مأزق المفاوضات ..ووقف الاستيطان
ومساعي التصالح الفلسطيني
عبد الله خليل شبيب
الصهاينة سبب كل شر ::
الشأن الفلسطيني ذو شجون .. وأحداثه متجددة متلاحقة تكاد لا تنتهي ..فكل يوم بل كل ساعة أو لحظة يجد جديد .. حتى ياذن الله بزوال السرطان الصهيوني – وهذا أمر حتمي لا يجادل فيه حتى اليهود أنفسهم – فتستقر أمور فلسطين ..وترتاح ويرتاح معها العالم بعد أهوال وويلات لا يعلمها إلا الله يتسبب بها الصهاينة للمنطقة والعالم بإصرارهم على باطلهم ..ومناطحتهم لمنطق التاريخ والإرادة الإلهية والشعبية في المنطقة ..ويكونون ضحايا أطماعهم ..وأطماع [ وتحريشات ] الذين يمدونهم ..ويسلطونهم علينا أداة عدوان وحارس تخلف وتمزق وفساد وبلاء ..إلخ ..
هل كل القضية هي وقف الاستيطان ؟!:
لقد تقزمت القضية الفلسطينية – على يد أحرار التحرير والثورة حتى النصر .. من هذا الهدف الاستراتيجي .. إلى المطلبة بدولة [ مسخ ] وإلغاء الميثاق الوطني والكفاح المسلح ..إلى مجرد مفاوضات.. أية مفاوضات لأي شيء وحتى بلا هدف فمبدؤهم [ الحياة مفاوضات ] لا غير – كل الحياة – حتى الممات ..أو حتى يحرروا – أو يحرسوا بمفاوضاتهم [ تحرير آخر شبر من فلسطين ] من أصحابها الفلسطينيين – طبعا – ثم يتوارى المفاوضون المخدِّرون المتواطئون ..في مزابل التاريخ – أو قصورهم الحصينة والنائية – حيث يظنون ألا تطولهم يد – وقد قبضوا الأثمان .. والخزي والعار معها مدى الأزمان ! – وهم جد واهمون إذا ظنوا أنهم يفلتون من العقاب ..أو أن الشعوب تنسى – أو أن الظروف تدوم – و أنهم ينجون بتفريطهم [ المقصود] وبخيانتهم التي ستلاحقهم إلى الأبد – وإلى ولد ولد الولد ..وحتى في قبورهم ..وبالتأكيد في آخرتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون !
.. نقول : ماذا عساهم يفعلون في هذين [الشهرين السحريين ] اللذين يطلبون فيهما وقف البناء اليهودي في أراضي 67 ؟ ..
هذا أولا ..وثانيا .. يجب أن يطالبوا بوقف البناء في جميع الأرض الفلسطينية ( التاريخية ) المحتلة بدون استثناء ( فما بُني على الباطل فهو باطل ))
.. ثم – حتى في القوانين وما يسمونه الشرعة الدولية وحتى حسب منطق أنصار اليهود وداعمي عدوانهم من [المتحضرين]- ( الأرض وما عليها لمالكها ) .. فالحل العادل – في منظورهم ومنطوقهم .. أن كل ما بناه اليهود في الأراضي المحتلة سنة 67 ..ليس لهم ..وعليهم أن يتركوه ويبارحوه.. بدون أي مقابل !..ويؤول لأصحاب الأرض الفلسطينيين ..بدون أن ينتقص من حقوق وتعويضات المتضررين من اللاجئين وغيرهم شيء – مع وجوب عودتهم لديارهم وتحصيل حقوقهم المشروعة والتاريخية في أملاكهم ..مقابل معاناتهم واستغلال أملاكهم طيلة العقود الماضية ..
عباس [ اللحاس ] ..والصلح مع حماس !:
.. لقد تولى [ محمود رضا عباس ] رئاسة ما يسمى بالسلطة الفلسطينية وفتح ومنظمة التحرير ..إلخ في غفلة من الزمن .. [ انتخب رئيسا للسلطة بنسبة نحو أقل من 2% من أصوات الفلسطينيين ] في الداخل والخارج مع فلسطينيي48 ..وأقل من 4% من أصوات فلسطينيي الداخل الذين حق لهم المشاركة في الانتخاب يومها !
ثم انتهت ولاية عباس – منذ زمن - دستوريا وفعليا – هذا بغض النظر عن مدى مشروعية كل ذلك في ظلال الاحتلال ..والظروف التي تعيشها المنطقة وفلسطين وقضيتها ..
