الأسد بين رحيل أو قتيل

نهاية آخر الطغاة العرب

د. صهيب حسن رحمون

لقد أسفرت ثورات الربيع العربي المطالبة بالحريات ضد الاستبداد عن نهايات مختلفة للمستبدين، فعلي زين العابدين في تونس التقط أهدافها و أبعادها و أسرع بالهرب إلى السعودية، و حسني مبارك رئيس مصر حاول المراوغة و المطاولة و أستخدم بعضا من القسوة ثمّ أضطر إلى التنحي و الآن يقبع في السجن متمارضا خلف القضبان، و معمر القذافي في ليبيا أعتبرها ثورة جرذان و دمر البلاد و قتل كثيرا من العباد، متوهما بقدرته على البقاء في السلطة فأخطأ التقدير و لقي نهايته في 20-10-2011 بالقتل كما شاهده الليبيون مباشرة و العالم عبر الفضائيات. و في اليمن علي صالح راوغ و ناور و قاوم و الآن يستجدي طريقة آمنة لخروجه تضمن عدم محاسبته و حياته.

و الرئيس السوري كان معتقدا أنه بمأمن عن رياح التغيير، صرح بذلك مرارا و منها لجريدة وول ستريت بأن سورية تختلف عن تونس و مصر و الإصلاح فيها يحتاج لزمن قد يستغرق لأكثر من جيل، لقد أساء التقدير و ثبت جهله و بأنه غير مؤهل للحكم الذي ورثه دون استحقاق و جدارة فأضاع فرصا كثيرة للإصلاح و التغيير لم تتوفر لغيره.

و عندما بدأت الاحتجاجات حاول الهروب إلى أمام من الأزمة بتجاهلها تارة و أخرى بوصفها فتنة و مؤامرة و أتخذ قرارا بالحل العسكري و الأمني و الإفراط باستخدام القوة و العنف و أرتكب الفظائع.

لقد وضع مستقبل الشعب و الوطن أمام خيارين إما الإذعان لتسلطه و استبداده أو إثارة الفتنة و الحرب الأهلية، لقد فشل بكل خياراته و تحولت التظاهرات إلى ثورة مما دفعه إلى استخدام وحدات و كتائب خاصة تابعة له للإسراف في القتل، فوضع الشعب أمام اختيار حياة عز في الدنيا أو حياة عز في الآخرة، و استوت عنده الحياة و الموت و ازداد إصرارا على التخلص من الذل و العبودية و الجور الاجتماعي، و أدرك أن ثورته ستغير مجرى التاريخ الحديث عربيا و إقليميا و أنه يؤّرخ لمرحلة جديدة لمجرى الإحداث و أصبح على قاب قوسين أو أدنى من النصر و هذا يدفعه لمزيد من الصمود و تصعيد الثورة و استثمار الحالة النفسية التي يعيشها النظام بسبب استمرار الثورة و مصير المستبدين و آخرهم مصير القذافي، و لن يعط النظام فرصة للالتقاط أنفاسه، و هذا يتطلب الحفاظ على سلمية الثورة التي أثبتت التجارب نجاحها و تحقيق أهدافها بأقل الخسائر بدءا من ثورة غاندي مرورا برومانيا و إعدام شاوشيسكو و ثورات في أوربا الشرقية و أمريكا اللاتينية و أخيرا في تونس و مصر.

و نحذر المساومين و الانتهازيين من الحوار مع النظام بأنهم سيكونون شركاءه في سفك الدماء بإعطائه مزيدا من الوقت، و ندعو رأس النظام و حاشيته حفاظا على أنفسهم و خدمة للوطن أن لا يوغلوا في الجرائم، فالثورة اتخذت قرارها أن لا تراجع و حتى النصر، و ستثبت له الأيام إن كان جاهلا أو متجاهلا، و عليه الإسراع باتخاذ القرار و اختيار مصيره قبل أن تحل ساعة لا ينفع فيها الندم، و يتحلى بالشجاعة إن كان يملك حدا منها و يحكم عقله و رشده للمرة الأخيرة و يستدرك ما فاته و يتدارك النماذج الثلاثة، الهرب، و العيش طريدا وطينا و دوليا، أو يقبع خلف القضبان كحسني مبارك أو القتل كالقذافي في ظروف يصعب السيطرة فيها، و إن كنا نحن لسنا مع القتل بعيدا عن القضاء و إصدار الحكم العادل، و نؤكد على اقتراحنا الذي عرضناه مرارا بعيدا عن النماذج الثلاثة بالتفاوض لنقل السلطة سلميا و إعلان استقالته، و يتخلى عن أحلامه و أوهامه بقدرته على الاحتفاظ بها و توريثها لابنه و يدرك إنها مرحلة لنهاية الاستبداد و لا مكان لديكتاتور في الوطن العربي بعد الآن.

الناطق الرسمي باسم الحركة السورية للديمقراطية و العدالة.