أيّهما الأعوج.. الذيل،أم صاحبه!؟
أيّهما الأعوج..
الذيل،أم صاحبه!؟
ماجد زاهد الشيباني*
يصعب ، بداية ، تحديد مكان الاعوجاج : هل هو في الذيل ، أم في صاحبه ! فالمسألة تحمل طابع النسبية ، التي تتحكّم في تقديرها ، جملة من الظروف ، التي تحكم كلاّ من الذيل وصاحبه ، كلاّ في موقعه !
الحديث، هنا، عن الرئيس السوري، وأعوانه، وأزلامه! وقد تتلخّص المسألة، في نماذج ثلاثة، من الحالات السائدة، التي يعرفها شعب سورية.. هي:
1) الاعوجاج في الرأس ، لافي الذيل :
حين ينفّذ بعض الأعوان ، قراراً فاسداً ، شديد الوطأة على بعض الناس ، مثل اعتقال بعض المواطنين ظلماً ، أو ارتكاب جرائم معيّنة أخرى ، بحقّهم .. ويُسألون عن سبب هذا السلوك الإجرامي ، تجاه الناس .. قد يجيب بعضهم ، وهو يحسّ بالحرج: والله ، أنا مقتنع بأن القرار سيّء ، أو فاسد ، لكنّي منفّذ لأوامرعليا.. فأنا مجرّد عبد مأمور!
فهنا ، زعم المسؤول الصغير ، الذيل .. أنه مستقيم ، وأن الاعوجاج في الرأس !
ولو سئِل مَن هو أعلى منه رتبة ، فقد يجيب الإجابة ذاتها ، إذا أراد أن يدّعي لنفسه شيئاً من الاستقامة ! وينسِب ، أيضاً ، الاعوجاج إلى مَن فوقه ! وهكذا .. قد تستمرّ السلسلة إلى نهايتها ، حتّى تصل إلى الرأس الأعلى !
2) الاعوجاج في الرأس والذيل معاً :
إذا أبدى منفّذ القرار الفاسد ، أو السيّء ، اقتناعاً بصحّة القرار ، وحماسة لتنفيذه .. فقد نسَب الاعوجاج إلى نفسه ، إضافة إلى صانع القرار ، سواء أكان رئيسه المباشر، أم رئيساً أعلى منه.. أم وصل الأمر إلى الرأس الأعلى !
3) الاعوجاج في الذيل وحده :
حين يطلَب من رأس الدولة ، أحياناً ، إصلاح حال المؤسسات في البلاد .. فكثيراً ماينسب الفساد إلى الموظّفين ، في الدوائر والمؤسّسات ليظهِر نفسَه مستقيماً ، حريصاً على الإصلاح ، ويظهِر أن الاعوجاج ، إنّما هو في الذيل ، الذي لايستطيع ، هو، إصلاحه بسرعة ..لأنه لايملك عصاً سحرية ! وقد يَطلب من الآخرين ، التعاون معه، في حملة الإصلاح! وفي هذه الحال ، يدّعي البراءة لنفسه ، من الاعوجاج ، ويحصره في الذيل ، وحده .. ممّا يغري بعض المتحذلقين ، من منافقي موظّفيه ، بأن يزعموا أن رئيس الجمهورية، هو المصلح الأول ، وهو الإصلاحي الأكبر..لكن اليد لاتصفّق وحدها! ويَحسب هذا المتحذلق ، أنه قد نصر زعيمه ، حين نسَب إليه العجز، أو الضعف .. لينقذه من الاعوجاج ، على مبدأ : ( وبعض الشرّ أهون من بعض !) .
وللـّه في خلقه شؤون !