حول مبادرة التيار الإسلاميّ الديمقراطيّ المستقلّ
د. محمد بسام يوسف*
نشكر السادة في التيار الإسلاميّ الديمقراطيّ المستقلّ، على مبادرتهم الطيبة التي أطلقوها في بيانهم الإعلاميّ المؤرّخ في 15/11/2010م، وعلى حرصهم على الوحدة الوطنية.. ولا نعتقد بأنّ أي حريصٍ على سورية وشعبها، يمكن أن يقفَ بوجه أي مبادرةٍ خيِّرةٍ لإطلاق الحوار الوطنيّ الإيجابيّ البنّاء، بين النظام السوريّ.. وقوى المعارضة السورية المختلفة بشكلٍ عام، وجماعة الإخوان المسلمين في سورية بشكلٍ خاص.. وذلك لإيجاد مَخرجٍ للمشكلة المزمنة ما بين الجماعة والنظام، وإزالة آثارها الوطنية والإنسانية، وإنهاء حالة الاحتقان المستمرّة منذ عشرات السنين، التي تسبِّبها حالة الاستبداد المستمرّة منذ ما يقرب من نصف قرن.
وكذلك، فإنّ لغة الحوار الإيجابيّ، هي السبيل لحلّ كل الملفّات العالقة، لإعادة اللحمة الوطنية، وتمتينها، وتجنيب البلاد الأخطار الداخلية، والوقوف بصلابةٍ في وجه الأخطار الخارجية التي تهدِّد الوطن والشعب السوريّ، بكل مكوِّناته الجغرافية والبشرية.
نذكِّر -في هذه المناسبة أيضاً- بأنّ جماعة الإخوان المسلمين في سورية، قد تجاوبت، منذ ثلاثين عاماً حتى اليوم، مع كل المبادرات والوساطات التي سعت لحلّ هذه القضية، وذلك –بحدود علمنا- في الأعوام: 1980، 1984، 1987، 1995، 1996، 1997.. ثم في السنوات الأخيرة من العقد الحالي (2000-2010م).. وكانت آخرها، المبادرات العديدة التي تَشَجَّع أصحابها للقيام بها –مشكورين- بعد اتخاذ الجماعة لقرارها بتعليق أنشطتها المعارِضة للنظام، بتاريخ 7/1/2009م، وذلك خلال حرب الفرقان في غزّة الصامدة.
إننا نعتقد بأنّ أرضية الحلّ تبدأ بإطلاقٍ مريحٍ للحريات العامة، لجميع السوريين، وباحترام حقوق الإنسان والحقوق المدنية العامة، وباحترام قِيَم الإسلام وشعائره، وباحترام هويّة الأمة وأصالتها العربية الإسلامية، وإتاحة الفسحة الحقيقية المناسبة للعمل الإسلاميّ وللدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، والتخلّي نهائياً عن المشروعات الهدّامة التي تتناقض مع عقيدة الأمة وثوابتها.. الأمر الذي يبني الأخلاق العامة للشعب السوريّ، على أسسٍ رشيدةٍ قويمةٍ تنسجم مع هويّة الأمة، ويُـحَصِّن الجبهةَ الداخلية، ويَرصّ الصف الداخليّ لمواجهة الأخطار المحدقة بسورية وشعبها.
ولا بدّ من التنويه، بأنّ معالجة هذه المشكلة الوطنية المزمنة، تتطلب الحكمةَ والجرأةَ والشجاعة، والشعورَ بالمسئولية، كما تتطلّب إدراكاً أميناً للأخطار المحيطة بالوطن.. وتحتاج إلى تجاوز النظر إلى الماضي وجراحاته، وإلى التأمّل في المستقبل وأخطاره، لبناء جبهةٍ داخليةٍ منيعة، قادرةٍ على درء الأخطار ومواجهة التحدّيات المختلفة.


* عضو مؤسِّس في رابطة أدباء الشام