عيسي والأسوانى وجائزة نوبل !

محمود القاعود

[email protected]

وَكم اذا بمِصْرَ مِنَ المُضْحِكاتِ ***  وَلَكِنّهُ ضَحِكٌ كالبُكَا

هكذا شخّص المتنبي الأوضاع في مصر منذ ألف عام .. وهكذا أيضا .. يتحول قول المتنبي إلى نظرية تثبت صحتها كل يوم .. لا سيما في زمن العبث واللامعقول والانقلاب ..

وبالتأمل في حال زمرة الانقلاب التى تُطلق على نفسها مُسمي "النخبة" نجد ما يفوق المضحكات المبكيات .. الذى يُصنف تحت يافطة "البلاهة" والاستخفاف بعقول الناس .. وقبل الولوج في الموضوع .. أمهد بكلمات توضح ما يحدث ..

في عام 2005م أعلنت كوندو ليزا رايس وزير الخارجية الأمريكية إبان فترة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش عن مشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذى عماده الفوضي الخلاقة !

كان هوس الإدارة الأمريكية ( الصهيو صليبي ) قد وصل حد الجنون .. شجعهم على ذلك قتل ملايين المسلمين في أفغانستان والعراق وابتزاز الأنظمة العميلة في الشرق الأوسط وكان على رأسها نظام المجرم المخلوع حسني مبارك .. الذى انحنى كثيرا للعاصفة الأمريكية .. فمنح اللوبى الأمريكي صلاحيات عديدة .. وترك أفراده يظهرون في الفضائيات ويدشنون الصحف والمواقع الإليكترونية التى انفلتت من كل المعايير والأخلاقيات ..

في هذه الفترة ظهر إبراهيم عيسي بجريدة الدستور .. وفى ظل المسرحية المخابراتية كان يهاجم مبارك وولده جمال .. ومن خلالها أيضا يبث سمومه .. ضد الإسلام والمسلمين وروّج للتنصير وتبنى مشروعات أقباط المهجر .. والأخطر تبنى المشروع الأمريكي .. بكل جرائمه ..

كان من الطبيعي أن تظهر شخصيات غامضة وهلامية وتُقدم للإعلام على أنها هى من تمتلك مفاتيح الحلول السحرية .. وعلى الجميع أن يُصغي لها !

من بين هؤلاء "علاء الأسوانى" طبيب الأسنان الذى لم يُمارس طب الأسنان .. وصار بين عشية وضحاها "الروائي العالمي" ، و"المفكر" و "المُنظّر" و " المُثقف" !

احتفى إبراهيم عيسي بكتابات الأسوانى .. ومنحه الصفحة الأخيرة من جريدة الدستور يعبث بها كيفما شاء .. ويُقدم التقارير الكيدية ضد أئمة المساجد والكُتاب والمُفكرين وأساتذة الجامعات ممن يُزعجون الكنيسة الأرثوذكسية بحجة أنهم يُكفّرون "الأقباط" أو يُكفّرون الأدباء والشعراء !

بالتوازي مع ذلك ظهر فيلم "عمارة يعقوبيان" الذى أُخذ من رواية علاء الأسوانى التى تواترت الأنباء عن سرقتها ، وأنه ليس المؤلف الحقيقي لها .. تناول الفيلم قضية "الشذوذ الجنسي" وهى قضية كفيلة بفتح أبواب النعيم الغربي الذى يقر الشذوذ ويدعمه ويناصره ويُحرّك من أجله التظاهرات ..

رواية عمارة يعقوبيان من الناحية الفنية متوسطة القيمة - هذا على اعتبار أن الأسوانى هو مؤلفها  الحقيقي ! -  وأحدثت الضجة كونها تتناول قضية الشذوذ الجنسي .. وكون عادل إمام هو بطل الفيلم ..

صار مخطط تلميع الأسوانى .. بطريقة هزلية .. وهو ما كان يفعله إبراهيم عيسي منذ عام 2007م .. وعند شتاء كل عام .. قُبيل إعلان جوائز نوبل في الآداب .. يكتب عيسي مانشيتا عبثيا مضحكا " هل يفوز علاء الأسوانى بجائزة نوبل هذا العام " !!

وهذه الطريقة في التلميع تدل على أن عيسي تلميذ غير نجيب لدى أساتذته في مشروع "الفوضي الخلاقة" .. فنوبل لا تُمنح من خلال مانشيت صحيفة محلية صغيرة في دولة إفريقية .. فضلا عن أن تُمنح لشخص كتب رواية واحدة متوسطة القيمة ! لكنه العبث والاستخفاف بعقول الناس .. بل الاستخفاف بعلاء الأسوانى نفسه ..

مرت سنوات .. وأصدر الأسوانى رواية جديدة بعنوان " شيكاغو" .. وكالعادة كتب عيسي : " هل يفوز علاء الأسوانى بجائزة نوبل هذا العام " !

بعد اخفاق عيسي في هذا العبث .. وتوقف الأسوانى عن أحلام اليقظة .. وبعد قيام ثورة 25 يناير .. وادعائهما أن كتاباتهما الركيكة المبتذلة أسهمت في إسقاط نظام مبارك .. عادت اللعبة من جديد .. انتقل عيسي لجريدة التحرير المُموّلة من رجال أعمال حسني مبارك ، وكتب عيسي من جديد " هل يفوز علاء الأسوانى بجائزة نوبل هذا العام " !

مرت الشهور متسارعة .. واختار الشعب الدكتور محمد مرسي رئيسا لمصر .. كشف عيسي بصراحة ووقاحة أنه أحد أبواق للدولة العميقة ورجال أعمال مبارك  .. وكشف الأسوانى أنه أحد أعضاء الحزب النازي المتطرف  الذى لا يقبل بوجود الإسلاميين في مصر وأن يختارهم الشعب ..

شاركا في الانقلاب الصليبي في 3 يوليو 2013م بشراسة .. وأيدا قتل وسحق الأبرياء السلميين الذين رفضوا سحق العسكر لأصواتهم وحريتهم وكرامتهم ..

لم يفز الأسوانى بنوبل .. وتوقف عيسي عن التلميع .. لكن المؤكد أن نوبل لو فتحت فرعا جديدا للجائزة في "الفاشية والعنصرية" لفازا بها الاثنان بكل جدارة واستحقاق.