أوسعته نقداً... وقتل الشّعب
أوسعته نقداً... وقتل الشّعب!!
صلاح حميدة
المجرم الأوّل
تتمادى عصابة القتلة في دمشق بتقتيل وتعذيب والتّنكيل بالشّعب السّوري، ويتبارى هؤلاء بتوثيق ما يقومون به من جرائم بحق مدنيين عزل بكاميرات هواتفهم النّقّالة، بل ينقل العديد من النّاجين ومختلسي التّصوير صوراً عن سياسة الأرض المحروقة التي يتّبعها هؤلاء المجرمون.
وكلّما تمادى هؤلاء في عملية الإبادة تقوم آلتهم الإعلامية بترديد المزيد من الأكاذيب واختلاق الأخبار المضللة للعموم، ولكن هؤلاء نسوا أنّهم في عصر ثورة الاتصالات، وأنّه لم يعد بالإمكان إخفاء كل جرائمهم عن النّاس، وبالرّغم من أنّ غالبية الجرائم من قتل وتنكيل وتعذيب واغتصاب وحرق وتدمير وقتل للحيوانات وحرق للمزروعات لم يتم توثيقها مباشرةً، إلا أن ما رشح من صور بكاميرات الهاتف النّقال وشهادات الجنود الهاربين من تنفيذ أوامر قتل المدنيين، تظهر مدى إجرام هؤلاء.
منذ الاستقلال وحتى اليوم، يصحو المواطن العربي على فعاليّات السّيدة الأولى، والزّعيم الأوّل، والّذي سيكون تلقائيّاً الرّياضي الأوّل، والمناضل الأوّل، والمزارع الأوّل، والمثقّف الأوّل، والعسكري الأوّل، والمحلل السياسي الأول، ولاعب الشّطرنج الأوّل.........الخ.
ولكن يتساءل المراقب عن انطباق لقب المجرم الأوّل على الرّئيس السّوري لوحده، بعد أن استحقّ القذّافي ومن سبقهم القتلة الأوائل هذا اللقب؟ ولكن بمراقبة الأداء الإجرامي لعصابة الأسد، من أكبرهم حتّى أصغرهم، من إعلامييهم والنّاطقين باسمهم، من حلفائهم اللبنانيين وداعميهم من الأنظمة العربية - وخاصّة بعض الخليجية- ومن داعميهم الإستراتيجيين في إيران والصّين وروسيا، يتبيّن بما لا يدع مجالاً للشّك، أنّ كل من سلف ذكرهم يستحقّون لقب المجرم الأوّل، فعصابة القتلة في دمشق حظيت بشبه غطاء إجماعي إقليمي ودولي، لم يحدث لأي نظام عربي إجرامي آخر.
يتساءل المراقب أيضاً عن السّر الكامن وراء شبكة الأمان التي تمنح لهذه العصابة حتّى الآن، مع أننّي لم أسمع أنّ القذّافي - على إجرامه- قام بتقطيع الأعضاء التّناسلية للأطفال، بل سيحسد القذّافي ومبارك وزين العابدين وصالح رفيقهم بشار الأسد وعصابته، على الفرص التي تمنح لهم لاستكمال حرب القتل والتّنكيل التي يقومون بها ضد الشّعب السّوري؟.
نسمع جعجعةً ولا نرى طحناً؟!
القوى الإقليمية والدّولية تدلّل عصابة الأسد، وتمنحهم الفرصة تلو الفرصة، بل هناك من ينتقدهم بلطف - كالولايات المتّحدة الأمريكية- وهناك من يستميت بالدّفاع عنهم - كروسيا والصّين وإيران والحلفاء اللبنانيين- ولعل الحلفاء اللبنانيين من أخلص حلفاء عصابة القتلة في دمشق، وهم لا شك مشاركون في الجريمة باستماتتهم في الدّفاع عن المجرمين في دمشق، ولا ضرورة للإدّعاء بمشاركتهم في اقترافها مباشرة، فللجريمة محرّضين على اقترافها، ومدافعين وكذّابين يروّجون ويبررون للقتلة، وهؤلاء لا يقلّ دورهم أهمّيّةً عن القاتل المباشر.
تحاول عصابة القتلة في دمشق تبرير عمليّات القتل والإبادة، وسياسة الأرض المحروقة التي تنتهجها ضد المطالبين بالحرّية، بأنّها ضحيّة مؤامرة إسرائيلية - أمريكية- عربية وتركيّة، وتعمل أدوات النّظام وحلفائه على رمي الجميع بالتّخوين والتّآمر عليهم والتّحالف مع أمريكا وإسرائيل، وكل من ينصحهم أو ينتقدهم أو يهاجمهم على جرائمهم البشعة ضد المدنيين، فهو تلقائياً يستحق لقب ( خائن) و ( متآمر) وكأنّه من حق هؤلاء إبادة الشّعب السّوري تحت عناوين ( نضاليّة).
