غريبُ حديثِ وزيرة المغتربين !
غريبُ حديثِ وزيرة المغتربين !
محمد النعيمي - المدينة المنورة
في لقاء مطول لعمر العمر مع وزيرة المغتربين السورية ( بثينة شعبان ) والذي وُصف بكاسر المحرمات ، أقرت ( شعبان ) بجملة من الأوضاع الداخلية والخارجية لسورية ، وقد اتسم حديثها حتى نهايته بصراحة غير معتادة وبأكاذيب مكشوفة معتادة .
ففي أزمة العمالة السورية في لبنان وعودة مئات الآلاف منهم إلى سورية وتعرض عشرات منهم للأذى والقتل قالت ( شعبان ) إنها ( زعلانة ! ) لاستهداف العمال السوريين في لبنان ، وتعتقد أن الذي يستهدفهم أطراف خارجية إرهابية تشبه الأطراف الإرهابية في العراق والتي لا يجوز وصفها باعتبارها مقاومة للاحتلال !
ولا أدري ما الذي يجعل من سعادة الوزيرة ( زعلانة ) لاستهداف العمال السوريين في لبنان ، ولا يجعلها زعلانة من اضطرار هؤلاء العمال الذين يبلغون مئات الآلاف إلى العمل خارج وطنهم العزيز ، وأما ظنها بأن أطرافاً خارجية هي التي تستهدفهم ، فكل مَن رأى المظاهرات والمسيرات التي خرجت عقب اغتيال الحريري يدرك أنه كان بوسع اللبنانيين الغاضبين التهام أي سوري يصادفهم لا قتله فحسب ..
وقد أنكرت ( شعبان ) أن يكون للمعارضة السورية الأمريكية الصنع أي تأييد في الداخل ، وقالت إن المعارضة الرافضة للتعاون مع الأمريكان سيسعد الحكومة السورية أن تتعاون معها ، وهو كلام عقلاني لولا أنه مجرد كلام ، ولأن جماعة الحكم في سورية ( أذكياء ! ) - على حد تعبيرها - ويعرفون مكامن الصعوبات ومكامن الخطر فقد أدركوا ( تواً ! ) أنه ( ربما ! ) حان الوقت لمواجهة هذه الصعوبات ، وقالت إنه لولا الضغوط الأمريكية والإقليمية مثل حرب العراق لقام الرئيس بشار الأسد بهذه الإصلاحات قبل سنتين ، ولم تدرك أن الضغوط الأمريكية والإقليمية التي تتحدث عنها كعراقيل في سبيل الإصلاح هي التي أجبرت الحكومة السورية - مع الأسف - على ( التفكير ) في الإصلاح ..
وقد حاولت ( شعبان ) التقليل من وزن الأصوات المعارضة للإصلاح داخل النظام السوري لتقاطعه مع مصالحها ، وقالت إن الرئيس بشار هو صاحب الرؤية وصاحب الأمر ، وهي تحمِّله بهذا - من حيث لا تدري - وحده تبعة التأخر في مسيرة الإصلاح .
وقد أعادت الوزيرة المحنكة ثقافة الفوضوية المؤسساتية إلى عمر العرب ( 1400 ) سنة ، وغاب عنها أن هذا عمر الإسلام ، وأن عمر العرب يزيد على ذلك كثيراً ..
وعلى صعيد الحياة اليومية للمواطن السوري تقول ( شعبان ) أنه ربما تكون سوريا أكثر دولة تهتم بالمواطن ، فالتعليم مجاني مثل الصحة ، والمواد التموينية الأساسية مدعومة من الدولة .
ويمكن لأي شخص في العالم أن يسأل أي هارب من جحيم الحياة في سوريا عن المستوى التعليمي المزري في سوريا ، وكيف تتدخل المحسوبيات والرشاوى في تأهيل الطلبة ، كما يمكنه أن يسأل عن الوضع الاقتصادي المأساوي والذي بسببه هاجرت وتهاجر الأيدي العاملة إلى لبنان وغيرها ، والعقول النيرة إلى ألمانيا وغيرها ، فلدينا - على حد قولها - ( 6000 ) طبيب متخصص في ألمانيا وحدها ، ولسبب ما - تقول شعبان - يبدع السوريون الأطباء حيثما ذهبوا ، ولا أرى مبرراً لعجب سعادة الوزيرة فلن يتحرك إنسان ولن يبدع إلا بتوفر الحرية والعيش المناسب ، وهما ما تفتقدهما الحياة السورية ..
في النهاية .. حديث سعادة وزيرة المغتربين السورية غريب في غريب ، وأغرب ما فيه تكرارها لقب ( أذكياء ) وإصرارها عليها في وصف جهاز حكومتها ( الرشيدة ) ! .