حافظ الأسد هو المسؤول

حافظ الأسد هو المسؤول !!!!؟؟؟

د.خالد الأحمد *

اتضح بعد أربعين سنة من انقلاب (8/3/1963) أن حافظ الأسد هو المحرك الأساسي من وراء ستار لهذا الانقلاب ، ومن مهارته ، بل قل من مهارة أسياده المخططين له أن يدفع زياد الحريري ومجموعة من الناصريين للقيام بالانقلاب ، وهكذا بقي يحرك الأمور ، وهو بعيد عنها جداً ، حتى (23/2/1966) حيث رجع من لندن بعد دورة سرية فيها لمدة ثلاثة شهور ، رجع إلى قيادة القوى الجوية ، ليبقى يومين متتاليين على الهاتف يحث الوحدات العسكرية على مناصرة الانقلاب ( الحركة التصحيحية الأولى ) التي تخلص فيها حافظ الأسد من الفريق محمد أمين الحافظ ومعظم الضباط البعثيين السنيين ...   وإليكم مقتطفات صغيرة من باترك سل : الصراع على الشرق الأوسط ( الأسد) يقول سل :

ص 105 من الطبعة الأولى : ( ومن هذا الاستياء بذرت بذور الشقاق البعثي الكبير الذي أدى فيما بعد عام (1966) إلى الإطاحة الدموية بعفلق وأصدقائه وإلى انتصار مجموعة الأســد ) ، والشاهد هنا أنه سمـى اللجنة العسكرية ( مجموعة الأسد ) ) .

ويقول ص  106 ( في سنة 1960 أقاموا تنظيماً سرياً أطلقوا عليه اسم اللجنة العسكرية ....وهم خمسة نقيبان الأسد والجندي ، ورائدان جديد والمير ، ومقدم واحد هو محمد عمران ، .... وكانوا مشتركين في غريزة قديمة هي الكتمان والتقية التي تتصف بها مجتمعات الأقليات المضطهدة في الشرق الأوسط ، ...وكانت خليتهم ( اللجنة ) أشبه ماتكون بالمحفل الماسوني )) .

وفي ص 126 ( ...وكانت نتيجة هذه المفاوضات السرية أن تجمعت عصبة مؤلفة من ستة رجال أواخر (1962) وهم : الأسد وعمران وجديد والحريري وقطيني والصوفي ، لكل منهم أهدافه الخاصة ، أما اللجنة العسكرية فهي التي تملك برنامجاً ، وكانوا يعرفون مايريدون ..) .

وفي ص 129 ( وقرر الستة أن يقوموا بانقلابهم في 7/3/1963 ، وقبيل ساعة الصفر داهمت المخابرات العسكرية الشقة وألقي القبض على بعضهم وأختبأ الآخر ، وبذل الأســد وبوسائل اتصال هزيلة جهداً لإبلاغ الوحدات التي كانت على أهبة التحرك بأن الانقلاب أرجئ يوماً واحداً ) وفي الهامش يقول سل أنه حصل على هذه المعلومة بشكل شفوي من حافظ الأسد ، والذي يهمني أن حافظ الأسد هو المحرك الرئيسي والفاعل لهم ...

وفي ص 130 ( وقاد حافظ الأسد سرية دبابات من لواء الحريري وصل بها إلى الضمير وسيطر على قاعدة الضمير ، ومنها تسلم قيادة القوى الجوية ) ...

وقد قضى حافظ الأسد على حزب البعث وكان حافـظ الأسـد حاذقـاً إلى درجة العبقرية في محاربته لحزب البعث ، فقد اعتمد على الأقليات ( علويين ، إسماعيليين ، دروز ) من أجل التخلص من البعثيين ( السنيين ).ثم اعتمد على العلويين للتخلص من الأقليات ، ثم اعتمد على أسرته للتخلص من العلويين ، ثم اعتمد على أولاده وزملائه الخلص  في التخلص من رفعت وجميل وأولادهما ...

، تخلص من البعثيين السنيين في حركة 23شباط (1966م) ، وكانت خلاصتها الإطاحة بالبعثيين السنيين وأولهم محمد أمين الحافظ وأزلامه ، وأطاحت معهم بعدد من البعثيين القدامى من القيادة القومية مثل منيف الرزاز ، وشبلي العيسمي ، وميشيل عفلق ، وغيرهم ممن أطلق عليهم اسم القيادة القومية والذين تجمعوا فيما بعد في العراق .