كل الأحداث على الأرض تفيد بأنّ ما يجري في سوريا حراك شعبي مطالب بالحرّية والعدالة الاجتماعيّة، وأنّ الشّعب السّوري لم يعد يحتمل قمع وفساد هؤلاء المجرمين، وأنّ هناك محاولات من العصابة الحاكمة لجر السّوريين لمواجهة مسلّحة لتتمادى في إبادتها لهم، وتعرض في إطار سعيها هذا بنادق صيد وبعض الأشياء الأخرى المضحكة التي تدّعي مصادرتها من "العصابات المسلّحة" فهل يقتل مئة وعشرين جنديّاً في جسر الشّغور بأربع بنادق صيد عصافير وبندقيّتي كلاشنكوف وبعض الكرات المتفجّرة يدويّة الصّنع؟.
تقوم دول عربيّة بدعم عصابة الأسد تحت شعار موقف والده من احتلال العراق للكويت، وتقوم نفس الدّول بابتزاز الثّوار في مصر لمنع محاكمة عصابة مبارك، ويكرمون وفادة عصابة بن علي، ويعالجون عصابة علي صالح ويتآمرون على الثّورة اليمنيّة، ومن الواضح أنّ مصالح هؤلاء تلتقي مع مصالح آخرين- يظهر أنّ بينهم عداء طائفي- في دعم وتقوية موقف عصابة الأسد.
أمّا تركيا فهي توسع عصابة الأسد نقداً ونصائح علنيّة بالإضافة إلى لعب دور سائق سيّارة الإسعاف، ولكنّ موقفها لا يزال في إطار هذا التّوصيف، ويقوم القتلة بمهمّتهم بكل راحة وبلا معيقات، وليست العقوبات الصّوريّة على النّظام إلا قضيّة تافهة لا قيمة لها البتّة في ميزان التّأثير على استمراريّته في اقتراف الجرائم، وحال تلك القوى جميعها يقول:- ( أوسعته نقداً... وقتل الشّعب).
شاهد مشفش حاجة!
لم أتمالك نفسي من الإنفجار ضاحكاً، عندما رأيت من تمّ إحضاره في جسر الشّغور لعمل مؤتمر صحفي مع مجموعة من إعلاميي حرب القتلة في دمشق، فالمسرحيّة أعدت على عجل، وتمّ اعتقال الشّخص واستجوابه واعترافه بما تم تلقينه إيّاه، ويخرج في مؤتمر صحفي بلا غرف مغلقة ولا تسجيلات مسبقة، ويدين نفسه بأنّه "إرهابي" وأنّ من ينتمي إليهم "عصابة" !!.
تفاصيل المؤتمر الصّحفي سخيفة ومضحكة للغاية، فالصّحفيون يلقّنون القاتل والإرهابي المفترض ما يقول، ويتحمّس مراسل قناة المنار محاولاً تلقينه أنّ " عصابته" فرزت رجال الأمن السّوريين على أساس طائفي، ولكن "الإرهابي" السّاذج الّذي لم يكن مهيّئاً لمؤتمر صحفي على الهواء يردّ عليه " لا لم نفرزهم" ولعلّه لم يدرك حتّى معنى السّؤال الخبيث، الّذي حاول المراسل من خلاله إسقاط ما في نفسه على هذا " الإرهابي" المفترض السّاذج، ولعل المراسل ومن خلفه يعلمون علم اليقين أنّ موقفهم من الأزمة هو ذو الخلفيّة الطّائفيّة المحضة، ولا علاقة له بما يقال عن دعم النّظام للمقاومة، فمن يتابع إعلامهم يرى أنّهم يطلقون النّار على الجميع، ويتّهمونهم بالخيانة، ويلمزون بقناة كل من سواهم- حتّى حلفاء الأمس- لا لسبب إلا لأنّ هناك من رفض دعم مجرمين يقتلون شعبهم، أو تجرّأ واقترف "جريمة" نصح هؤلاء المجرمين أو انتقادهم، فرئيس عصابة القتلة في دمشق " لا يحتاج لنصح أيّ أحد، لا في الدّاخل ولا في الخارج" جسب حليف لبناني لسوريا، فإذا كان الأنبياء يتشاورون مع صحابتهم وهم يوحى لهم من الله، فهل بشّار الأسد أعلى مرتبةً من الأنبياء؟!.
أداء هؤلاء المجرمين ومن يدعمهم يظهر ضيق أفقهم، بل أحرق موقفهم هذا كافّة أوراقهم، ولا نبالغ إن قلنا أنّ الأزمة السّورية هي الثّورة ( الكاشفة) فقد أسقطت الكثير من الأقنعة، وسيدفع المجرمون ومن حالفهم الثّمن غالياً، وسينتصر الشّعب السّوري بثورته السّلميّة على هؤلاء المجرمين ولو وقف معهم العالم أجمع، فالعاقبة للشّعب، والعقاب للقتلة والمجرمين ومن يدافع عنهم.