الشعب السوري يتسابق نحو الحرية

الشعب السوري يتسابق نحو الحرية

- دوما وما حولها نموذجاً –

تسعى التنسيقية أن تقدم للمهتمين بالأحداث السورية الأخيرة عموماً، وأحداث دوما وما حولها خصوصاً آخر الأخبار والمستجدات على أرض الواقع، مدعمة بتقريرها ما تتيحه وسائل الاتصال المتاحة مع أبطال الأرض.. المتواجدون على ساحة التظاهر..

إلا أننا في هذا التقرير نقدم لكم تقريراً مدعماً بحقائق نقلها لنا أحد أولئك الأبطال المرابطين على أرض دوما، المطالبين بالحرية، وهو أحد لجان المدينة الشعبية، التي تشكلت لتنظم تلك الاحتجاجات، وتتابع مسيرتها كما هو مخطط لها، فكانت شهادته عن الواقع تدور في عدة محاور :

أولاً: التنافس بين المدن :

سمعنا في الاحتجاجات الأخيرة عن جمعة الشهداء، حيث أعلن رسمياً في دوما عن ثمانية شهداء وقعوا في تلك الجمعة، إلا أن مدينة حرستا لم يشهد أحد من أبناءها الشهادة.. مما دفع بشباب حرستا إلى الحزن على عدم وقوع شهداء بينهم، فقام عدد من أهالي حرستا وصل إلى 2500 شخص بالسير مشياً على الأقدام من حرستا إلى دوما ليقدمون العزاء لشهداء دوما، وكانوا في طريقهم يرددون هتافات تحمل في طياتها نصرة أهل دوما، ويحملون لافتات كتب عليها "كلنا فداء لأهالي دوما"، وإن دل هذا المشهد على شيء فإنما يدل على مبدأ السباق نحو الجنان.

ثانياً: الوحدة الوطنية، أو مبدأ الأخوة :

وفي انتقالنا من جمعة الشهداء إلى الجمعة التي تليها، نجد أن هذه الجمعة كانت تعبر عن تلاحم شعبي بين أبناء المدن، فكانت مدينة دوما محاصرة من قبل قوات الأمن، وهذا ما دفع رجال حرستا الأحرار إلى السير باتجاه دوما نصرة لهم، ولفك حصارهم إلا أن قوات الأمن منعتهم من الوصول إلى دوما، وأرجعتهم.

أما في جمعة الصمود ازداد التلاحم بين المدن فقام أحرار دوما بالتوجه إلى حرستا، فكّوا حصارهم، واتحدوا معهم في مسيرة واحدة ومن ثم اتجهوا نحو عربين، ومنها إلى زملكا.. فهبّوا هبّة رجل واحد.. مطالبين وبصوت واحد بالحرية... ولا شيء سوى الحرية يريدون.

ثالثاً: قوات الأمن والقمع الهمجي للمتظاهرين :

كنا قد ذكرنا بأنه في الجمعة العظيمة وصل عدد متظاهري دوما إلى مائة ألف متظاهر، وهذا ما أكده مجدداً البطل الذي قدم لنا تلك المعلومات، حيث أن شارع كورنيش دوما كان مليئاً بالمتظاهرين بمسربيه الذهاب والإياب..

ولكن اللافت للانتباه في هذه الجمعة أن قوات الأمن أصبحت تتعامل بهمجية ، وبطريقة مباشرة دون اللجوء لأساليب مبطنة، أو قتل المتظاهرين من وراء حجاب، فبدأت قوات الأمن بوقت واحد، بمختلف معداتها من رشاشات المياه، والقنابل المسيلة للدموع، والرصاص الحي وواجهت بها الصدور العارية، والمظاهرات الهاتفة "سلمية، سلمية" مما أدى إلى وقوع عدد من الشهداء على أرض مدينة دوما، كان اثنين من الشهداء هم من أبناء دوما، والأخرون لأبطال جاؤوا من مناطق مجاورة لمشاركة أهالي دوما.

رابعاً: دوما تحت الحصار:

بعد الجمعة العظيمة، وما سببته تلك الجمعة من إحراج للنظام السوري، حيث ساهمت تلك الجمعة بتعرية هذا النظام الفاسد، وكشف ضعفه أمام عزيمة الأحرار، فكان رده بفرض حظر فعلي شديد على مدينة دوما، مع تكتم إعلامي كامل هذا الحظر، لما يسبب إعلان هذا الحظر من إساءة للنظام.. ولم يكتف بالحصار على دوما من كافة أطرافها.. فدخل إليها وقام بعزل الحارات عن بعضها البعض.. ليتفرد بأبناء تلك الحارات ويقوم بالاعتقالات العشوائية لكل من شارك في المظاهرات أو اعترض طريق الأمن..

