أُحجية الإصلاح

د.محمد إياد العكاري

د.محمد إياد العكاري

[email protected]

لم أكن أعلم أنا المواطن المغترب عن بلدي الشام قسراً منذ ثلاثة عقود بأنَّ الإصلاح في بلدي يحتاج لوصفةٍ سحرية ،وميتافيزيقا نوعية من حيث الكيف والكم واللون والبعد ، ليس هذا فحسب بل يحتاج الإصلاح أيضاً لفلسفة جدلية ، ودراسة معمَّقة، وسفسطائية منمَّقة، إضافةً لذلك فإنَّه  يحتاج للقيام بمسرحية هزلية في مجلس الشعب الموقَّر ،والذي شاهدناه جميعاً أثناء خطاب السيد الرئيس بشار الأسد بعد طول انتظار وماصاحبه من هتافات مخزية لبعض أعضائه تلك التي تجعل جبين الحرِّ يتصبَّبُ عرقاً وألماً مما قيل وسمع وشاهد...!!!!! ولاغرابة في ذلك فهذا هو حال بلاد الإرثستان؟؟!!  وهذا هو حال الجملكة الأسدية؟؟!!والحزب الواحد...؟! والقائد إلى الأبد ...!!!! والعذر من القارئ هكذا يقولون؟؟!!

فهنا الإصلاح يكون أحجيةً ويحتاج لبحوثٍ ودراساتٍ... وعبورٍ ومرورٍ عبر المسامات اللا هوائية للأجهزة الأمنية،وفروعها المختلفة ،والمتعددة، ليتعرَّض مشروع الإصلاح في دهاليزها وعتباتها لانتكاسةٍ خطيرة ،وتتعرض السطور والخواطرفيه لممارسات وطقوس أمنية ليخرج بعدها مشروع الإصلاح مجرَّداً من فحواه، مفلساً من معناه، خالياً من محتواه ،ثمَّ ليتشدَّق بعدها البعض علينا بحاجة مشروع الإصلاح إلى تأنٍ وصبرٍ ...ويأكل في عقلنا حلاوةً بالأماني المعسولة، ويتبع ذلك أن يخرج المتفيهقون من  أهل الإعلام المسف في السلطة ببهلوانياتهم السمجة،  وطبخاتهم الغير مهضومة والتي تسبب الغثيان والتسمم مما فيها من التبريرات والأحجيات مشيرين فيها لمؤامراتٍ خارجية؟؟؟!!! وعصاباتٍ مأجورة ....!!؟؟

كل ذلك تبين كذبه وبهتانه مما انكشف من التقارير الصادرة عن المخابرات العامة وماكانت تسعى إليه من تجييش الإعلام وتحميل الأجندة الخارجية واستخدام الأمن والمخططات الشيطانية لزرع الفتنة وإطلاق العصابات الأمنية الرسمية للعيث في البلاد والقتل والسلب والإجرام ثم ليظهر علينا أزلام السلطة والنظام بوجوهٍ مكفهرة كببغاوات وخيالات مآتة لايحيدون قيد أنملة- ولايستطيعون_ عن التصريحات الرسمية وإلا فمصيرهم كمصير سابقيهم والتي كان أخرهم رئيسة تحرير صحيفة تشرين الحكومية د.سميرة المسالمة والتي أُقصيت وأقيلت بعد تصريحٍ يُجيَّرُلها عن مسؤولية رجال الأمن في الكشف عما يحدث وواجبها الملزم بالتعريف عن العصابات المسلحة فهذه مسؤولية الأمن..أجل بل  وأشارت إلى عدم اقتناعها بالتفسير الحكومي للأزمة فكان ماكان خلال أربعٍ وعشرين ساعة 

من إقصائها وإقالتها  وهكذا النظام البوليسي الفاشيستي يلوك أزلامه حتى إذا استنفذ أغراضه منهم أو إن بدرت هفوة من قبل أحدهم رماهم كما ترمي الضباع الجيف ..وياللأسف وليتهم يرعوون.

أجل هو ذا مايحدث في بلاد الشام فالأفواه مكممة، والألسنة مربوطة والكلمة قدتُقصي صاحبها من عمله لا بل قد تقضي عليه كما حصل مع رئيس الاستخبارات السورية السابق غازي كنعان الذي نُحر ولم ينتحر. .

وهاهو الأسبوع الرابع يختتم أيامه بالدِّماء الزاكية والتي يغطي فوحها وعبقها كلَّ بلاد الشَّام تلك الدِّماء التي روَّت أرض سورية كلها ابتداءً من  درعا وبانياس واللاذقية وحمص ودمشق وحلب ودوما والمعضمية والكسوة والصنمين أجل روَّت هذا التراب المخضب و المجبول بالعزَّة والكرامة على مدى الأزمان وهاهي سورية كلها تنتفض انتفاضة ماردٍ جبار رغم الظلم والقتل والبطش والحصار....أجل تنتفض انتفاضة ماردٍ همَّام في كلٍِّ مدنها وقراها ونواحيها من الدير إلى الحسكة ،ومن حوران إلى الميدان ،ومن البوكمال إلى حماة، ومن حمص إلى معرة النعمان ،ومن إدلب وجسر الشغور إلى القامشلي والحسكة، ومن حلب الشَّهباء  إلى جبلة القسَّامومن التل إلى البيضاء  والتي خرجت نساؤها هذا اليوم مثل الشموس الزاهرات وقطعن طريق بانياس طرطوس ومطلبهنَّ الحرية لأزواجهم ورجال بلدتهم الذين أهينوا وعذبوا واعتقلوا لالشيء إلا مناداتهم للحرية والكرامة والعدالة والمساواة، وهذه جامعة حلب تنضم بشبابها وفتياتها  إلى جامعة دمشق وإلى الثورة السلمية الراقية وتدعو إلى مايدعون إليه مناديةً للحرية والكرامة والعدالة والمساواة داعيةً سلمية سلمية نابذةً للطائفية،مطالبةً بالإصلاح الإصلاح .

