اليوم مصر وغدا سوريا
اليوم مصر وغدا سوريا
محمد هيثم عياش
الحمد لله فالنصر من عنده وهو جلَّ شأنه اكد بأنه اذا اراد أن ينتصر لعباده فلا غالب لهم / ان ينصركم الله فلا غالب لكم / انتصر المصريون بانتفاضتهم وبصبرهم وبرباطهم فقد امتثلوا لأمر الله تعالى / يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون / صبر المصريون ونصحوا الذين احتشدوا معهم في ساحة التحرير بالمصابرة والرباط ، وخضع ذلك الطاغية حسني مبارك الذي أثار غضب شعبه والعالم اجمع مساء يوم الخميس من 10 شباط/ فبراير عام 2011 برفضه الاستقالة خلال خطابه الذي القاه ، حتى ان وزير الخارجية الالماني جويدو فيسترفيليه أعرب عن خيبة أمله جراء رفض مبارك الاستقالة .
فقد أثار إعلان الرئيس المصري حسني مبارك بخطابه الذي ألقاه مساء يوم الخميس 10 شباط / فبراير الحالي الذي تضمن رفضه الاستقالة من منصبه استجابة لمطالب شعبه حفيظة السياسة والصحافة في المانيا ، فقد أعرب وزير الخارجية الالماني جويدو فيسترفيليه عن خيبة أمله من الرئيس المصري الذي كان عليه الاستجابة لمطالب شعبه والسعي لحقن دماءهم والعمل على تغيير نزيه وحر في مصر للبدء بمرحلة جديدة للشعب المصري الذي يتطلع الى الحرية . وتوقع فيسترفيليه الموجود الذي كان موجودا في نيويورك بمقابلة مع المحطتين الاولى والثانية من التلفزيون الالماني ووزعت وزارة الخارجية رأيه ان تسفر عن خطاب الرئيس مبارك ورفضه الاستقالة غضب عارم قد يؤدي الى نزيف الدماء وقلق الحكومة الالمانية ومعها المجتمع الدولي حول الايام والساعات القليلة المقبلة التي ستشهدها مصر قد ازداد واتسع باكثر من ذي قبل نشيرا ان المصريين لا يزالون يتمسكون بسلمية احتجاجاتهم واذا ما تطورت الاحتجاجات الى العنف فان الرئيس المصري وحده مسئول عنها مؤكدا ان الحكومة الالمانية تحرص ان يكون التغيير السياسي في مصر سلميا قحا وترفض اي عنف معربا عن أمله استجابة مبارك لمطالب شعبه حتى لا يسيء الى سمعته باكثر من ذي قبل .
الا ان صحيفة / فرانفكورتر الجماينه / عزت في تعليقها صباح يوم الجمعة من 11 شباط/ فبراير حول رفض مبارك الاستقالة الى الولايات المتحدة الامريكية التي تنتقد بلطف شديد الحكومة المصرية وتطالب الرئيس مبارك باصلاحات والاستجابة الى مطالب شعبه الا أن مطالب واشنطن خالية تماما من أي ضغوط تضامنا مبطنا مع بعض الدول العربية التي تصف الضغوط على مبارك تدخلا بشئون مصر الداخلية معتبرة الرئيس الامريكي باراك اوباما الذي لا يزال يطالب مبارك بالاستجابة الى شعبه وتراجع انتقادات اخرى في واشنطن لمبارك وتضامن بعض الدول العربية الحليفة لواشنطن مع الرئيس المصري وكانه يجلس بين مقاعد كثيرة لا يستطيع اتخاذ اي قرار ضد الحكومة المصرية وعلى راسها مبارك مضيفة ان خيبة المصريين من خطاب رئيسهم سيتطور الى غضب لا تستطيع اي دولة في العالم ارغامه على الصمت والشعب المصري يختلف عن ايران فتلك الدولة التي استطاعت اخماد الاحتجاجات بالقوة فالقاهرة وواشنطن وغيرها لن تستطيع اخماد احتجاجات الشعب المصري بأي قوة تملكها .