ويقول باترك سيل ص (  168  ) عن يوم (23/2/1966)   ( .... وتبع القتال فوراً تطهير كامل للجيش والحزب والحكومة أقصي بموجبه حوالي (400) ضابط وموظف ، واقتيد الحافظ وعمران إلى سجن الـمزة ...)  ،  ( ... وبعد الانقلاب وإلقاء القبض على أتباع ميشيل عفلق ، فر عفلق إلى لبنان فالبرازيل ثم العراق ليموت هناك ... ) ، ( ... وكان أول عمل يقوم به الانقلابيون هو ترقية المقدم حافظ الأسد إلى رتبـة لواء وتعيينـه وزيراً للدفاع ) ويؤكد هذا أن حافظ الأسد هو المخطط لحركة شباط 1966 ، على الرغم من غياب جسده إلى لندن في إجازة مشبوهة لمدة ثلاثة شهور ، رجع يوم (23 شباط 1966 )، وساهم بالهاتف في إقناع كثير من الضباط بالانسجام مع الإنقلابيين . انظر باترك سيل  ص (168 )  ،  ( ... وراح حـافظ الأسـد بعد ذلك يلقي مسؤولية إراقة الدماء على سليم حاطوم ) .

وقد عرف لدى الشعب السوري يومذاك أن حركة 23 شباط 1966 كانت صراعاً بين القيادة القومية التي تمثل حزب البعث بطوائفه ( السنة ،  العلويون ، الدروز ، الإسماعيليون ، المسيحيون ) ، والقيادة القطرية التي يغلب عليها العلويون . وقد انتصرت القيادة القطرية ، وطردت القيادة القومية وهم مؤسسو الحزب كميشيل عفلق ، ومنيف الرزاز ، والبيطار ، وغيرهم .

الرجعية أخطر من إسرائيل :

ويجب القضاء عليها قبل إسرائيل ، هذه المقولة كانت تطرح من وسائل الإعلام يومياً ، وقد عرفنا أن حافظ الأسد هو المحرك الخفي لانقلاب (8/3/1963) ، وهذه طروحاته التي أعلنها في مؤتمر الحزب عام (1965) عندما قال : أما الإخوان المسلمون فلاينفع معهم إلا الاستئصال ، ومازال بشار حريصاً على وصية والده ، وهو استئصال الحركة الإسلامية ، لأنها أخطر من إسرائيل ويجب القضاء عليها قبل إسرائيل ...

 ثانوية الصناعة في حمـاة (1964) :

هذه المقولة ( الرجعية أخطر من إسرائيل ، كتبت على السبورة في ثانوية الصناعة ، فتحمس أحد الطلاب الإسلاميين وكتب الآية { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون }، فاعتقل الطالب ، واختفى أثره ، وبدأت القلاقل في حماة بسبب ذلك ، حتى انتهت بتدمير مسجد السلطان ....

ومن خلال استعراض تاريخ النظام الأسدي يتضح أنه بذل من الوقت ومن أموال الشعب السوري ، وقدم تضحيات كبيرة من رجال الشعب السوري عامة ، ومن العلويين خاصة ، من أجل تنفيذ هذه المقولة ( الرجعية أخطر من إسرائيل ) ، ولينفذ هـدفـه الذي جيء بـه ليحكم سوريا ، وهو القضاء على الحركة الإسلامية عامة ، وليس الإخوان المسلمون فقط ...في بلاد الشام كلها وليس في سوريا فقط ...

 وهناك أدلـة كثيرة تؤكد أن حافظ الأسـد هو المسؤول عن انقلاب (8/3/1963) وعن الحركة التصحيحية (1966) وأخيراً قام بحركته في (16/11/1970) ، وبالتالي هو المسؤول عن الدمار والخراب والمجازر التي لحقت سوريا ، ومن بعده ورث النظام الأسدي كل هذه الجرائم لولده بشار الذي نصبته ( مادلين أولبرت ) بشكل سافر ، خلفاً لوالده ، ليكمل المخطط المطلوب....

              

*كاتب سوري في المنفى باحث في التربية السياسية