الخطوة الليبية الشجاعة
هل تفتح الباب لخطوات شجاعة مثيلة؟!
محمد فاروق الإمام
[email protected]
في
خطوة شجاعة أقدمت ليبيا على الإفراج عن 214 ليبياً ينتمون إلى الاتجاه الإسلامي،
كانوا معتقلين لديها بينهم – كما أعلن سيف الإسلام القذافي - ثلاثة من قادة الجماعة
الليبية الإسلامية المقاتلة.
وكانت مؤسسة القذافي التي يرأسها سيف الإسلام أعلنت عام 2009 أن
الإسلاميين المحتجزين في السجون الليبية والمقربين من القاعدة قطعوا أي صلة لهم
بالتنظيم الذي يترأسه أسامة بن لادن.
وقال سيف الإسلام في مؤتمر صحافي عقده في
طرابلس يوم الثلاثاء الماضي 23 آذار الحالي (تعلن الدولة الليبية عن إطلاق 214
سجيناً من الجماعات الإسلامية بينهم 100
عنصر لهم علاقة بالمجموعة الموجودة في العراق و34 عنصراً من عناصر الجماعة
الإسلامية المقاتلة).
وأوضح سيف الإسلام أن (بين المفرج عنهم ثلاثة من قياديي الجماعة
الإسلامية المقاتلة هم عبد الحكيم بلحاج أمير التنظيم، وسامي السعدي المسؤول
الشرعي، وخالد الشريف القائد العسكري والأمني للجماعة). ووصف سيف الإسلام هذه
الخطوة بأنها (حدث تاريخي له معنى كبير) وأضاف سيف الإسلام الذي بادر إلى إطلاق
الحوار مع الإسلاميين عام 2007بإطلاق سراح هذه المجموعة (وصلنا إلى قمة الجبل فيما
يخص برنامج الحوار
والمصالحة، ونحن على أبواب إقفال فصل مأساوي).
وأوضح أنه (تم إطلاق سراح
705
إسلاميين منذ بدء البرنامج، ولا يزال 409 إسلاميين في السجن من بينهم 232 شخصاً قد
يطلق سراحهم في الفترة القادمة).
هذه
الخطوة الشجاعة بقدر ما أفرحتنا وأثلجت صدورنا إلا أنها أثارت في نفوسنا شجوناً
حزينة وأليمة على إخوان لنا لا يزالون يقبعون في السجون والمعتقلات وأقبية التحقيق
منذ سنوات وبعضهم منذ عقود في العديد من دولنا العربية، كنا نتمنى أن يفرج عنهم ومع
كل سجناء الرأي وناشطي المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وإقفال هذا الملف غير
الإنساني وغير الحضاري. حتى نشعر بحق أننا قد انتقلنا إلى القرن الواحد والعشرين
مخلفين القرن العشرين الظلامي وراء أظهرنا.
نعم
آن الأوان أن يُقفل ملف اعتقال الناس على آرائهم وانتماءاتهم الحزبية وتفكيرهم،
طالما أن ذلك يكون في سياق القانون وضمن معايير الحرية والكرامة التي كفلتها
الشرائع السماوية والقوانين الوضعية.
وآن
الأوان إلى إلغاء الأحكام العرفية وقانون الطوارئ والقوانين الاستثنائية التي تجرّم
الناس وتحكم عليهم مسبقاً لما يعتقدون به أو ينتمون إليه من أحزاب تعارض الأنظمة
فكراً أو منهجاً، والناس أحرار فيما يعتقدون أو يفكرون أو ينتمون، طالما أن ذلك لا
يخرج عن دائرة المواطنة أو يمس أمن الوطن أو كيانه بحسب المعايير التي نص عليها
الدستور واقرها القانون وكفلتها الشرعة الدولية.
آن
الأوان لتفتح أبواب الوطن لكل المنفيين والمهجرين لأسباب سياسية أو فكرية أو
اقتصادية ليعودوا منتصبي القامة بكل كفاءاتهم وخبراتهم وأموالهم التي اكتسبوها في
المنافي والمهاجر ليضعوها في عجلة بناء الوطن الذي يحتاج إلى الجميع ويتسع الجميع.
كما
تأثرت بكلمة سيف الإسلام وهو يقول: (وصلنا إلى قمة الجبل فيما يخص برنامج الحوار
والمصالحة، ونحن على أبواب إقفال فصل مأساوي).
كم
نتمنى أن نسمع مثل هذا الكلام الصريح والواضح والشفاف والصادق في بلداننا العربية
الأخرى، وتصل كل الأنظمة العربية دون استثناء إلى قمة الجبل التصالحي بين كل أطياف
وألوان المجتمعات العربية دون إقصاء أو إبعاد أو نفي أو تهميش أو استئثار وقفل هذا
الفصل المأساوي، وتقوم فيها وحدة وطنية حقيقية تعيد لبلداننا العربية قاعدتها
الصلبة المتينة في مواجهة التحديات الكثيرة التي تريد استئصال إنساننا واستلاب
أوطاننا دون تمييز فكلنا في عيون الأعداء أعداء!!