن الدولي في الاضطلاع بمسؤولياته تجاه المجازر المرتكبة في سوريا , ويطلب منها ان تتوقف عن التأمر على النظام السوري البريء من كل التهم التي توجهها له المعارضة بسبب تطرفها وإرهابيتها المسلحة . ولا فروف في هذا الدور اللاأخلاقي فعلا يتماهى مرة أخرى مع نظيره السوري الذي عرض [ بلسان الناطق باسم الخارجية ] على الولايات المتحدة تدريب دبلوماسييها في المعهد الديبوماسي السوري , لأنه لاحظ قلة كفاءة الدبلوماسيين الامريكيين !!!.
كلاهما يدعي التفوق على الاخرين , بينما يمارسان أحط الادوار .
هل تريدون أدلة أخرى على التماهي والتشارك بين الدولتين وحكامهما ..؟؟
روسيا وسوريا .. سبحان الله حروف مبعثرة لاسم واحد يعني الاستبداد الشرقي بأجلى صوره في هذا العصر !! دولتان نائيتان جدا عن الديمقراطية . لا بد أنكم تابعتم مسرحية الانتخابات التي جرت فصولها في روسيا مؤخرا , ورائحة التزوير التي فاحت منها بقوة , ولا بد أنكم تتذكرون أيضا مسرحية التلاعب بالدستور والديمقراطية من جانب بوتين ليعود إلى رئاسة روسيا بعد أن استخدم وكيله الامّعة ميدفيدف ليكون رئيسا يأتمر بأمره , ريثما تنتهي الولاية , ثم يعود هو لرئاسة الدولة دورتين جديدتين , وهكذا دواليكم .. هذه هي الديمقراطية الروسية , قريبة وشبيهة بالملامح للديمقراطية السورية التي ابتكرها لنا بشار الاسد وأبوه من قبله !!!
لم تكن روسيا ديمقراطية في اي يوم , لا في العصر القيصري , ولا في العصر الشيوعي طبعا , بل كانت دولة توتاليتارية توسعية , وكانت فوق ذلك حامية حمى الانظمة المستبدة والعسكريتارية والفاسدة في شرق اوروبا , وأسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية , وهي ما زالت إلى الان تقوم بنفس الدور , ومن هذه الأنظمة التي حمتها النظام السوري الذي لا يختلف إثنان على اعتباره نظاما قاتلا , فاسدا , مستبدا . ولكنه عزيز على قلب الطغمة الروسية الحاكمة لأسباب كثيرة , أهمها أن هذه الاخيرة تخشى انقراض هذه السلالة الديناصورية من الأنظمة من موسوعة الجغرافيا السياسية للعالم , لأن هذه تشكل أحزمة أمان واقية للنظام الروسي النصف ديكتاتوري , وهي أيضا مصدر دخل تجاري مهم للحصول على عشرات المليارات سنويا . واي تهديد لها , إنما هو بالتالي تهديد لموسكو , القلعة أو القيصر الاخير على رقعة الشطرنج الدولي .
بعضنا ينصح بعرض فدية مالية لروسيا مقابل إخلاء سبيل مجلس الامن الدولي المختطف , وإطلاق سراح ثلاثة وعشرين مليون سوري , حوّلهم تاجر البندقية رهائن بين يديه ويدي بشار الاسد , وتخليها عن دورها التشبيحي دفاعا عن عصابة بشار ونظامها الإجرامي . ويقول بعض منهم أن روسيا تفاوض فعلا , وتساوم منذ الان على رأس بشار ونظامه , سيما وأنها تعلم حق العلم بفضل استخباراتها التي تخترق النظام السوري من راسه إلى أخمص قدميه , أنه ساقط مهما بذلت من محاولات لإنقاذه , وتعلم أن أي استثمار لإبقائه استثمار خاسر , ولا جدوى منه اقتصاديا . ولذلك فالافضل والاجدى هو التنازل عنه , ولكن مقابل سعر مجز , يعوض عن الخسائر , ويضمن بعض الربح .
روسيا الان تساوم إذن , وتتركز جهودها على رفع سعر الصفقة , لا أكثر , مقابل رأس بشار الذي يساوي في نظرها ونظر الدول العربية والغربية عشرين مليار دولار على الاقل , وقد أكدت بعض المصادر المبلغ كرقم حقيقي تطلبه موسكو , ثمنا لامتناعها عن التصويت في مجلس الامن , وتخليها عن استعمال الفيتو .
إذن هي مساومة رخيصة , حتى ولو ارتفع رقمها إلى عشرين مليار , وليست أخلاقا , او مواقف مبدئية..
يا مستر لافروف أنتم تقطعون وتأكلون من لحمنا ولحم أبنائنا مثلما كان يفعل شايلوك الشكسبيري .!!!
سندفع لكم ... لكنكم ستخسرون الشعب السوري إلى الأبد حتما , بل ستخسرون العرب جميعا , وسوف ترون .