قبل فوات الأوان
الشيخ نور الدين قرة علي
بسم الله الرحمن الرحيم
لست خبيرا في السياسة حتى أخوض بحارها ، ولا مفتونا بسحرها حتى أحاول طرق أبوابها ،
ولكنه حوار مع بعض الأحبة ، ارتفعت حرارته، وحديث جرى بيننا ، ارتفعت في وقت السحر نبرته ، وعرضت خلال هذا الحوار اقتراحا تبدت عند الكثيرين غرابته ،
وقال قائل - تعليقا على الفكرة- : إنها شطحة من الشطحات ، أو هي ما تحدثه في آخر الليل آثار الانفعالات ،
وذلك لأن الحديث كان يدور عن سوريا ، ثورة وصداما ، وما عمّ سائر أرجائها من ويلات الظلم وجرائم القتل ، وما يورثه ذلك من إزهاق أرواح ، وسفك دماء ، ودكّ مدن ، وتخريب مقدسات ،
وقد وصل أمر المصابرين على ذروته، وبلغ أمر القتل والإرهاب والسطو من السلطة إلى أعلى مستوى جبروته وشدته ،
ويجمع العقلاء وأهل التدبر والنظر على ضرورة التحرك السياسي دعما لشباب الثورة ، لأنه يمثل العمل الضروري الذي آن أوانه ، بل وتأخر كثيرا ، وتعثر مساره بتلكم المحاولات التي لم تحقق المطلوب ، ولم تكن على قدر الحدث ،
ولذا ناديت وأنادي الآن ، أن نتحرك وبالسرعة القصوى ، لنجمع قادة سورية التاريخيين ، الذين تمكن في عمق التاريخ جهادهم ، ورسخت في أرض الثبات مصابراتهم ، وظللت الأمة عبر الأحداث شموخ مواقفهم ، ونالوا بما يقرب الإجماع ثقة الأمة ،
اقترحت أن نطالب هؤلاء الذين يمثلون أطياف الأمة وألوانها ، كما يمثل العلم السوري رمز وحدة الأمة بتعدد ألوانه وتناسقها ،
نطالب هؤلاء وهم :
الأستاذ عصام العطار الأستاذ هيثم المالح
الأستاذ عارف دليلة الأستاذ حسن عبد العظيم
الشيخ محمد علي الصابوني الأستاذ رياض الترك
السيد مشعل تمو السيدة منتهى الأطرش
أن يعقدوا لقاء الأمة معا في صف واحد ، متماسكي الأيادي ، ورافعي الصوت بإنشاء قيادة عليا لثورة الأمة ، يقف خلفها، برهان غليون ، وهيثم المناع ، ورياض سيف ، ومن شاء أن يزين الجمع بلونه ، أو يكمل هذا اللقاء بطيفه ، دون استثناء أحد مهما كان مذهبه ، ومهما اختلف اتجاهه ، ممن يريدون تحرير الوطن من العبودية والقهر والاستبداد ، ويعملون لإعادة هذا الوطن لما كان عليه من الحرية والوحدة والتآلف والجهاد ،ويعملون على إعلان هذه القيادة الشامخة بكبريائها ، والمحصنة بتجربتها،
وليكن من ورائها أو حولها قيادات الجيل الجديد ، شباب الثورة بكل أطيافهم ، ويرفع الجميع نشيد البلاد ، وعلم البلاد يرفرف بألوانه المتعددة فوق رؤوس أهل البلد الواحد ، والمستقبل الواعد ،
ثم يتحرك هذا المؤتمر ممثلا برواد نهضته السابقة ، وطلائع مستقبله الموعود ، إلى العالم العربي ، يخاطبون قادته خطاب الأمة التي تريد تحقيق كرامتها ، وإزالة الظلم من ربوعها ، فينشر نهضتها ولا يستجدي أحدا لنصرة قضيتها ،
ثم يتحركون نحو العالم الإسلامي والأوروبي ، والشرقي والغربي ، يثبتون بأن هذه الأمة مؤهلة لقيادة بلادها ، بإخلاص وعلم وخبرة ، ووحدة ومحبة وقوة ،
وكفانا مسارعة ، فئات وفئات ، إلى عقد ندوات ومؤتمرات يتزاحمهم فيها كثير على أقل من الفتات ،
إننا ندعو إلى هذا المؤتمر المتماسك ، ليقود هذه المرحلة باسم الشعب جميعا ، أما دعمه المادي فليكن جماهيرنا ، يشترك فيه كل فرد بحملة تبرعات تمثل المشاركة الوجدانية التحررية ، المعنوية قبل قيمها الذاتية المادية ،
هذا ما كان من المقترح الذي أثار استغرابا ،
وقال محاوري : ما هكذا تورد الإبل يا فلان ، فالتفت إلى أحد الشباب المؤيدين وقلت : هكذا كانت القصة في إبل الصحراء ، فهل أجد عونا منكم لحمل الكلمة على ظهور وسائل اتصالاتكم في عالم الفضاء؟
نعم كنا نقول هذا ، ثم أطلّت علينا قبل نشر هذه الكلمات ، أطلت علينا مفاجئات العالم كلها تتسارع لإنهاء أزمة البلاد ، وهي تلتفت يمنة ويسرة علها تجد من تخاطبه من أطياف المعارضة ، ولذا يتأكد الأمر أن يبرز هؤلاء الذين ذكرتهم ، ليذكّروا العالم بسورية الحرة في الخمسينيات ، وقبل هذه الويلات ، كيف كانت تتعايش بروح التآلف ، والمواطنة التي كانت تجمع كل أطيافها كأمة واحدة كانت في مقدمة البلاد العربية والإسلامية ، تقدما ورخاء ، ووحدة وتآلفا ...