وحتى هذه اللحظة فهناك قوائم يتحفظ عليها الأمن تضم أسماء المطلوبين، علماً أن هذه القائمة تتجدد باستمرار من خلال إسهامات الخونة والعملاء لهذا النظام، والذين يبيعون أبناء مدينتهم  بثمن ٍ من الدنيا قليل!!

خامساً: شباب المظاهرات وأهدافهم :

مع اطلاعنا على التضحيات التي يقدمها شباب الثورة في دوما إلا أننا فوجئنا ومن خلال شاهدنا الكريم أن الشباب خلال الأحداث الماضية، كانوا يصومون يومي الخميس والجمعة، ويغتسلون قبل صلاة الجمعة على نية الشهادة، يخرجون في مظاهراتهم عراة الصدور، مرحبين بالرصاص ومن هتافاتهم "مرحباً بالرصاص.. مرحباً بالجنة" وأيضاً "عالجنة رايحين شهداء بالملايين".

وفي هذا السياق.. يحدثنا شاهدنا الكريم، أنه وخلال إحدى المظاهرات.. أصابت رصاصة أطلقها جنود النظام الفاسد واستقرت في رقبة أحد المتظاهرين.. فقام هذا الشاهد مع عدد من الشباب بإسعاف هذا المصاب، وهم في طريقهم.. والشاب ينزف.. يقول لهم وبكل حزن "في كل جمعة اغتسل بنية الشهادة وأخرج، ولا أستشهد، حتى الآن أصبت ولكنّي لم أستشهد.. ويتابع قوله : ليت تلك الشهادة استقرت في وسط رقبتي لأنال الشهادة"

نعم هؤلاء الشباب طلبوا الحرية بعزيمة وإصرار، وستأتيهم تلك الحرية بإذن الله عز وجل، لأنهم صدقوا الله فسيصدقهم.

سادساً: أسدٌ ولكنه لا يمون :

حدثنا الأخ الكريم بأن مجموعة من وجهاء المدينة، ذهبوا في زيارة إلى الرئيس بشار الأسد، ليعرضوا عليه مطالبهم، ويصوروا له حجم معاناتهم مع قوات الأمن.. وفي سياق كلامهم مع الرئيس قالوا له نخشى بعد الخروج من عندك الآن أن تقوم قوات الأمن باعتقالنا.. فقال لهم الرئيس وبلهجة واثقة أنتم الآن أصحابي.. فكيف يعتقل أصحاب رئيس الدولة؟!!.. وعندما أبدووا مخاوفهم مرة أخرى قال وبسخرية: أخشى إذا خرجت أنا الآن أن يعتقلوني من كثرة كلامكم!!.. ومع الأسف الشديد ، كانت خشية أولئك الوجهاء في مكانها فصحيحٌ أنه أسد لكنه لا يمون.. حيث قامت قوات الأمن باعتقال بعض الوجهاء الذين كانوا في تلك الزيارة.

سابعاً: كلمة أخيرة :

خلال تلك الأحداث دخلت قوات الأمن إلى مشفى حمدان، وأطلقوا الرصاص داخله، كسروا كاميرات المراقبة، وصادروا سيرفر الاستقبال لإخفاء آثار تخريبهم، ودخل عناصر الأمن وقالوا لمجموعة الأطباء المتواجدين ومن بينهم الدكتور حسام حمدان ابن صاحب المشفى "بدكم حرية يا كلاب".

والآن فإن قوات الأمن في حملة اعتقالاتهم الأخيرة يحاولون التركيز على اعتقال وجهاء المدينة، وأصحاب الرأي فيها، ومن يشكون في علاقاته الاجتماعية.. ظناً منهم أنهم سيقضوا على رؤوس الفتنة – من وجهة نظرهم- ولكن ما نؤكده لهذا النظام وأزلامه أن المظاهرات لا تقتصر على نشطاء، أو قيادات، أو مثقفين... وإنما حين تخرج المظاهرات يخرج أفراد الشعب السوري الأحرار بجميع شرائحهم .. وإذا سألت أحد أولئك المتظاهرين عن سبب الخروج يقول: " والله بعد أن شممنا رائحتها، وذقنا طعمها لن نتركها فهي الحبوب المعنوية للحرية، التي شحنت بها نفوسنا من أول هتافف حرية .. حرية"

تنسيقية مدينة دوما – الثورة السورية

قسم تحرير الأخبار 29/4/2001

(صباح الجمعة)