سوريا .... ووثائق "ويكيليكس"

سوريا .... ووثائق "ويكيليكس"

أخو الشهيد

قضية الوثائق التي قام موقع " ويكيليكس " الإلكتروني بنشرها شغلت العالم نظراً لما كشفته من أسرار أمام أعين " الجاهلين " ، ولا أقصد بالجاهلين أولئك غير المتعلمين ، بل أقصد الذين ليس عندهم علم بما يجري حولهم .

يشغلني دوماً الهم العربي والإسلامي من حولي ، لكن بحكم كوني سوري ويهمني الهم السوري بالدرجة الأولى ، فقد لفت نظري ما نشره الموقع من وثائق سماها " بالسرية " فقرأتها وضحكت ساخراً ، فكما هو رأيي فيما يتعلق بهذه الوثائق على المستوى العالمي  كان رأيي فيما يتعلق بهذه الوثائق على المستوى السوري .

وأكثر ما لفت نظري في هذه الوثائق أمرين :

الأمر الأول :هو الوثيقة المتعلقة بالمبعوث الأمريكي إلى سوريا والحديث الذي دار بينه وبين بشار الأسد فيما يتعلق بحقوق الإنسان وبالذات قضية (12) متعقلاً من معتقلي الرأي (فرج الله عن من بقي منهم في السجون ) وكيف كان رد بشار الأسد بأن سوريا دولة تسير بخطاً مدروسة وبطيئة نحو الإصلاح ولا داعٍ لأن تقلق أمريكا بشأن حقوق الإنسان في سوريا .

أقول للشعب الوسري المصابر وللمبعوث الأمريكي ولبشار الأسد وللقائمين على موقع " ويكيليكس " إن هذه الوثيقة ما هي إلاّ أسلوب من اساليب تبرئة النظام ، فقضية سوريا وأسرارها ليست في (12 معتقلاً للرأي ) فحسب ، قضية سوريا قضية شعب مذبوح من الوريد إلى الوريد على مدار أكثر من أربعين عاماً ، لم يعرف التاريخ حكماً للطوارىء أسوأ وأطول مما شهدته سوريا ومازالت تشهده .

الشعب السوري ليس بحاجة إلى وثيقة كهذه لتكتب تاريخ سوريا ، فقد كُتب تاريخ سوريا بدم الشعب السوري وبعض الأشقاء العرب  ، بدم الأبرياء من هذا الشعب ومازال ، فعندما يتكلم المبعوث الأمريكي عن (12) معتقلاً يعطي صك براءة للنظام من دم عشرات الألوف الذين سطروا بدمهم تاريخ سوريا الحديث ومازالوا يسطرونه ، الشعب مازال يسطر بدموع نسائه وشيوخه وأطفاله تاريخاً مليئاً بالآلام والآهات والعذابات ، فنحن الشعب السوري لا تغرينا وثيقة كهذه لتفضح ممارسات النظام ، حاضر سوريا اليوم أبلغ من وثيقة كهذه ، ولدينا من الوثائق حول مجازر وممارسات الأجهزة القمعية في سوريا ما يملأ أدراج أرشيف الأمريكان وغيرهم .

والأمر الآخر : هو الوثيقة التي تحدثت عن نشر حزب الله لأسلحة في الأحياء السكنية في سوريا . فأقول لمن يتبجحون بتبرير ذلك بما يسمى " المقاومة " إن المقاومة ليست في أحياء دمشق المدنية وغيرها ، والعراق درس حي لما يمكن أن يحدث عندما تتحرك المليشيات الطائفية لضرب الوطنيين عندما يشعر النظام بأدنى خطر يهدده من قبل أبنائه .

نحن لم يفاجئنا الخبر فنحن الذين كنا وما زلنا نحذر من خطر إيران في المنطقة منذ عام 1980 لكن وللأسف لم يلتفت أحد لهذه التحذيرات وهاهي إيران تقرع أبواب أوطاننا وتلتهم كل يوم بلداً بطريقة أو بأخرى ، وهاهي محطاتها الفضائية الحاقدة توجه سهامها إلى ثوابت الأمة المتمثلة في زوجات وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقد كانوا يتحدثون عن الوحدة الإسلامية أكثر من ثلاثين عاماً كإجراء مرحلي ، لكنهم اليوم قد طرحوا التقية جانباً وأخذوا يجاهرون بالعداء لهذه الأمة .

سوريا اليوم تواجه خطر الابتلاع من قبل القوى الإيرانية الحاقدة وقد فتح لهم بشار الأسد أبواب دمشق كي يعيثوا فيها فساداً وكي يضعوا أيديهم على قلعة من قلاع الأمة وعلى حصن من حصونها ولو قدر لهم أن يحققوا مآربهم فسوف تكون الطامة الكبرى في ضياع هذه الوطن .

وأقول للغافلين من أبناء هذه الأمة ما قاله المثل الشعبي " إذا حلق جارك ذقنوا بلل أنت لحيتك " فالدور سيمر على الجميع .

 الصحوة الصحوة قبل أن لا ينفع الندم .