الإصلاح بمفهوم النظام السوري

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

في سنة 1982 كنا متجهين من عمان إلى بغداد بتكسي يسوقها سائق أردني , وفي الطريق مابين الرمادي وبغداد اصتدمت سيارتنا بسيارة معاكسة في الإتجاه , وكان يقود السيارة الثانية شابين من الوحدات الخاصة العراقية والوقت كان منتصف الليل , وتم نقلنا للممستشفى جميعا

في غرفة الطواريء التابعة للمستشفى أحد العسكريين كان قد توفى رحمه الله والثاني مازال ينبض بالحياة , فجاء المسعف  وأمسك إبهام العسكري المجروح بجرح بسيط وبدأ يخيط الجرح وقبل أن ينتهي من خياطة الجرح كان قد انتقل لرحمة الله

فلم يتم معالجة التنفس عنده ولا فحص الصدر وإنما فقط اهتموا بجرح بسيط في الإبهام وكان الدم ينزف من فمه

هذه الحادثة تذكرني بالإصلاحات الذي وعد فيها النظام في سورية

وهذه أهم إصلاحاته :

1-    إلغاء قانون الطواريء في سورية ومحكمة أمن الدولة  فهو جميل جداً والأجمل من ذلك أنه لم يبق قانون في سورية  , وارتاح الجيش والأمن من هذا القانون وكان هو  القانون الوحيد في سورية  المعتمد والمنفذ فوق بنوده حتى , فكانت نتيجة هذين البندين من الإصلاحات استباحة كل شيء في الدولة من نهب وقتل وتعذيب وتغييب وتدمير  ومقابر جماعية , ورمي المعتقلين الموتى والجرحى في البحر فالسمك يحتاج للغذاء (افعل الخير وارمه في البحر)

2-    بعد كل الذي يجري في سورية من سفك دماء بريئة وتدمير كل شيء خرج رئيس النظام بمرسوم جمهوري يتحدث عن إمكانية إضافة درجتين للطالب الجامعي إن كانت تلك الدرجتين محددة لنجاحه

3-     فهل يختلف ذلك عن وضع خياطة جرح الجندي وتركه يموت ؟

4-    الدولة سوف تتجه للديمقراطية , وكانت النتيجة أو كما يدعي النظام ان سورية دولة ديمقراطية , فبالإصلاح أصبح الحكم في سورية مشاعي تحكمه عصابات كثيرة منها الأمن على اختلاف أشكاله والشبيحة والجيش , والجيش يضرب الشعب والشبيحة تقتل الشعب والأمن يقتل الجيش ويقتل الشعب

5-    تحول الحكم من حكم فردي جمهوري دستوري إلى نظام يلبس طاقية الإخفاء , أو ترك الحكم وترك الدستور وترك البلد يتخبط في هذا النظام الجديد , كل شخص يدير القوات التي تحت سيطرته بما يشاء وكيفما يشاء , فلا يوجد رئيس ولا رئيس وزراء ولا شيء اسمه حكومة

6-    الدعوة للحوار , ومع من سيتحاور الناس؟

مع تلفزيون الدنيا أو التلفزيون الوطني ومذيعاته الجميلات , ولا أحد يعرف من هو المسئول الأول في سورية , ومن الحوار وطلباته وشروطه العجب

شرط الحوار وجود معارضة , والمعارضة في السجون , والمعارضة الموجودة في الشارع تمثل غالبية الشعب السوري فهؤلاء ليسوا معارضة هؤلاء عملاء ومندسون وسفلة , والحوار يكون حسبما يدعي أبواق النظام لأن النظام غير موجود مع المعارضة الشريفة وكل معارض بنظر هؤلاء والنظام خاين وعميل , فمن هم ياترى المعارضة الشريفة عند هؤلاء؟

لقد اختصرها رامي مخلوف بقوله إنها إسرائيل , فمن المعروف أن أمن النظام وأمن المعارضة أمن مشترك وإن اختلفا في وجهات النظر , وبالتالي لايوجد حوار إلا مع إسرائيل إن سلمنا جدلاً بأنها المعارضة الشريفة حسب قناعة النظام

7-    من الإصلاحات المهمة والتي مارسها النظام واقعيا على الأرض هو السماح للإيراني وإلى اللبناني من حزب اللات بقتل السوريين , وذلك لتقوية الأمن , وبالتلقيح بين الإثنين يكون هنالك انتاج قوة هجين تتغلب على الأبوين في ممارسة الإجرام

8-    من الإصلاحات أيضاً عدم استخدام قنابل الغاز المسيلة للدموع وخراطيم المياه والعصي في مواجهة المظاهرات , وإنما استخدام جميع أنواع الأسلحة ضد المتظاهرين العزل من الشعب السوري

9-    وأهم  هذه الإصلاحات على الإطلاق هو التفنن في عمليات التعذيب والقتل وتحويل الأطباء من منقذي الأرواح إلى الجزارين حسب المفهوم الطبي الموت الرحيم , وسلخ الجلود ونزع الأعضاء البشرية من الأسرى والجرحى وتصديرها للخارج لجلب العملة الصعبة لخزينة الدولة الفارغة

10-                       فالقائمة تطول جداً ومن كثرة هذه الإصلاحات اختفى الرئيس واختفت الحكومة والشعب يعيش بالحرية ليحكم نفسه بنفسه وليتفرغ الحاكم ليكون ملك العالم أجمع ليطبق إصلاحاته في الكرة الأرضية تلك , ويكون المنقذ من الإفلاس في الأزمات لإقتصادية العالمية في تقليل عدد السكان حتىيكفي الغذاء والوصول بعدها  لمجتمع الحاجات