.. ومع ذلك [ اعتاد محمود عباس ] بين الحين والحين أن [يتدلل ويتظاهر بالحَرد] ويهدد بالاستقالة – ..وقد فعل ذلك مرارا ..وكل مرة [ يلحس وعده أو وعيده] ولا يستقيل .. كما فعل أكثر من مرة [ سيده بوش الصغير ] الذي وعد بقيام دولة فلسطينية سنة 2005 ثم 2008 ..ولحس وعوده أو هبته التي مَنـّى بها السلطة ورجالها ..فكان – كصاحبه – كما قال الحديث الصحيح ( العائد في هبته كالكلب يعود في قيئه ) ..ولا شك أن من أعظم [ الهبات] للشعب الفلطسيني بعد كل ما لاقاه على يدي عباس وطغمته ..أن [ يستقيلوا و[ يغوروا ]] ليسترحوا ويريحوا ..كما قال ابراهيم طوقان قبل سبعين عاما لأشباههم :
قد عرفنا [ أفضالكم ] غير أنا لم تـزل فـي نـفـوسنــا أمـنـيـــة
في يـدينــا بقيـة مـن بـــلاد فاستريحوا كي لا [تضيع البقية ]!
كما أن محمود عباس قد وعد وتعهد وتوعد أكثر من مرة أنه لن يعود للمفاوضات إلا بوقف الاستيطان .. وأضاف أحيانا شروطا أخرى كتحديد فترة زمنية ومرجعية معينة ..إلخ ..
...ولكن ما إن أصر [ النتن ياهو] على عودة المفاوضات بدون شروط ..- مع أنه هو – أي النتن – أعلن من طرفه شروطا .. ولكنه أصر على تجريد عباس من أية شروط أوضمانات أو أوراق ... على أن يعود لطاولة المفاوضات أعزل عاريا .. وقد حصل- وعاد عباس ..وعادت دوامة التفاوض ..ثم توقفت .. ثم لا يعلم إلا الله ما يكون !
.. وحتى لا نغمط عباسا حقه .. فقد صمد – حتى الآن عن [ الحرد] عن طاولة المفاوضات ..لكن أيضا مقابل وقف مؤقت للاستيطان [ شهرين فقط!]..ومع ذلك رفض اليهود – بالرغم ن كل الإغراءات الأمريكية الهائلة – والتي يثق اليهود أنهم سيحصلون عليها – بدون قيد أو شرط عاجلا أو آجلا – بمجرد أن يأمروا أو يحركوا أداتهم [ أو عصاهم = اللوبي اليهودي الأمريكي] ليلزم البيت الأبيض بما يشاءون – ولو ضد كل مصالح أمريكا..!
كائن صهيوني أسطوري [ دولة يهودية وديمقراطية تفرخ قوانين عنصرية]
.. ولكن عصابة المتطرفين في فلسطين عرضت موافقتها على وقف الاستيطان – لشهرين – مقابل اعتراف الفلسطينييين بيهودية الدولة – أي بحق اليهود في كل فلسطين ..وما جاورها – مما يزعمون أنه متضمن في العهد التوراتي المزعوم .. وكذلك حقهم في طرد عرب 48 ..ثم تفريغ ( كل فلسطين ) – لاحقا من كل سكانها – حسب المصلحة والنظرة والقوانين اليهودية التي تفرخ كل يوم قانونا عنصريا – كقانون منع إحياء ذكرى النكبة أو إبداء الحزن على ضياع فلسطين !– وقانون الولاء والمواطنة اليهودية – وقانون يهودية الدولة – وقانون إباحة بيع أملاك الغائبين – وقانون فرض استفتاء للانسحاب من القدس الشرقية والجولان - ..إلخ ..وكلها قوانين عنصرية ومضادة ومناقضة لما يسمونه الشرعية الدولية والقرارات الدولية ..ومباديء حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة ..إلخ .. فضلا عن مناقضتها للعقل والمنطق والطبيعة والشريعة ..إلخ !!
.. فكيف يُسَوِِّقون أنفسهم كدولة ديمقراطية وعصرية – مع هذ الكم الهائل والمتخلف من النقائص والتناقضات ..والعنصرية المتطرفة ؟!..
