عندما تختصر الأمة في طاغية
د. منير محمد الغضبان *
إنها تعني .. ما علمت لكم من إله غيري..
فالأمة كلها : الله ، سورية ، بشار وبس
فلا أحد من البشر فوقه ، ولا أحد معه ، ولا أحد ندا له ، لأن (بس) قطعت قول كل خطيب .
ولكن الأخطر أن ترى هذا في دستور المملكة السورية الأسدية الصادر عام 1973 ، هذا الدستور الذي غُير خلال دقائق حتى لا تخرج من سلطان حافظ الأسد الطاغوت الأكبر الأب ، ليبقى بيد بشار الطاغوت المتأله الابن. .
أما الصلاحيات لرئيس هذه المملكة فهي بسيطة جدا ، أن تكون بيده السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية ، فما هي هذه الصلاحيات :
السلطة التنفيذية :
المادة 93
يمارس رئيس الجمهورية السلطة التنفيذية نيابة عن الشعب ضمن الحدود المنصوص عليها في الدستور )
وليس هناك حدود منصوص عليها فوق الدستور وفوق الرئيس إلا عندما يتهم الرئيس بالخيانة العظمى ، وتثبت عليه هذه التهمة .
فلو جن مثلا ، فلا يجوز عزله .
السلطة التشريعية :
المادة 107
1- لرئيس الجمهورية أن يحل مجلس الشعب بقرار معلل صدر عنه ،وتجري الانتخابات خلال تسعين يوما من تاريخ الحل .
2- لا يجوز حل مجلس الشعب أكثر من مرة لسبب واحد
وخلال غياب مجلس الشعب :
المادة 111
3- يتولى رئيس الجمهورية سلطة التشريع في المدة الفاصلة بين ولايتي مجلسين ، ولا تعرض هذه التشريعات على مجلس الشعب ، ويكون حكمها في التعديل والإلغاء حكم القوانين النافذة )
فلو قرر مثلا تغيير الدستور كله على هواه ، فالتشريع له ، ولو جاء مجلس شعب جديد فهو محكوم بالدستور الجديد لأن القوانين والتشريعات خلال هذه المرحلة لا تطبق عليه ، ولو وضع مدة الرئيس طيلة حياته حتى يموت ، فمجلس الشعب يشترط موافقته على هذا التعديل الدستوري ..
أما حق إلغاء العمل بالدستور فهو أمر أساسي ورئيسي من صلاحياته:
(المادة 101
يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ ويلغيها على على الوجه المبين في القانون )
ونحن لا نزال نعيش بظل قانون الطوارئ وتعطيل الدستور فقط نصف قرن ، ومن حق الرئيس إلغائها ، دون تشكيل لجان للدراسة ، لكن الديمقراطية المتغلغلة إلى العظم عند الرئيس السوري جعله يحتاج أحد عشر عاما للتشاور في إلغائها أو إبقائها ، وعندما تقدم نائب بطلب إلغاء قانون الطوارئ ، رد مجلس الشعب بالإجماع بعدم التصويت والدراسة لهذا الاقتراح ، ولا شك أن مقدم الاقتراح ضمن هذا الإجماع .
السلطة القضائية :
فالمحكمة الدستورية العليا وهي أعلى سلطة قضائية ، تُعين من رئيس الجمهورية
المادة 139
تؤلف المحكمة الدستورية العليا من خمسة أعضاء يكون أحدهم رئيسا يسميهم رئيس الجمهورية بمرسوم)
وبالمناسبة فهي التي يحق لها أن تحاكمه بتهمة الخيانة العظمى ، هو يعينها وهي تحاسبه فهذا فصل السلطات في نظامنا السوري العتيد .
والرئيس بيده السلطات الثلاث ، وأخيرا لا يحاسب عما يفعل .
لا يسأل عما يفعل
(المادة 91
لا يكون رئيس الجمهورية مسؤولا عن الأعمال التي يقوم بها في مباشرة مهامه إلا في حالة الخيانة العظمى ، ويكون طلب اتهامه بناء على اقتراح من ثلث أعضاء مجلس الشعب على الأقل وقرار مجلس الشعب بتصويت علني وبأغلبية ثلثي أعضاء المجلس بجلسة خاصة سرية ولا تجري محاكمته إلا أمام المحكمة الدستورية العليا )
ولا عجب فقد أطلق هذا القانون عندما سلمت الجولان على قرار وزير الدفاع وكوفئ لخيانته العظمى ، برئاسة الجمهورية ، كما كوفئ بشار أسد ببطل المقاومة بناء على ترك الجولان بيد إسرائيل واعتبار المقاومة لتحريرها جريمة ..
ونقول أخيرا: إن أي إصلاح لا يغير هذه الصلاحيات للطاغية .
ولا تحتوي تعديل المادة الثامنة من الدستور والتي تجعل حزب البعث القائد للدولة والمجتمع ولا يحمل إلغاء صلاحيات رجل الأمن على القتل والسفك والاعتقال دون محاسبة هو عبث بمصير هذه الأمة وتخدير لها عن الحقيقة ، واستهزاء بها وبعقلها ،
فيا شعبنا الثائر .. ليكن مطلبك تعديل الدستور ، أو تغيير الدستور ، أو المضي في المقامة إلى لأن يتحقق موعود الله ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون )
* باحث إسلامي سوري