ثورة سورية ... ورسالة إلى حسن نصر الله
ثورة سورية ...
ورسالة إلى حسن نصر الله
محمد حسن ديناوي
صرح حسن نصر الله في احتفال أقامه في مقر حزبه ، أبدى فيه دعمه للثورة في البحرين بعيدا عن أي خلفية إقليمية أو طائفية .
فإن كانت قضية البحرين بحجمها الصغير وبعدها عن لبنان آلاف الكيلو مترات يهمه وضعها إلى هذا الحد ، أو ليس الأولى أن تهمه الثورة في سورية بجواره وما يحدث فيها ، فهي أهم للبنان بكثير من البحرين فسورية أكبر مساحة وسكانا بعشرات المرات ، كما أن سورية بلد جوار وتشكل عمقا استراتيجيا ومتنفسا للبنان ، بينما تبعد البحرين عن لبنان الاف الكيلو مترات .
وإذا كان تصريح حسن نصر الله بعيدا عن كل بعد طائفي أو إقليمي كما يدعي ، فالسؤال لماذا لم نسمع صوته وتصريحاته بما يخص الوضع في سورية ؟
فإما أنه لم يسمع بما يحدث في سورية ، وهذا أمر محال لا حاجة لنقاشه ، وإلا فعليه أن يدفن نفسه لأن الأموات يسمعون أكثر منه .
وإما أنه لا يعتبر أن ما يحصل في سورية هو ثورة ضد الظلم والاستبداد والقمع والفساد والذل والاستعباد ، وأنه ربما يعتقد بأن سورية بلد حر ديموقراطي شوروي يحترم الانسان وكرامة الانسان ويسعى لحرية المواطن ومصلحته ، ويتمتع المواطن فيها بحقوقه كاملة وله حقه المشروع في حرية الرأي والكلمة والدين والمعتقد ، ويطبق فيها نظام العدالة الاجتماعية .... وهي فوق كل ذلك حاضنة للمقاومة وترتعد فرائص اسرائيل منها هلعا ورعبا .
ولنقف أمام واقع النظام في سورية بتسليط بعض الإضاءات لنرى مدى الحرية التي يعيشها الشعب لتنشيط ذاكرة حسن نصرالله ومن يجهل حقيقة وضع سورية المأسوي .
1- مازال يحكم سورية أحكام قانون الطوارئ منذ انقلاب البعثيين في الثامن من آذارعام ( 1963) ، والبعثيون هؤلاء هم نفسهم الذين يطالب باجتثاثهم ، كل من أسياده في طهران ووزملائه في بغداد وأبناء الخالة في مدينة الصدر .
2 – الدستور السوري في مادته ( 8 ) يعتبر أن حزب البعث هو الحزب القائد للدولة والمجتمع ، بمعنى آخر أنه حزب شمولي يحتكر السلطة ويمنع تدوالها ويمنع أي تعددية سياسية أو حزبية لا تتفق مع مبادئه ولا يدور رجالها في فلكه ويصبح ذيلا ملحقا له ولحزبه .
3 – استمرار الأحكام العرفية والاعتقالات التعسفية التي تعم البلاد منذ تولى حزب البعث وتولى والده حكم البلاد ، رغم الوعود الكثيرة الكاذبة التي وعد بها الابن من يوم وراثة الحكم بعد والده في حمهورية سورية الملكية القمعية اللادستورية .
4- الطبيعة الدموية في قمع الثورات والمظاهرات والقيام بمجازر ومذابح ذهب ضحيتها عشرات الآلاف في الثمانينات كمجزرة حماة وحلب وجسر الشغور و.......غيرها .
5 – ارتكاب مجازر داخل السجون كسجن تدمر الصحراوي الذي قتل فيه الأسد ( الأب ) بقيادة أخيه رفعت أكثر من ألف ومائتي معتقل سياسي ، كما أن الإعدامات كانت مستمرة لمعتقلي الرأي في سجن تدمر وغيره بمحاكمات عسكرية صورية ، بشكل هزلي يمتهن فيه الانسان وكرامة الانسان ويتم اغتيال حياته بسادية فظيعة وتعطش للدماء .
6- نظام علماني يأخذ من العلمانية محاربة الإسلام فقط ، فقد قام هذا النظام بتسريح المعلمين الذين يمثلون صبغة أو هوية إسلامية من وزارة التربية والتعليم ، كما أنه قام الأسد ( الأب ) بمنع الحجاب قبل ساركوزي بثلاثين عاما ، وقام بكشف رؤؤس النساء الحرائر في الشوارع من قبل العناصر الأمنية وأزلام النظام وميليشياته من طلائع البعث والشبيبة والمظليات و....
7 – نظام استبدادي يحكم بالإعدام بموجب قانون العار السوري رقم (49) على كل من ينتمي لجماعة الاخوان المسلمين ، بل قام بإعدام للكثير من أنصارالأخوان وذويهم أو حتى من يؤمن ببعض أفكارهم .
