الفتنة جريمة .. وحرب الظلم فريضة ...
د. منير محمد الغضبان *
نقول هذا الكلام لعلماء السلطان أولا ، وللطغاة ثانيا ، ولشعبنا بعد ذلك .
فمفهوم الفتنة هو : فتن المسلم عن دينه ، وفتن الرجل عن عقيدته بقوة السلطان وقوة الطاغوت ، وجاء الإسلام لتحرير الإنسان من الطغاة الذين يفرضون أنفسهم بالقوة على شعوبهم ويحولون بينهم وبين حرية اعتقادهم وبينهم وبين رسالة ربهم ، وما كان لجيوش الفتح الإسلامي من مهمة إلا إزاحة هؤلاء الطواغيت الذين يحولون بين الله وبين شرعه ، ويفتنون الناس في عقائدهم ،ويفرضون عليهم العبودية لهم ولأهوائهم ، فالفتنة جريمة ، وهي فرض العقيدة والأهواء على الآخرين .
فــ ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) ويتمكن كل فرد في هذا الوجود أن يتعرف على شرائع الله التي أوحى بها لعباده .
فالحكام المتسلطون والطواغيت هم آباء الفتنة ومسعروها .
ولا أدل على ذلك من الأنظمة الدكتاتورية التي تختصر الأمة في فرد وتبيع الأمة لطاغوت ،يتحكم في رقابها مدى حياته ، وبعد مماته حين يورثها لابنه .
إنهم هم المجرمون الذين يتحكمون في رقاب أمتهم بقوة السلاح وبجيوش الأمن ، وبالموظفين المحترفين عندهم من العلماء الذين يبررون ظلمهم وجبروتهم .
وإنها للمأساة حقا أن نسمع الرئيس السوري بشار الأسد لا يحفظ من القرآن إلا ( والفتنة أشد من القتل ) ويلقنها في خطابه : إما أن تكون الأمة عبيدا له ، والشعب ملكه ، وسورية مزرعته . فهذا هو أمن سورية . وأي خروج على هذه العبودية له فتنة ، ويتابع المسبحون بحمده بعمائمهم ولحاهم ليقولوا : هذه فتنة ، الفتنة نائمة ، ولعن الله من أيقظها ، وأمن سورية مقدم على حريته ولقمة خبزه ، وكرامته حين يتظاهر ليشكو هذه المظالم ، يسلط عليه الرصاص وتفتح له السجون والمعتقلات ..
نقول لهؤلاء المتشدقين المدعين لتمثيل الإسلام ، وهم يخرجون كل يوم على شاشة الفضائية السورية . أنتم الفتنة ، وأنتم الذين يلبسون الحق بالباطل ، وأنتم الذين بعتم دنيا غيركم بدينكم . لتبرير تسليط الحاكم على رقاب البلاد والعباد .
هذا مفهوم الفتنة ، وحين ندعوا إلى تعبئة شعبنا كله ضد الطاغية الذي يحكمه ، والحزب الذي يقوده : نكون قد قضينا على الفتنة في مهدها ورفضنا الطاغية والطغيان . الطغمة الحاكمة التي فرضت على الأمة حزب البعث بعقائده ومبادئه وأشخاصه ، وجاءت بقانون الطوارئ لتفرض هذا الحزب بالقوة خلال نصف قرن هي الفئة المجرمة . الفتنة جريمة ، والطاغية بشار هو وزبانيته بطلها الأوحد .
أما مقاومة الظلم وحربه فهي فريضة على كل مواطن ، حتى الذين يسكتون عن المظالم ليسوا بناجين من العذاب (( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة )) الأنفال
وقد أمر القرآن كل مسلم أن لا يكون للظالمين نصيرا ، وأن لا يكون للمجرمين ظهيرا ، وأن لا يدافع عن الطغاة ويكون عنهم خصيما
وأول من أمره بذلك محمد صلى الله عليه وسلم
((إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما ، واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما . ولا تجادل ن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما ))
ولم تنزل هذه الآيات وما بعدها إلا لرفع مظلمة وقعت على يهودي من فريق المنافقين في دولة الإسلام . وكاد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصدقهم في دعواهم لولا نصر رب السموات والأرض لهذا اليهودي فعوتب في ذلك .
ومهمة الأمة أن تقوم الحاكم الظالم لا أن تعبده ، وهذا ليس فتنة ، بل واجب شرعي على الأمة كلها أن تقاوم هذا الطاغوت .
((لتأمرن بالمعروف ، ولتنهون عن المنكر ، ولتأخذن على يد الظالم ، ولتأطرنه على الحق أطرا ، ولتقصرنه عل الحق أصرا ، أو ليضربن الله قلوب بعضكم ببعض ثم يلعنكم كما لعنهم )
والأمة التي لا تواجه الظالم ويغلبها مهابته أن تفضح مظالمه هي أمة لا تستحق الحياة ((إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم ))
وستنال عقاب سكوتها على مظالمه ، سيقع البلاء والعقوبة عليها صالحها و طالحها ، المجرم أو المنافق ولن ينجو من عذاب الله وسخطه إلا الذين يتظاهرون ضد هذا الحاكم الظالم ..وسيتخلى الله عنها ((أنجينا الذين ينهون عن السوء . وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون )). وأعظم الشهداء عند الله وسادتهم ليسوا فقط شهداء المعركة بل شهداء قول الحق عند الظالم و( سيد الشهداء حمزة ، ورجل قام إلى إمام جائر . فأمره فنهاه فقتله) الحاكم وصححه .
و( أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ) الترمذي..
ونرجوا يكون شبابنا حملة لواء الثورة يمثلون أعظم الجهاد وأعظم المجاهدين لأنهم يقولون كلمة الحق عند السلطان الجائر .
* باحث إسلامي سوري