اجتماعاً طارئا في مقر شياطين الشرق الأوسط
اجتماعاً طارئا في مقر شياطين الشرق الأوسط
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
هدوء , وسكون , تظهر على الوجوه برودة , مع لمحة صفراء , تزداد في تدرجها باللون , لتصبح أزرقاً مصفرً , لا تجد أثراً من حياة في الوجوه , ولو كنت تعرف أن الشياطين , تموت كالبشر , لقلت عنهم إنهم موتى حقاً
القاعة كبيرة جداً , والرعب يسيطر على المكان
هدوء يسبق عاصفة هوجاء
أو ربما يأتي بعدها عذاب شديد
هكذا يشعر بذلك كل شيطان مارد , في هذا المكان
تقرع الأجراس فجأة , والصولجانات المصاحبة للأجراس تعلن عن قدوم , زعيم الشياطين
يدخل إبليس القاعة , وحوله مساعديه ومستشاريه المقربين
يلبس حلة فخمة عسكرية , مزينة بكثير من النياشين , والأوسمة الذهبية والفضية والياقوت , ومن جميع أنواع المجوهرات
يهمس شيطان بإذن صاحبه , كانا يجلسان في زاوية بعيدة
إن ملكنا هذا يزين ثوبه بنياشين معبرة عن كل نصر قدمه , في سبيل هدفه الذي تحدى فيه الخالق , من أنه سيضل البشر , وهو يستحق ذلك , ولكن السؤال الذي يحيرني , عن بعض البشر في منطقتنا , والتي هي تحت رعايتنا , ما هي الانتصارات التي حققها وزير دفاع سوري , أو عربي , أو قائد حتى يضع تلك النياشين ؟
فقال له صاحبه , أراك تتحدث في أمور حسنة , وهي ليست من مبدأنا , ولكنني لن أجعلك في حيرة من الأمر , يبدو أنك مازلت صغيراً , لم تحصل على مهمة حتى الآن
إن هؤلاء ينتمون إلى فصيلتنا الشيطانية , وبأثواب إنسانية , وما هذه النياشين والأوسمة إلا عبارة عن مدى الإخلاص والتفاني الذي قدموه لنا خدمة وطواعية ,في مقابل تحطيم كل خير في نفوس البشر في هذه المنطقة بالذات
فقال الآخر اسكت الآن لقد بدأ الملك بالحديث , إنه يظهر على ملامحه ثورة غضب , وأنه يوجد أمر خطير جدا , فلنستمع لتوجيهاته الرشيدة
بدأ ملك الشياطين بالتحدث بصوت منخفض في البداية , ثم أخذ صوته يعلو موجها خطابه للحاضرين ليقول :
منذ سنين طويلة مضت , ونحن في إجازة طويلة , منذ أن استطعنا , أن نولي زمام الأمور في المنطقة العربية , والتي هي تحت سيطرتنا , لأشكال بشرية بصورة إنسانية , وقلوب شيطانية
فنحن الشياطين لا نستطيع أن نؤذي أحداً , وليس لنا الحق في قتل أحد , ولا سرقة شخص من البشر , وليس لنا من الأمر من شيء ,إلا الوسوسة في النفس البشرية , فإن استجابت لنا , كانت تعادل شياطين الأرض كلها وتتفوق عليهم , لأنهم ينفذون بأيديهم , ويجمعون شياطينهم من الإنس , ويدمرون كل خصلة من خير , كان قد غرسها الله في نفوس البشر , وابتكروا كل وسيلة للشر , ولو اجتمعت الشياطين كلها , لن تبتكر إحداها
وهؤلاء الأبالسة من الإنس وهم أسيادنا , وأعترف بذلك , فلم يتركوا في بلادهم شيئاً له حرمة عند صاحبها , ولا وطنا له حدود معترف فيها , ولا مالا إلا وشرفوه بشياطيننا , ولم يتركوا حرمة لدم من أبناء شعوبهم , ولا كرامة لمواطنيهم , وصارت نعال أحذيتهم من جلود الشعب , وكنا نعيش معهم في القصور التي بنوها , والمواكب التي يحملون فيها , ونشارك بالهتافات تأييداً لهم
وكانت حياتنا هكذا :
نرتع معهم ونسهر معهم , ونساعدهم في ابتكار أشياء قليلة , مع أنهم لا يحتاجون منا ,إلا النصيحة والتذكير أحيانا
واطمأنت نفوسهم لعملهم الذي نحن نعيش من أجله , واطمأنت أنفسنا لمن ينفذ إستراتيجيتنا بإخلاص يفوق إخلاصنا نحن الشياطين كافة
وكما ظنوا ظننا , أن الوضع باق على حاله , منتقلا من مورث إلى وارث
وكانت المفاجأة الكبرى لنا ولهم , في نار أشعلت في تونس , فأحرقت أول سيد من سادتنا من الإنس , وولى هارباً , ليكون بعد ذلك نسياً منسياً , ونحن بريئون منه
لن تشعروا بأمان بعد اليوم يا أبنائي الشياطين
لقد أصبح أمامكم مهمات كثيرة جداً , ومسالك متعددة , وزمن يحتاج إلى إصرار وعزم وسهر , وإتباع كل الأساليب التراثية والحديثة والمبتكرة من قبلنا , ومن سادتنا شياطين الإنس , لنقف سداً منيعاً أمام الطوفان الذي بدأ في تونس , وانتقل لكل نفوس الشعوب في المنطقة العربية
لقد أصدرت اليوم قوانين قاسية وشديدة , تعلن حالة الطوارأ والأحكام العرفية لأجل غير مسمى في المملكة الشيطانية التابعة للمنطقة العربية , ويمنع التزاوج والسمر , ويجب التركيز فقط على المسار ,في طريقين
دعم ما تبقى من الذين تعبنا عليهم سنين طويلة , وتحطيم الشعور الجارف بين الناس وتحويله لخصام فيما بينهم
والآن الكلام موجه للجميع , مع الأوامر الصارمة , وكل التقارير تقدم لي شخصياً , فقد أنشأت غرفة عمليات خاصة ونحن في استنفار كامل
وسوف نطلب العون من أصدقائنا في إسرائيل وأوروبا وأمريكا وإيران , للدعم اللوجستي والعسكري إن اقتضى الأمر .
فهيا إلى العمل
وجرت وتجري اجتماعات متشابهة مع مندوبيهم على الأرض , وكل شيطان مارد من الإنس يفكر بطريقة ناجعة , للبقاء خادما أمينا لشيطانه , مع أن الشيطان اعترف بأن هذا هو سيده , وهو يظن نفسه عبداً له
ولكن يا من حطمت كل شيء , ووزنت نفسك بميزان متساوي مع الإله , وصنعت من نفسك رباً لكي تعبد , وتكون أنت ومن تبعك جنودا للشياطين وتفوقتم عليهم , فلقد جاء وقت الحساب , فلن تجد من يسعفك لا من الأرض ولا من السماء ,ولا من الشياطين الذين اعتبرتهم أسيادك وحولك ومسعفيك , ولن تكسب إلا
لعنة الله وملائكته والناس أجمعين