8 – يتبجح النظام السوري بالمقاومة والتصدي والممانعة ، والجولان السوري يئن تحت الإحتلال من أكثر من أربعين عاما ، وقد احتل يوم كان الأسد (الأب ) وزيرا للدفاع وسحب الجيش من مرتفعات الجولان والقنيطرة وأعلن عن سقوطها بيد الصهاينة قبل يومين من دخولهم لها بعد أن أخلاها لهم من الجيش السوري ! .
ومازال الابن كوالده يحفظ ويحرس حدود اسرائيل أكثر مما تحرسها الدول الموقعة مع اسرائيل على معاهدات سلام .
ودليل مقاومته احتفاظه بحق الرد كلما تلقى الضربات الموجعة من كيان بني صهيون ، ومازلنا ننتظر هذا الرد من عشرات السنين ولم نلمس شيئا من ذلك ولم يحن بعد ولا ندري متى يحين موعده ، في حين لا يتوانى لحظة واحدة لقمع أبناء شعبه بضربات استباقية قاضية ! .
9 - يدعى معارضته ومعاداته لأمريكا واسرائيل ومعسكرهما ، وهو يغازل أمريكا ويتمسح بها إبان احتلالها لأفغانستان ، فيصرح بكل صفاقة بأنه قدم لها معلومات استخباراتية قيّمة حول الإرهاب وخبرته الطويلة في محاربته – يقصد الاسلام – وعندما لم يشفع له هذا التمسح ، وقرر بوش الصغير الأحمق تغيير النظام في سورية ، أسرع الحليف السري الأقوى – الكيان الصهيوني – ليعلن اعتراضه على تغيير النظام ، لما لهذا النظام من خدمات للكيان الصهيوني في حراسة حدوده وامتصاص الزخم الشعبي في المقاومة في نفس الوقت الذي لا يحرك ساكنا ، ولم ينس بشار هذه الخدمة الجليلة للكيان الصهيوني فصافح رئيس اسرائيل مرتين علنا أمام الكاميرا والمصورين بالفتيكان خلال تشييع جنازة البابا .
10 – نظام طائفي يسند جميع المسؤوليات الحساسة ومفاصل الدولة ومواقع القرار، إلى أبناء عائلته وبعض طائفته على حساب الأغلبية الساحقة من الشعب المهمشة والمسحوقة .
11- استشراء الفساد الأخلاقي بشكل ممنهج ومدروس ، ويتمثل ذلك على تشجيع الرذيلة والانحلال الأخلاقي ونشر الرذيلة والفاحشة ومحاربة مظاهر التدين ومراقبة المساجد والتضييق على المصلين وتعرضهم للمساءلة والتحقيق .
12 – تشجيع وحماية الفساد الأجتماعي وذلك بتشجيع الرشوة وسرقة المال العام والخاص من قبل عائلة النظام من ( الأسد ومخلوف وشاليش ... وأمثالهم ) ، واعتبار دخل سورية من البترول خاص بالعائلة الحاكمة فقط ولا يدخل الموازنة السورية .
وأخيرا وليس بآخر هل تكفي هذه الأمور وغيرها الكثير الكثير لتستحق انتقاد الظلم والفساد في سورية من قبل حسن نصرالله وأسياده في قم الذي ملؤوا الدنيا ضجيجا بقنواتهم الفضائية حول ثورة البحرين ، أم أن البعد الطائفي والولاء الصفوي أهم من كل هذا الذي عرضناه من الظلم والفساد والقمع والاستبداد ومحاربة حرية الرأي والدين والمعتقد في النظام السوري .
وأخير لا بد من الإشارة بأن الأخبار التي ترددت من عدة مصادر بأنه قام بعض العناصر التي اقتحمت المسجد العمري في درعا بتمزيق المصحف الكريم وكتبوا على الجدران عبارات فارسية في إشارة إلى مشاركة عناصر من الحرس الثوري الإيراني في هذا الإجتياح الإجرامي للمسجد ، كما ذكرت عدة مصادر بأنه كان من بين قوات القمع الأمنية ضد المظاهرات والاحتجاجات في سورية عناصر تلبس السواد وتتكلم بلهحة لبنابية في إشارة واضحة إلى مشاركة عناصر من حزب الله - كمرتزقة لنظام بشار كما بعث بطياريه وقواته الخاصة كمرتزقة للقذافي – لقمع المواطنين وذبحهم .
وعليه فإننا نبين بأن دم الشعب السوري غال ، بل غال جدا ، وسيحاسب كل من يتسبب بإراقة قطرة دم من أبناء شعبنا الأبي – كان من كان - وسيدفع الثمن غاليا وأكثر مما يتصور بكثير .