لماذا كلف المالكي بتشكيل الحكومة

لماذا فازت العراقية في الانتخابات ؟؟؟

د. هدى حمودي

دون الغوص في شرعية فوز المالكي بالتكليف لتشكيل الحكومة فإننا نؤكد إن أسباب فوز العراقية في الانتخابات أصبحت واضحة وهي تتعلق في الرغبة الجماهيرية في التغيير وكان التغيير مرتبطاً بتغييب المالكي لكي لا تتكرر التجربة القاسية الدموية والتي ترتبط بأجهزة ومؤسسات ينفي المالكي صلته بها كما ان المالكي متهم في رعاية الفساد ولم يتخذ موقفاً حاسماً من الوزراء المفسدين تذرعاً بالولاءات المتعددة داخل مجلس الوزراء مع ان كل مرشحي جبهة التوافق قد دخلوا إلى جانبه في الانتخابات فوزير الدفاع عبد القادر وعلي بابان وزير التخطيط وعدداً آخر من الوزراء ممن تم ترشيحهم من قوائم أخرى قد دخلوا إلى جانب المالكي في الحكومة كما أن المالكي يتهم باختراق القانون والدستور وحقوق الإنسان وهي ايضاً حقائق لا تنكر فيكفي أن كثير من الأبرياء أفرج عنهم بقرار قضائي ألا إنهم بقوا رهن الاعتقال سنوات وصلت إلى أربع سنوات للبعض منهم وآخرين في السجون دون محاكمة ودون أوراق تحقيقية في سابقة لا مبرر لها سوى الاختلاف الطائفي والمذهبي مع الحكومة ؟

 كما إن مسلسل الاغتيالات وطبيعة الشخصيات المستهدفة توحي بتورط الحكومة بهذا المسلسل الدامي كما إن إقصاء السنة من الدوائر لا يمكن ان يستفيد منها المالكي لا داخلياً ولا اقليمياً ولا دولياً فالداخل العراقي متماسك جداً ضد الطائفية والجوار الإقليمي يتابع بشكل يومي مجريات الحياة في العراق ومدى انصاف الحكومة للمكون السني , بأستثناء إيران فهي ترغب بهذه السياسة لا حباً في الشيعة ولكن لا بقاء العراق ضعيفاً ومقسماً يعاني من المشاكل وعدم الاستقرار بما يجعل من العراق ساحة لتمدد النفوذ الإيراني وسوقاً لتصريف البضائع الإيرانية .

وعلى الصعيد الدولي فان دول العالم تراقب بحذر التحول الديمقراطي في العراق وهذه السياسة تتناقض مع التحول الديمقراطي الحقيقي .

هذه الهواجس تغلب على جميع العراقيين وكانت سبباً في فوز العراقية في الانتخابات وهذا درس لو تهيأ للمالكي استيعابه لفاز في الانتخابات وربما لم يكن ذلك واضحاً بهذا الشكل قبل الانتخابات ولكن يقيناً سيكون من المفيد للمالكي الاستفادة منه والاتفاق مع الطرف الأقوى في القوى السنية والأكثر اعتدالاً وقبولاً في الشارع الشيعي ونسج خيوط التحالف والتعاون لتجاوز كل هذه الأخطاء ولكن من هي الاطراف الأقرب إلى المالكي من السنة ؟ وما هو مهم ليس من هو الأقرب إليه لان سعدون الدليمي وعبد القادر العبيدي وحتى صالح المطلك هم من السنة المقربين إلى المالكي وإنما المهم إن يقرب المالكي إليه من هو الأقوى في الوسط السني لان المالكي يحتاج إلى حليف سني قوي معتدل وغير بعثي وغير طائفي للتحالف معه ويقيناً أن هذا التحالف لن يكون شكلياً لان التحالف الشكلي ينسف هذا الحليف في وسطه وجمهوره والتساؤل هنا هل المالكي مستعد لمراجعة مواقفه السابقة في موضوع الطائفية والتوازن والمشاركة في صنع القرار ولا نريد أن نطرح أسماء ونروج إلى شخصيات محددة ولكن نقول إن المالكي فاز في التكليف لتشكيل الحكومة بفعل عدة موازنات فالموازنة الإيرانية قامت بالضغط على الأطراف الشيعية نكاية بالقائمة العراقية والموازنة الكردية فرضت وجودها بفعل تعنت القائمة العراقية وأساليب الخداع التي اعتمدها الأكراد والتيار الصدري في دعم تمسك العراقية باستحقاقها الانتخابي أما الطرف الأمريكي فقد بقي متفرجا لاسباب تتعلق بخلافات داخلية حول الاستراتيجية الصحيحة في العراق فضلا على التزام اوباما بالجدول الزمني للانسحاب ولكن ما كانت تسعى اليه الادارة الامريكية كان واضحا يتمثل في دعم حكومة يراسها المالكي ويشارك فيها علاوي من خلال المجلس الوطني للسياسيات الاستراتيجية وبهامش صلاحيات تؤهل العراقية في تحقيق ماوعدت به جمهورها وفي مقابل ذلك تسعى لتهميش التيار الصدري والمتمردين السنة وهذا سيناريو مقبول وواقعي بفعل تمسك المالكي بالسلطة وقوة ونفوذ دول الجوار وتأثيرها على القرار في العراق ولكن اصطدم ذلك بالموازنة الايرانية وبتفرد علاوي بالقرار وتمسكه بالاستحقاق الانتخابي.