وأتعجب هنا ونحن في أتون الأحداث وسورية تشتعل من أقصاهاإلى أدناها،وكلها في المعالي والثورة تتأجَّج والأحداث تتفاقم لتحاصر الدبابات درعا وحوران واللاذقية وبانياس وحمص والشام والعصابات الأمنية تعيث قتلاً وفساداً في البلاد بعلم وتدبير النظام ليتم قنص الأحرار والشرفاء من أبناء هذا الوطن الأشم وليتم كذلك ترويع الآمنين وإرهاب المواطنين  كي يكمموا الأفواه مقابل حصولهم على الأمن

 هي مقايضة يحاول النظام التشتيت والتفرقة والحديث عن الطائفية التي أحدثها هو لكي يرضى الناس بالواقع المهين. 

أجل هذا مايحدث في موطني والحديث لايزال عن الإصلاح؟؟؟!!!!!

أيُّ إصلاحٍ هذا والأوضاع تتفاقم في البلاد والمظاهرات والاعتصامات شملت طول البلاد وعرضها لتغطيها كلها وكأنَّ النظام يعيش في عالمٍ آخر ؟؟!!

أيُّ إصلاحٍ هذا الذي يتحدَّثون عنه وقد كُشفت سوءات النِّظام، وتبينت عوراته ،وظهرت ألاعيبه القذرة ومخازيه أمام العالم أجمع؟؟!!

مئتي شهيد ولايزال الدَّم الحر يتفجر من نحور الأبرار الأطهار الذين يدعون للحرية والكرامة والعدالة والمساواة

 وينادون بالسلمية ويهتفون بها ولها ويمقتون الطائفية وينبذونها ، ولا يريدون إلا حياة العزة وعيش الأحرار.

مئتي شهيد ولايزال النِّظام يكابر ويكابر ولاحراك ،ولاتبصُّر، ولاعقلانية ،ولاانفراج!!!!!!!!!!!!

 فالدراسة لم تتم .....ومشروع الإصلاح لم يستكمل؟؟!! لأنَّ النِّظام في الشَّام يتبع النِّظام؟؟!!ماشاء الله ... والأمر أمر قوانين ومراسيم!!...ياسلام

هذا الإصلاح  يتباطأ تنفيذه عند الحديث عن الحقوق وعندما يتعلَّق الأمر بحرية الشعوب وكرامتها وعزَّتها وحرية تقرير مصيرها بنفسها؟؟؟!!!

أما عندما يستدعي الأمر تغيير الدستور لتغيير سن الرئيس وتفصيل الحال على القياس فالأمر مختلف.....وماأدراك هنا ماالدستور!!!!

 الدستور الدستور؟؟؟!!!!! أجل عندها يسخَّر مجلس الشعب كله ليكون مطية للتوريث ويتم التفصيل للمراد حسب الطلب !!؟؟  ...روعة!!!!

لا بل يتمُّ ذلك كلُّه بجرَّة قلمٍ وجلسةٍ واحدة من المجلس الآنف الذكر !!!!!!! ويتم التصفيق للحدث كما شاهدنا يوم الخطاب الجلل؟؟؟!!!

أجل هكذا تحترم القوانين من أجل كرامة الشعوب وحريتها !!!!!وهكذا تُسخَّر لتكون مطية وألعوبة من أجل التوريث؟؟؟!!!

ألم أقل بأنَّ الإصلاح في الجملكة أحجية ٌ مابعدها أحجية..................................؟؟؟؟؟؟؟؟؟!

كان وعداً قطعه بالإصلاح منذ أحد عشر عاما بعد توريثه ولكنه نسيه وتناساه بل أكل عليه الدَّهر وشرب......

 وبعد الأحداث والوعود المقطوعة من قبل أساطين السلطة كان خطابه  خيبةً وسراباً وألماً ومرارة .أجل 

ولكن تقرير مصير الشعوب يكون بأيديها وسواعدها ، وبعزمات رجالها ،وهمم الأحرار والأبرارمن أبنائها وفرسانها.

فهاهي جذوة الحرية والكرامة قد اشتعلت في بلادنا بعد عقودٍ من الألم والمرارة وانتشرت كما النور والضياء في الآفاق

 حاملةً شموس الحرية والكرامة في وجوه شهدائها الأبرار الذين ناهزوا المئتين

 وستشرق تلك لامحالة  بإذن الله على تراب سورية الحبيبة ،سورية الطهر، سورية الغد، سورية العلياء  ،

لتبتهج البلاد بطيوفها الجميلة  ويُسرُّالعباد بمحيا  الحرية والكرامة  متألقاً في آفاقهم وإنَّ غداً لناظره قريب.