الاستجحاش... والمثلث السنّي الشيّعي الأمريكي!

الاستجحاش... والمثلث السنّي الشيّعي الأمريكي!

د. حمزة رستناوي*

[email protected]

المشروع الامبراطوري الايراني الطائفي يتمدد في المشرق العربي مستخدما ذراعين , ذراع العرب الشيعة , حيث أن قطاعات كبيرة منهم –للأسف - تضع نفسها في خدمة هذا المشروع , انطلاقا من مصالح عقائدية و سياسية و اقتصادية قاصرة , لن يكونوا في نهايتها سوى وكلاء لهذا المشروع , و لنْ يَمْنَحْهُم - ربَّما -غير تدمير النسيج الاجتماعي , و خراب الوطن الذي يعيشون فيه ,  في المستقبل القريب ربّما قبل البعيد , لن يمنحهُمْ هذا المشروع و الانجرار سوى لحظة انتصار و زهو كاذبْ على العرب السنّة أشقّائهم في الوطن , و من نافل القول أنّ  التعميم هنا و في كلِّ مكان خاطئ , فالمقصود بما سبق هُمْ فقطْ مَنْ  يوالون هذا المشروع الطائفي.

أما الذراع الثاني لهذا المشروع الامبراطوري الطائفي فهو ذراع العرب السنّة , حيث أن قطاعات كبيرة منهم توالي أو لا تملك الحصانة الكافية للوقوع في فخ السلفية الجهادية و تنظيم القاعدة و مشتقّاته , من حيث أنّها مجموعات ارهابية منبوذة عالميا , مُدَمِّرة للمجتمعات السنّية التي تحتضنها قبل غيرها , و عمليّا تشتغل وفق رؤية عدمية : الجهاد ضد الكفار! و لأنّهُمْ كفّار فقط ! و الكفار جنس لا ..و لن ينتهي إلى آخر الزمان !!

فمشروع السلفية الجهادية  عمليا غير قابل للتوظيف في مشروع سياسي ذو أفق جامع مُنتج و حضاري , و هو يتنافى مع أي بعد ديمقراطي وطني , و مشروع السلفية الجهادية بدوره يُشَكْ في قدرته على صد النفوذ الايراني و لجمه بشكل فعّال و حاسم.

*

المشروع الامبراطوري الايراني الطائفي يمثّل قوة عاقلة يُوثق بها عالميا , قوّة تتعامل مع الغرب الامريكي بمنطق المصالح و توازناتها , و ليس من منطق ايديولوجي ضيق , قوة عاقلة ذات تخطيط استراتيجي بعيد الأمد , لا تضع نفسها في مواجهات مصيرية مع الآخرين , و لا تدخل معارك دونما  فائدة و دونما أهداف واقعية , قوة عاقلة تقدّم نفسها كوكيل (للعالم المُتحضّر ) في محاربة الارهاب السني , الذي حرّضتْ و ساعدت هي نفسها على انتشاره , المشروع الامبراطوري الايراني الطائفي أصبحَ قوة لا يمكن تجاهلها في المشرق العربي , و قوة لا يمكن للغرب او اسرائيل أو احد اخر التورط في حرب معها دون أن يخسر هو الآخر كثيرا بما يفوق الفوائد المتوقعة.

*

ما يميّز هذا المشروع هو الدهاء السياسي - طبعا في سياق سلبي - كدهاء اللصوص و القتلة.  فقد استفاد من الغزو الامريكي لأفغانستان و ازاحة طالبان و القاعدة هناك , و استخدمتْ المجاميع السلفية الجهادية السنّية في العراق لهزيمة الاحتلال الامريكي دون أن تسفك قطرة دم جندي ايراني واحد , و استطاعَتْ تجنيبْ حليفها الاسد في سوريا السقوط بفعل الغباء السياسي للسلفية الجهادية و ضعف مناعة الشعب السوري و تشرذم ( القوى الثورية ) , و حاليا يبدو الغرب الامريكي في ورطة لا يستطيع أن يتدخّل بشكل حاسمْ و مباشر , و لا يستطيع الوقوف متفرّجا على المشهد بعدما تكررتْ صور نحر المواطنين الامريكان على الفضائيات , الغرب الامريكي يحاول استبعاد ايران و النظام الأسدي مَنْ حلِفه المضاد للإرهاب و لكنّه - و الزمان قد يؤكد ذلك أو ينفه - يقاتل نيابة عن المشروع الامبراطوري الايراني الطائفي و النظام الاسدي من حيث لا يدري , يعني جَحَشْ بِبَلاش .

تلكَ قراءتي الغير متفائلة لما يجري..و آمل أن أكون مُخطئا..و كم أشعر بالحزن و أما أتكلّم عن أبناء وطني سوريا بصفتهِم  :شيعي..سنّي..مسيحي..الخ و لكن للأسف هذا ما يقتضيه واقع الحال .!