مصاصو دماء الشعب المصري

ومجازر الأربعاء الدامي

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

E.mail:[email protected]

تعيث الخفافيش، مصاصة الدماء، ليلاً لتقتات علي دماء ضحاياها.

كثرت الخفافيش البشرية، مصاصة الدماء الذكية، التي لا تمل ولا تكل من مص الدماء رغم امتلاء الكروش.

لم يعد ثمة ليل يتخفون تحت أجنحته، فعلي مرئي ومسمع من العالم بأسره.. حدث ما حدث يوم الأربعاء الدامي، 2/2/2011.

شباب عزل مسالمون، أحتضنهم شعب مصر كله بكافة أطيافه وفئاته وحساسياته، كما احتضن وتفهم مطالبه المشروعة .. جيش مصر الوطني.

خرج نحو ثمانية ملايين مصري، يوم الثلاثاء 1/2/2011م، ربعهم أحتشد في ميدان التحرير/ ميدان الشهداء ، والشوارع العديدة العريقة المؤدية إليه. هذا الثلاثاء شهد "عُرسا مصريا وطنيا" غير مسبوق في تاريخ مصر الحديث.

حركة مليونين من البشر سارت في سلاسة مذهلة. لا جرائم ولا تعد.

شوارع وأرصفة وحدائق الميدان نظيفة منظمة من قبل هؤلاء الشباب.. المثقف الواعي الحريص علي وطنه وأهله.

شباب كان ومازال يهزج بأناشيد مصر الوطنية، يرفع أعلامها، يفديها بروحه. 

 

نعم، وألف نعم، "ليست النائحة كالثكلي"، و"الخـُطة مبيتة بليل".

ليس من يُستأجر ترغيباً بفتات، أو ترهيباً من عقوبات، كمن خرج من بيته، منذ عشرة أيام، حاملاً روحه فوق أكفه، من أجل الحرية والكرامة والرفعة والريادة لمصر وشعبها الذي يستحق حياة كريمة أفضل بكثير من تلك التي ساموه، إياها، سوء العذاب طوال ثلاثة عقود وأكثر.

سالت الدماء.. بدأت المعركة فور إلقاء الخطاب مساء الثلاثاء، وطوال يوم الأربعاء الدامي، وصبيحة الخميس عندما قام العشرات من المأجورين الذين استخدمهم النظام البائد ورجال أعماله الفاسدين بمهاجمة الشباب الأعزل، في محاولة أخيرة لإجلاء المتظاهرين عن الميدان.

بدأت في الإسكندرية، وفي بعض المحافظات، حيث تجمع الكثير من البلطجية وعناصر الأمن الفاسد وتوجهوا ناحية المتظاهرين في شارع الشهداء وقاموا بالهجوم عليهم وأحدثوا بين مئات الإصابات المتظاهرين الذين كانوا يرددن "سلمية.. سلمية" عدة إصابات وصف بعضها بالخطيرة، ولولا تدخل آليات الجيش لحدثت كارثة بين المتظاهرين.

 

في ميدان الشهيد "عبد المنعم رياض"، والتحرير، قامت ميليشا النظام باستخدام القنابل المسيلة للدموع وقنابل المولوتوف، والحجارة، والاعتداء بالأحصنة والهجاناه، والأسلحة البيضاء.. وعندما فشلت محاولاتهم تلك فى ترويع المجاهدين قاموا بإطلاق الرصاص الحي على الشباب الأعزل، مما تسبب في استشهاد نحو عشرة من الأبطال فيما أصيب عشرات المئات (أكثر من 1500 شاب حتى كتابة هذه السطور).

قتلي وجرحي، ودماء مسفوحة، وكسور خطيرة بالجمجمة، والعظام وبالأضلاع. فقئت عيون، وبقرت بطون، وحرقت جلود..

شاهدنا قنابل المولوتوف من فوق أسطح البنايات المطلة علي الميدانين، والكثير منها يلقي أيا علي المتحف المصري، ثروة مصر الأثرية التي لا تقدر بكنوز الأرض.

وشاهدنا في ميدان المهندسين، ومدينة السويس كيف يسير الشباب المسالم بينما تدهسهم سيارات الأمن المسرعة.. حقا "الشرطة في دهس الشعب".

حقق الشباب نصرا مؤزرا على تلكم الجحافل الإرهابية البلطجية بدفعهم إلى الجلاء عن ميدان الشهيد عبد المنعم رياض الذي كانوا قد احتلوه صباح أمس الأربعاء واتخذوا منه قاعدة للهجوم على المتظاهرين المسالمين في ميدان التحرير، وذلك فى إطار سلسلة من الهجمات التي تنم عن تعرى النظام المستبد ودخوله في النزع الأخير.

واستمر الحصار والعقاب.. نظام يمنع إمدادات الإغاثة، من مستلزمات طبية وإعاشة، عن الشباب المحاصر بميدان التحرير، وليس بغريب وهو يتلذذ بنهج سياسيات الحصار والتجويع في الداخل والخارج في آن معا..

سيعاقب مصاصو دماء الشعب المصري، ومرتكبو مجازر الأربعاء الدامي. سيعاقب المرتكبون، والمخططون، والممولون، المرجون الخ، ويبقي الساكتون عليها شياطين خرس.

سيعاقب كل المجاز المادية والمعنوية التي مر بها، والجرائم البشعة بالتواطؤ الآثم بحق الشعوب العربية في فلسطين والعراق.

سيبقي الشعب مصدراً للسلطات، يوظف من شاء، رئيساً أو خفيراً، لخدمته.. ويعزل وينزع الشرعية عمن شاء قبل أن يستفحل شأن مصاصي دمائه ومرتكبي المجازر بحقه:"...وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ" (227).