فيهودية – وديمقراطية – متناقضان كل التناقض .. فلا يمكن أن تكون الدولة ديمقراطية إذا كانت يهودية – كما يريدون بحيث تكون لليهود وحدهم ويطرد منها غيرهم أو تُنتَقَص حقوقهم - ..! وإذا كانت ديمقراطية ..فلن تكون يهودية مطلقا ..ولا يمكن أن تكون .. لتناقض الكلمة [ يهودية ] ..وكل لوازمها ومفهوماتها العنصرية والتوراتية والتلمودية والدموية ..مع أية مفهوم ديمقراطي !!
.. فكأنك تقول : دولة سوداء بيضاء ..أو متحركة ثابتة أو فاسدة صالحة..إلخ
ويقبل منهم [الغرب المتحضر الديمقراطي الإنساني ..!] كل هذه المغالطات والمتناقضات والأساطير والأكاذيب والتشويهات اللاإنسانية ..!
..ولو فعلها غير اليهود لشنوا عليه حروبا متنوعة – إعلامية واقتصادية و..حتى هجمات مسلحة ..لا تنتهي ..!!!
.. لا نريد أن نسترسل ونضرب الأمثلة ونورد الشواهد .. فنحن نعيشها كل يوم فيما يحصل في فلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها ,..وفي المواقف المعلنة من مثل موضوع إيران ..إلخ
..المهم أن الغرب المتحضر – كما يزعم أثبت ويثبت كل يوم أنه يفتقر فعلا للعدالة الحقيقية وللنظرة المتوازنة .. و- كما يقولون [ يكيل بمكيالين ] بل ربما بأكثر ..!.. فهو أعور ينظر بعين واحدة ..ترى في مكان ما لا تراه عينه الأخرى – المطموسة – في مكان آخر ..!
فهل هو [الأعور الدجال] ..ياترى ؟!.. أو تمهيد [ تضليلي ] له؟!
المصالحة المستحيلة .. ! إلا إذا ...:
أما قضية المصالحة بين حماس والسلطة – وعمادها فتح دايتون – فهو في نظر الكثيرين في حكم المستحيل .. لأن الاتجاهين متناقضان .. إلا إذا تخلى أحد الفريقين عن مبادئه وخرج من جلده ..وقبل بالدخول في طريق الآخر .. : فإما أن تلقي حماس ( ومن معها من المقاومة ) السلاح .. وتدخل – طوعا – بيت الطاعة الدايتونية – ويدخل كثير من أفرادها إلى سجون دايتون والموساد والسلطة بأرجلهم ..أو يتم تصفيتهم في مضاجعهم - ! أو مداهمة بيوتهم والقبض عليهم – كما يقبض على الفراخ في أقنانها ! ويسود العصر والسيطرة الصهيونية ..ويصبح الجميع تحت تصرف اليهود .. يفعلون بهم ما يشاؤون .. ( وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يُخرجوك ..ويمكرون ويمكر الله ..والله خير الماكرين )
.. وتكون [ كلمة التنسيق الأمني هي العليا ] بل تنتفي الحاجة إليه ..لأن [الجميع ] يكونون قد دخلوا [ تحت البنديرة الصهيونية ]!.. كما يريد[ ويفعل ] عباس وفريقه !
..وهذا هو [عين المستحيل ] بالنسبة لحماس كما نعرفها ويعرفها الناس .. فلن تتخلى عن عقيدتها ..ولو تجمع ضدها كل الكون [ الظالم ] – كما هو حاصل -.. وكما تشير الوقائع الحالية والتباشير البادية !
.. أو أن [ يتوب ] أصحاب التنسيق الأمني والفلتان ..ويتمردوا على سيدهم دايتون أو ميلر والموساد ويقفوا التنسيق الأمني – وأنى لهم ذلك – فقد أصبح في قبضة دايتون والموساد..جميع الأجهزة والإمكانات والمعلومات والمعدات والتنظيمات ..والأفراد والقيادات ورواتبهم – كل ذلك وغيره - تحت إمرته وسيطرته .. حتى يبدو تراجعهم [ شبه انتحار – أي شبه مستحيل ]!؟ فقد يكون قد فات الأوان ..وخرج الأمر عن سيطرة عباس وغير عباس..وهو الذي لا يملك الحركة ولا القرار دون رضا الصهاينة والرباعية ودايتون ..
فهل يستطيع هؤلاء[ المتورطون – الغارقون في وحل التنسيق والتعاون مع العدو ..حتى أذقانهم - أو يزيد - ] هل يستطيعون الخلاص من وضعهم المشين ؟ !
