ثلاثية الثورة السورية وثوابتها (2)

رفض التدخل الأجنبي

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

رفعت الثورة السورية منذ انطلاقتها في ربيع آذار ثلاثة ثوابت توافق عليها جميع الناشطين والمتظاهرين والداعمين والأنصار والمؤيدين في الداخل  والخارج ، رغم محاولات النظام اليائسة  وردات فعله الغاشمة ورغباته المتهالكة لحرف مسار الثورة عن أهدافها ومبادئها وثوابتها الوطنية بهدف تشويه صورتها واتخاذ ذريعة للنيل منها وجرّها إلى المجهول .

وقد تمثلت هذه الثوابت والمبادئ الثلاثة في :

* سلمية الثورة وعدم استخدام السلاح .

* ثورة وطنية ترفض تدخل الأجنبي والإستقواء بالخارج .

* شمولية الثورة ووطنيتها بعيدة عن أي شعار أو استهداف طائفي أو اثني أو مذهبي .

الثابت الثاني : وطنية الثورة – ( رفض التدخل الأجنبي ) :

رغم الوضع المعقد في سورية بسبب النظام المستبد وحزبه الشمولي ، والقبضة البوليسية التي يحكم بها الشعب ، والقمع الهمجي الذي يتعرض له الناشطون ... والمواطنون ...  من قتل واعتقال وعسف وتنكيل وحصار ...

 رغم المجازر والمذابح التي نفذها النظام ضد شعبه الأعزل ، وكان نتيجتها آلاف الشهداء والمفقودين الذين قتلهم النظام القمعي بطريقة وحشية ، وعشرات آلاف المعتقلين الذين زجّ بهم في الزنازين ، تم قتل البعض منهم داخل السجون ، كما تم تصفية الكثير منهم تحت التعذيب الجهنمي من جلادي النظام وأجهزته البوليسية المجرمة ... كما تم الإجهاز أيضا على الجرحى سواء في الساحات التي أصيبوا فيها أو المستشفيات التي نقلوا إليها .

 رغم كل هذه التضحيات الجسام وأنهار الدماء التي سالت والشرايين التي تقذف بنوافير الدم في جميع أطراف الوطن ،  لتروي ترابه الطاهر بتلك الدماء المباركة الزكية ... رغم كل هذه المحاولات الاستفزازية واليائسة من النظام لدفع الناشطين وقادة المعارضة للإستعانة بالأجنبي وطلب التدخل العسكري من الخارج لحماية المدنيين ، الذين يقمعون ويقتلون ويعتقلون ويسامون سوء العذاب ، ليتخذ هذا النظام البائس ذريعة لشن حرب أهلية ينتفم بها ممن عارضه من شعبه ، بدا أنه خطط لها وأعدها من بداية الثورة وإرهاصاتها ، وقد تجلى ذلك واضحا في الخطاب الأول لبشار الذي أطلّ فيه بعد شهر من المظاهرات ليتكلم عن المؤامرة ... والفتنة ، ويؤكد مبدأ بوش الصغير: ( من لم يكن معنا فهو ضدنا )  

وعن الحرب – ضد شعبه الأعزل - التي أعلن ترحيبه بها !

رغم كل هذه المآسي والجراح ، بقي الشعب بأحراره ومثقفيه وناشطيه ومعارضيه وصحفييه وإعلامييه ... بقي مصرّا على وطنية الثورة ، رافضا أي تدخل أجنبي أو استقواء بالخارج .

والسؤال الملحّ  : إلى متى ستصمد جهات المعارضة على رفض معونة الغريب والأجنبي ، لوقف شلالات الدم المتدفقة في شتى أنحاء الوطن  ؟

وإذا كان التدخل الأجنبي مرفوضا فكيف السبيل للجم ألة القتل والقمع الوحشية التي تقوم بها عصابة الحكم ضد شعبها ؟

هل الشعب السوري أملاك خاصة لعصابة الحكم ؟

 وهل يجوز للسيد حتى قتل عبيده الذين يعملون أجراء في مزرعته ، أنى وكيفما شاء إذا احتجوا على الظلم والعسف ، وطالبوا بأبسط حقوقهم المشروعة ؟  

ومن ذلك الوصي الذي باع هؤلاء المواطنين لعصابة فاسدة مستبدة ، وقد ولدوا أحرارا من رحم أحرار ، ودون أن يعلم صاحب العلاقة حتى بهذا البيع ؟

هل نحن في زمن الاستعمار القديم ؟

وهل عاد عصر الإحتلال العسكري والاستبداد والإقطاع والعبودية مرة ثانية ؟

وإن كان ذلك قد وقع دون أن ندري ، ومازال النظام الغاشم يتعامل كعصابة ضد شعبه الأعزل ويعتبره العدو الحقيقي الأول ... والأخير ؟ !

أليس في هذا النظام رجل رشيد ومسؤول عاقل يقدر هذه المواقف الوطنية العالية من الشعب المسحوق ، والشباب الثائر الجريح ، فتتحرك فيه مشاعر الوطنية الصادقة وإخوة الأرض والتراب ... واللغة  ... والتاريخ ... والحضارة ...  فيعلنها مدويّة :  كفى للقتل والقمع ...  والمجازر .

أفلا يجوز الطلب من أبناء العم والأقارب الضغط  الإعلامي ... والسياسي ... والدبلوماسي على هذه العصابة لإيقاف عمليات القتل والقمع الوحشية ؟ !

وإذا أصرّت هذه العصابة على غيّها واستمرت في همجيتها ، وأغلقت أذنيها لسماع النصائح  ونداء الحق ، وتجاهلت جميع الدعوات الانسانية من المنظمات الدولية القريبة  والبعيدة .

 أفلا  يجوز النجدة بأبناء العمومة من العالم العربي والإسلامي ، والمنصفين من المجتمع الدولي المناصرين لحقوق الانسان والأمم المتحدة لوقف المجازر والمذابح  لكبح جماح المسعورين ، ولجم جنود ابليس المجرمين عن القمع وسفك الدماء ، لنجدة المستغيثين ، وانقاذ المظلومين ، وحقن دماء الأبرياء العزل من المواطنين ؟

أليس من العار ... كل العار والشنار ، أن يقدم نظام سفاح على قتل شعبه ، ويهبّ الغريب لنجدته وإنقاذه ... ثم يردد أبواق العصابة ... مؤامرة ... مرامرة ! !