لا تغرنكم جيوش المطبلين والمزمرين والهتافين
لا تغرنكم جيوش المطبلين والمزمرين والهتافين
محمد فاروق الإمام
[email protected]
نعم فأنتم لا تساوون جناح بعوضة عند شعوبكم يا من ورثتم الحكم بغير وجه حق ويا من
تسعون لاهثين لترثوا الحكم في بلدان الجمهوريات العربية الاستبدادية التي سرقت
صولجان الحكم في ليل بهيم حيلة وغدراً من يد أصحابه الشرعيين الذين عمّدوا حكمهم
بأصوات الناخبين عبر صناديق الاقتراع الحر النزيه.
سرقتم الحكم وأنشأتم جيوشاً من المطبلين والمزمرين والهتافين يحفّون مواكبكم
المزيفة ومهرجاناتكم الأراجوزية ومؤتمراتكم المسرحية، واخترعتم شعارات الزيف
والخداع والتضليل وتاجرتم بقضايا الوطن (ولا صوت يعلو على صوت المعركة).. وفي ظل
هذه الشعارات المضللة استبحتم كرامة الأمة وإنسانها وأهدرتم حقه في الحرية والتعبير
والتفكير والرأي، وأحلتم أوطانكم سجوناً ومعتقلات، سياجها حدود الوطن جبالاً
ووهاداً وبحارا.
يا من ورثتم الحكم ويا من تسعون لوراثته هل سمعتم برجل اسمه (يوسف بن محمد نجيب)
الموظف البسيط والذي يعمل سائق تاكسي بعد دوامه كي يعيل أسرته بعرق جبينه وجهده
ويحمد الله على ما يسره له؟!
إنها ليست قصة من قصص الخرافة والخيال وألف ليلة وليلة وعلي بابا والأربعين حرامي
التي تعيشونها وسترويها الجدات للأحفاد في قابل الأيام.. إنها قصة حقيقية وواقعية
يعيشها (يوسف) ابن رئيس جمهورية مصر الأول (محمد نجيب) الذي يعمل سائقًا في شركة
المقاولون العرب صباحًا، ثم يواصل كفاحه في المساء بالعمل على تاكسي اشتراه
بالتقسيط.
وفي هذا السياق يتساءل الكاتب (السيد حامد) في تحقيقه بموقع (محيط الإلكتروني):
(لماذا لا تدفع الدولة راتباً شهرياً أو معاشاً، يضمن حياة كريمة لأبناء زعماء مصر،
جزاءً ووفاءً لما قدموه في سبيل بلدهم، بدلاً من تركهم يواجهون مصيرهم في الحياة
بدون أي رعاية؟).
ومن حق الكاتب السيد حامد أن يبدي هذا التساؤل كون أبناء الرؤساء في أيامنا ينعمون
بما لا ينعم به أبناء الملوك في ممالكهم وأبناء السلاطين في سلطناتهم وأبناء
الأمراء في إماراتهم، وقد حباهم الله بسعة من الرزق والثروات، وقد سبقوهم بأشواط
بعيدة في ملذات الدنيا ومتاعها، فقصورهم الفارهة وسياراتهم المصفحة ومنتجعاتهم
المتناثرة من بحر قزوين وحتى الهادي مروراً بالمتوسط والهندي، والملايين التي
يختزنونها بأسمائهم في مصارف الغرب وبلاد العم سام، وجيوش الحرس والمرافقين
والمخبرين المجيشة لحمايتهم وخدمتهم شيء لا يعد ولا يحصى.
لقد نسي الكاتب سيد حامد أن يستذكر قادة هذه الأمة والمجد الذي أقاموه لها وما كان
نصيب أولادهم من صولجان الحكم الذي كان بيد آبائهم، فهذا الفاروق عمر يوصي بأن لا
يكون لولده عبد الله أي شأن في الحكم من بعده، وهذا الخليفة العادل عمر بن عبد
العزيز ينزع ما بيد أهله وعياله من مال ويضعه في بيت مال المسلمين، ويقول لمن حوله
(لقد تركت لأولادي الله ورسوله)، ويروي لنا التاريخ أن عبد الملك بن عمر بن عبد
العزيز كان يجهز جيوش المسلمين من ماله الخاص الذي جناه بعرق جبينه وجهده وقد مات
أبوه ولم يخلف لعياله وأولاده ديناراً واحداً.
السيد حامد.. إن يوسف محمد نجيب هو عند الله وفي عيون الناس كل الناس ماسة تزين
جبين هذه الأمة وتفخر به، لأنه رجل عصامي شريف آثر الله ورسوله عما في أيد الناس،
أما أولئك الذين ورثوا الحكم بغير وجه حق والذين يلهثون لوراثته، فهم لا يساوون عند
الله والناس كل الناس جناح بعوضة بكل ما سلبوه وسرقوه من جيوب شعوبهم وخزائن دولهم.