النقد في خدمة الوطن

سالم الزائدي

من دواعي سروري أن أصل الى القارئ الواعي بمتطلبات المرحلة وهمومها، ومن ضمن ذلك التأكيد على النقد كأداة في خدمة الوطن. فإذا أردنا إصلاحاً فليكن نقداً إيجابياً إصلاحياً يُقَوم إعوجاجاً ظاهراً في المجتمع أو في طريقه لذلك من خلال أسباب معروضة أمامنا.

تأتي أهمية النقد من إدراك معنى النقد وكيفية صناعته، ولكننا لا نملك أن نضع نقطة على نهاية القول بأنه ليس لدينا نقد سليم و بناء، بل حتى لا ندرك أن للنقد قواعد وأصول، فالشعوب المتقدمة يوجد فيها نقد، ولا نقصد بالنقد الإضرار بالآخرين والتقليل من قيمتهم وقيمة ما يقدمونه من أبحاث وأدبيات. فالشعوب التي تتبنى النقد البناء كبريطانيا مثلاً أدركت معنى النقد وخطورته فكونت معارضة بجانب الحزب الحاكم لتقييم الأداء وسد الذرائع وإصلاح العيوب وضبط الموازين في شكل حضاري راقي.

إن عصرنا وسائر الناس فيه تقدر فكرة النقد الملتزم والأدب في الطرح مع العلم أن كثير من الناس لا تقبل النقد ولا تحبه وإن أوحت لك بذلك في خطابها وفي إدارة حياتها. إن النقد الواضح والبناء لابد أن يرتبط بالجانب الأخلاقي.. ومن أشكاله عندما يؤدي النقد وظيفة الشهادة بالحكم على أداء صائب، وعندما يرتبط بالجانب الفني في شكل حكم على أعمال أصحاب القرار في السلطة العليا وصولاً الى الأهم وهو أن لا يكون النقد غامضاً ملتوياً ومغلقاً ومفتاحه عند صاحبه فقط .

وبغير ذلك يكون النقد وسيلة لتأجيج الصراع الداخلي وإلقاء اللوم على الأخرين وقد يتحول النقد  الى تشابك بالأيدي وهذا غير مطلوب ولا نتبناه ولا نريده .. شرطنا في النقد أن لا يتحول الخلاف الى اختلاف ووضع العصا في دواليب تمكين الدولة من التقدم والنهوض والتأخير في استحقاقات مواطني الدولة وسد عيوب الخلل الأخلاقي والانساني في تصرفات من يقومون بها. بالتالي يجب علينا تشجيع النقد المبني على العلم والثقافة والمعرفة بأساليب المنطق والحرفية والفاعلية والبناء.

علتنا في النزعة الانحرافية عن النقد المطلوب! ومعالجة ذلك أن يكون النقد برهاناً واضحاً بيناً مفتوحاً لكل عقل يسعى لخدمة الوطن.... الكاتب مثلاً يتعرض الى النقد، وأنا أقبل بذلك بل أرحب به وأشكر صاحبه مادام النقد واضحاً في مبرراته وبرهانه حتى أستفيد منه. إذاً علينا أن نتخلص من عيوبنا ونقبل بالنقد السليم الذي يخدم ويطور مشروع نهضة إنسان، في ظل دولة ناشئة

كل منا يرى من خلال المشاهدة أن كثير من الانتقادات التي يتم توجيهها هي وقتية تفور لوقت محدد ثم تختفي كأنها لم تكن مع استمرار الوضع الذي تم انتقاده كما هو دون تغيير في حين أننا لو تبنينا النقد بمصداقية فسوف يكون له أثر فعال في تطوير أنفسنا ومؤسساتنا.

شمولية النقد والتعميم عادة ما تصيب الشخص الخطأ لأن تقييمنا يكون مبني على معلومات أو إدعاءات من أشخاص قد تكره بعضها البعض أو نتيجة إستغلال مصالح معينة، وذلك لطمس إرادة ناجحة في التغيير في اتهامها بدون دليل وحجة بينة وأحياناً أخرى يكون عبر وسائل إعلام لا تتمتع بالمصداقية.

إن كان بالإمكان أن نقوَم نقدنا ونرفع مستواه ونحسن أداءه، على الجميع أن يسهموا فى التحسين، وتقريبه إلى الانسجام مع المنطق والعلم، لربما هذا التوجه يأخذ منا وقتـا ً، ولكن بالممارسة تتكون لدينا المهارة الكافية في تقديم النقد، وعندئذ يصب فى إتجاه موضوعية الطرح والأداء ولا يغيب أو يلغى العقل والعلم فيه.

يكفينــــا الإجتهاد والسعي إلى تحقيق الظروف الملائمة التى تخدمنا من خلال إرادة جديـــدة تسمى

 " الحرية المتطورة في النقد " من أناس لامعين، قد كلفناهم باسم الشعب في مجلس النواب أو البرمان، لتحقيق الغايات المنشودة على أساس خبرتهـم وثقافتهــم التي تؤهلهم لأن يلعبوا هذا الدور.

لا بد للنقد من أن يبنى على حب وليس كراهية، على صدق وليس على كذب وإدعاء باطل، النقد يجب أن يكون على بينة وحقائق موضوعية

واختم بقول الله تعالى " وماتفعلوا من خير فإن الله كان به عليمـــــــــــا ً " .