ان فوز المالكي في التكليف لا يمكن ان يكون حقيقة مالم يسعى المالكي الى تشكيل حكومة شراكة حقيقية ومالم يشعر السنة بالاطمئنان وهنا المطلب السني واضح وصريح ففي الوقت الذي افرج المالكي عن قادة جيش المهدي من المجرمين والقتلة في صفقة تشكيل الحكومة بقي شيوخ العشائر وشباب السنة من الابرياء خلف القضبان وفي الوقت الذي يطرد وزير الداخلية 50 الف عنصر مليشياوي داخل وزارة الداخلية فان الحكومة تعتقل علنا وتقاتل بيد خفية وتمارس الاهمال تجاه ابناء الصحوات الذين دعموا الحكومة في تحقيق الامن كذلك ابقت سلاح الاجتثاث موجها الى اقصاء السنة عن قيادة الوزارات والمؤسسات بل حتى في ادارة المدارس .

وهذه قضايا لا يتضرر المالكي من حلها ولايضر جمهوره الافراج عن الابرياء السنة ومنح الصحوات فرصة حماية مدنهم ورفع الاجتثاث عن البسطاء من البعثيين للعودة الى الحياة بل هي فرصة تنزع فتيل التمرد وتحقيق مشاركة السنة الفاعلة في بناء الدولة وهنا سيكون النجاح الحقيقي للمالكي.

كما لايفوتني الاشارة ان تصدي قيادات في العراقية امتازت بالمصلحة والنفعية والانتهازية للتفاوض مع الاخرين اسهم من خلال سلوكهم وتصريحاتهم في كشف ضعف القائمة وشتت اهدافها .

وكان لانزواء أو عزل قيادي مثل الهاشمي سبب في ضعف القائمة ,حيث تصرف بزهد وحرص على بناء العراقية اكثر من حرصه على تامين حقوقه ,وقد كان لندية المطلك منه أثرا في محاصرته بـ 30 مرشح فقط في كل العراقية ,أي انه اقصي قبل دخول الانتخابات وكان لحصوله على 10 مقاعد امرا مخيبا لا يتناسب مع حجم الاصوات التي حصل عليها شخصياً.

أما علاوي فقد كان منزعجا من مفاوضات يجريها المطلك والنجيفي مع المالكي دون احاطته علما , ولديه شكوك من مطامح شخصية تؤطر عمل العيساوي , فضلا على تصريحات خصومه التي اتسمت بالحرب النفسية والتي كانت تردد ان 50 نائبا سينسحبون من العراقية ويعلنوا الانضمام الى المالكي , كل ذلك كان مخيبا لامال علاوي وسببا في انزواءه خلف القائمة.

ان فرصة نجاح المالكي تتسع في مدى حرصه على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب فلابد له من وضع الهاشمي وعلاوي في صورة ما يجري وما يتخذ من قرار.

كما عليه مراعاة جمهور العراقية في كل القرارات التي يتبناها وان يتخذ موقفا من المعتقلين الابرياء وضرورة اتخاذ قرار بالافراج عنهم على الاقل اسوة بعناصر جيش المهدي الضالعين بالعنف .

وحسب ما أبدياه للإعلام كل من علاوي والهاشمي فأنهما لا يباليان في المناصب قدر تعلق الامر في البرنامج الذي وعدا به جمهورهم وان لا يتجاهل ثقل العراقية النيابي حيث تشكل ما نسبته 30% من المجلس ما يؤهلها لدور رقابي وتشريعي مؤثر ومعرقل لمسيرة العملية السياسية.