رغم الجراحات ستظل القضية الفلسطينية في ضمير السورين

محمد فاروق الإمام

رغم الجراحات والعذابات

ستظل القضية الفلسطينية تحيا في ضمير كل سوري

محمد فاروق الإمام

[email protected]

رغم الجراح والدماء والعذابات التي يعيشها الشعب السوري على يد جلاديه.. والتي حرمت أفواه السوريين من الابتسام ومشاعرهم المكلومة من الفرح، فإنني أجد ابتسامة قرنفلية بلون الدم ترتسم على أفواه السوريين حتى وهم منغمسون في بحر دمائهم وانتزاع أرواحهم، وقد دغدغت مسامعهم أجراس أفراح تصاعدت أصواتها من قاهرة العز بن عبد السلام بقرب توقيع اتفاق مصالحة بين حماس وفتح، ولطالما انتظرها السوريون طويلاً، وقد التقت وفود حماس وفتح في القاهرة بعد نجاح ثورة الشباب المصري التي أعادت مصر إلى حضن العروبة وقيادة الأمة العربية واحتضان وتبني قضايا العرب المصيرية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.. بعد غياب طويل عانت منه الأمة العربية الكثير وعصفت بالقضية الفلسطينية الإخفاقات والصراعات بين فصائله، وكرست الانشقاق وتمزيق النسيج الفلسطيني الذي وقف بعد توقيع مصر اتفاقية (كامب ديفيد) لأكثر من 32 سنة عارياً مكشوف الظهر أمام العدو الصهيوني، الذي ألهب ظهر الفلسطينيين بسوطه وعصاه وبندقيته ومعوله، واغتصب الأرض وأقام مستعمراته وواصل حفرياته حول وأسفل المسجد الأقصى في عمل دءوب، في ظل ضعف عربي لم يسبق له مثيل، جاهداً في تغيير الهوية الفلسطينية لأرض فلسطين ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.

نعم.. السوريون الذين يتعرضون في هذه الأيام إلى هجمة بربرية من شبيحة وعصابات الأمن السوري تطال الجسد والروح.. لأنهم خرجوا في مظاهرات سلمية تنادي بالحرية التي سلبها النظام السوري السادي منهم لنحو خمسة عقود، وتنادي بالكرامة التي داسها النظام الاستبدادي بنعل حذائه لأكثر من أربعين سنة، وتتعرض مدنه لحصار قاتل من قبل النظام الديكتاتوري المستبد بهدف خنق أهلها وتركيعهم، من خلال حرمان الأطفال والنساء وكبار السن والرجال من الماء والغذاء والدواء، وملاحقة الفتية والشباب في بيوتهم ومساجدهم لقتلهم أو اعتقالهم دون أي اعتبار لحرمة المنازل أو قدسية لبيوت الله.

لم ينس السوريون في هذه الأحوال العصيبة القضية الفلسطينية التي نمت في قلوبهم وترعرعت في أحشائهم ورافقتهم سنين حياتهم دون كلل أو ملل بغض النظر عن النظام الذي يحكمهم، فبطاح فلسطين ووهادها وجبالها وبياراتها وقراها ومدنها روتها دماء السوريين واختلطت بترابها منذ وطئت أقدام الصهاينة أرضها في بواكير القرن العشرين، وكانوا وقود كل الثورات التي نشبت في فلسطين أيام الانتداب البريطاني، وكانوا في مقدمة الصفوف في كل الحروب التي فرضها الصهاينة على العرب، وانخرطوا فيما بعد مقاتلين فدائيين في مختلف الفصائل الفلسطينية جنباً إلى جنب مع الفدائيين الفلسطينيين، حيث اختلطت الدماء ووارها ثرى فلسطين، وصعدت الأرواح إلى عليين في عناق سرمدي تحكي فصول هذا العشق وهذا الغرام الأبدي.

في ظل الجراح العميقة والعذابات الموهلة والمعاناة التي تجاوزت المعقول.. انفرجت أسارير السوريين لسماعهم الأنباء السعيدة التي خرجت من القاهرة تحمل في طياتها قرب إعادة اللحمة إلى الجسد الفلسطيني الذي مزقته الصراعات الحزبية وشحذت سكينه أياد فلسطينية وعربية وأجنبية تريد وأد الإرادة الفلسطينية وإنهاء حلم الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أرضه ووطنه تنعم بما ينعم به كل البشر في هذا العالم الذي جففت فيه كل مظاهر الاستعمار وأنهته إلا من فلسطين التي بقيت ترزح تحت نير عدو غاصب قام بقرار ظالم ومجحف من الأمم المتحدة المدعوم من دول كبرى شرقية وغربية.

نبارك للإخوة الفلسطينيين هذا الإنجاز العظيم متمنين عليهم أن ينهوا ملف الانقسام البغيض بالسرعة القصوى، وأن يعضوا على وحدتهم بالنواجز ويصونونها بحدقات العيون، ويتساموا عن ترهات الأمور ويتجاوزوا عن الصغائر منها، فالاتحاد قوة والتفرق ضعف.. وآن لهم أن يضعوا نهاية لهذه القضية التي طال أمدها والأمر بيدهم فما حك جلدك مثل ظفرك، وإذا ما فعلوا فسيجدون إلى جانبهم أخوتهم وأشقاءهم يشدون من أزرهم ويدعمونهم بلا حدود، ونحن السوريون نعاهدكم أن لا تحرفنا الجراحات أو العذابات التي نتعرض لها من نظامنا السادي عن القضية الفلسطينية وسنكون في مقدمة من يقف إلى جانبكم ونتقاسم معكم كل التضحيات والجهد والعطاء حتى يتحقق النصر وتقوم دولتكم التي تنشدون.