.. لا نظن أن المقاومة وحماسا لا تعلم هذا وأكثر منه .. فأي أمل في تقارب أو تصالح مع أمثال هؤلاء ؟
.. إلا إذا بحثتم عن [ بقايا فتح ] ممن لم يتلوثوا بلوثة التنسيق الأمني والتعاون مع العدو .. ولم تنجس أجوافهم وأحشاؤهم بالدولارات والشياكل ..إلخ ..وممن يعيشون على سمعة تاريخية ماضية ..وما أقلهم – الآن – وما أقل إمكاناتهم ..وأصواتهم !
.. لقد نظر الكثيرون – نظرة ريب وعجب - إلى مساعي المصالحة الأخيرة حين جاء وفد من فتح برئاسة عزام الأحمد إلى دمشق لبحث المصالحة مع حماس .. ورأى بعض الغيورين - أن الوقت على الأقل – غير مناسب .. فكأنما كانت فتح والسلطة تبحث عن [ غطاء للمفاوضات ] المرفوضة - التي كانت جارية آنذاك – أو عن كثير من السقطات والهفوات .. كإحباط [ رياض منصور ] مندوب السلطة في الأمم المتحدة – إحباطه للمرة الثانية – لمساعي إدانة وإحراج السلطات الصهيونية ..بعرض تقرير جولدستون الشهير على الهيئات الدولية تمهيدا لتحويل القتلة المتوحشين مجرمي الحرب الصهاينة إلى المحكمة الجنائية الدولية ..إلخ ..
.. وكذلك [ جريمة ذلك المتصهين المرتشي ] بإحباط مشروع قطر وأندونيسيا برفع الحصار عن غزة !!!
..وكذلك مشروع قراره للجنة حقوق الإنسان [ للتعبير عن (القلق)] بسبب العنف الذي تتعرض له [ إسرائيل ] من صواريخ حماس والمقاومة الفلسطينية ..!!إلخ ..أرأيتم أشد عجبا [ وسريالية ] وخيانة وانحطاطا ..من أمثال هؤلاء ؟!!
..وكذلك استغرب الناس كيف تكون مباحثات تصالحية بين فريقين متناقضين – كل يصر على خطه ومسيرته - بين تفاوض متنازل – ومقاومة متصاعدة - ..وكيف ترضى حماس أن تتفاوض مع فتح – في ظل مواصلة [ الأخيرة ] أفعال التنسيق الأمني مع اليهود ..بما في ذلك ..اعتقالات يومية من الطرفين اليهود وفتح- دايتون ..لأفراد حماس وأنصارها ؟ ..وقتل وتجسس ..وتنسيق في [ مقاومة المقاومة ] وليس آخرها الاشتراك في اغتيال شهيدي الخليل ( النتشة والكرمي )..إلخ ..
فهل مساعي ومباحثات المصالحة تلك ..تعني التغاضي أو التنازل أو التغطية ..على ما يفعل اليهود وشركاؤهم التنسيقيون من فتح والسلطة بأفراد وأنصار حماس وأحرار الشعب الفلسطيني في شرق فلسطين ( الضفة ) ..؟؟!!
..وأخيرا – ومرة أخرى – حتى لا نغمط عباسا حقه فها هو وفريقه المفاوض ..يرفض الانصياع لأمر النتن ..بالاعتراف بيهودية دولة الاحتلال - وما يقتضيه ذلك ويترتب عليه .. وزاد بعضهم [ بالتجرؤ] بمطالبة الصهاينة بخارطة توضح حدود دولتهم اليهودية التي يطالبون بالاعتراف بها ! وهي بالطبع [ حدود مطاطة قابلة للتوسع حسب القوة وحسب الظروف ..إلخ]..وعسى أن يتمسك [ التفاوضيون ] بموقفهم هذا ..ويصروا ويصبرواعلى تداعياته ..التي قد تؤدي إلى حل السلطة ..وإعادة [الكرة – والمسؤولية ] إلى الدولة الصهيونية ..لتواجه العالم مباشرة بوجهها البشع وتصرفاتها اللاإنسانية والمخالفة لكل الشرائع والقوانين..في جرائمها ضد أرض محتلة وشعب تحت الاحتلال ..بكل ما يناقض معاهدات جنيف ..وغيرها من المباديء والشرائع الدولية والإنسانية ..ومما يدخل تحت طائلة العقوبات الدولية المتنوعة..!