كما وصفت صحيفة / سوددويتشيه تسايتونغ – صحيفة جنوب المانيا / المستشارة انجيلا ميركيل وزعماء الغرب من جورج بوش / الابن / الى باراك اوباما مثل / ام الثورة / المضادة جراء توجيه ميركيل والغربيين نصائح الى الرئيس مبارك بارساء الديمقراطية واصلاحات سياسية استجابة لرغبة شعبه الا أن هذه الانتقادات والنصائح خالية من اي معنى لمعاني الضغط السياسي الحقيقي اذ ان الواقع السياسي وموقف الغرب يختلف تماما عن سياستهم تجاه مصر فالغرب يخاف من تغييرات سياسية في مصر وبعض البلاد العربية خشية استلام دماء جديدة لحكم بلادهم هذه الدماء التي ربما تستطيع تغيير واقع الارض التي تكمن بقضية فلسطين . وأكدت الصحيفة ان السياسة الالمانية تجاه مصر ضعيفة للغاية جراء عدم وجود حماس كبير للزعماء الغربيين بتغييرات تجري في مصر فالرئيس الامريكي اوباما يريد من خلال ضغوطه السياسية على مبارك من اجل الاصلاحات وقف جماح قوة الاخوان المسلمين وبالتالي المحافظة على صديقه القديم مبارك وعلى العالم ان لا ينتظر اي تغيير سياسي سلمي يحل في مصر بل بالقوة واذا ما تم التغيير بالقوة فعلى الغرب ان يعيد سياسته من جديد في الدول العربية على حد أقوالهم .
وأعربت منظمة صحافيين بلا حدود عن استيائها لرفض مبارك الاستقالة ودعت منظمة صحافيين بلا حدود الى مظاهرة تضامن مع الشعب المصري والصحافيين المصريين تجري يوم السبت من 12 شباط / فبراير الحالي على بوابة براندنيبورج التاريخية في الحي الحكومي .
وبعد فقد كانت انتفاضة الشعب المصري واحتجاجاته التي استمرت لاكثر من ثمانية عشرة يوما موضوع مؤتمر مدينة ميونيخ للامن والسلام الاستراتيجي الذي عقد خلال الفترة ما بين الرابع والسادس من شباط / فبراير الحالي فقد اصيب المشاركون من سياسيين رفيعي المستوي الى قادة جيوش حلف شمال الاطلسي / الناتو / بفزع من تغييرات تطرأ على منطقة الشرق الاوسط جراء التغييرات السياسية التي شهدتها تونس ونتائج الاحتجاجات التي تشهدها مصر وكان لخطاب مبارك الذي القاه في وقت سابق من الاسبوع الماضي ورفضه الاستقالة ووعده بانتخابات رئاسية نزيهة واعلانه عدم ترشيح نفسه لرئاسة مصر مرة اخرى في شهر ايلول / المقبل وقيام مأجورين باستخدام العنف ضد المحتجين بميدان التحرير القاهري وغيره من المدن المصرية حديث الساسة ، وسألتُ رئيس شئون السياسة الخارجية بالبرلمان الاوروبي ايلمر بروك عن توقعاته فأجاب ان مبارك لن يذهب حتى يرى دماء شعب بلاده ينزف وسألني عن رايي فقلت ان الرجل سيذهب اذ ان المصريين صابرون ومرابطون ومن يصبر ويصابر ويرابط فهو المنتصر والأيام حبلى بالمفاجئات .
انتصر اهل مصر بشجاعتهم وقهرهم للخوف فالخوف اذا ما قهر النفس كانت الهزيمة سهلة انتصر اهل مصر بالرغم من الاراجيف التي ارجفها بعض المشايخ الذين انتقدوا المظاهرات ووصفها بعضهم بانها فتنة علما بأن المظاهرات شرعية وتاريخنا الاسلامي مليء بحوادث مثيلة جرت في عهد الدولة العباسية وغيرها ، ولا أريد ان أذكر هنا مظاهرات خرجت ايام الدولة العباسية وخاصة في ايام الخليفة العباسي المعتضد بالله الذي تولي الخلافة عام 279 هجرية الموافق لعام 902 ميلادية تلك المظاهرات التي خرجت تحتج على فساد بعض الامراء . المتظاهرون من الشعب المصري والتونسي واليمني كانوا نيابة عن الامة والرسول صلى الله عليه وسلم حث على الاحتجاج لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر او ليلبسكم الله الذل ، وهذه المظاهرات ضد المنكر والطغاة .
انتصر المصريون والتونسيون ، وقد آن لشعب سوريا المسلم ان يقهر الخوف ، فاننا كنا نعلم بأن المسلمين في سوريا كانوا يكثرون عند الفَزَع ويقلُّون عند الطمع الا أن الخوف من نظام جبروتي كافر جعلهم عكس ما كنا نعلمه عن ذلك الشعب الا أنه لا يزال فيه بقية خير وشجاعة وعلى المسلمين في سوريا اثبات قدرتهم بقهرهم الخوف وتأديب الظالم واعادة بلادهم الى مجدها الاسلامي العريق وما ذلك على الله ببعيد .