إساءة الأدب باسم حسن النسب

صباح هذا اليوم أفتح صفحتي، فأقف على تعليق للأستاذ محمد تاج الدين الطيبي، صاحب الفصاحة وحسن البيان، يتحدث فيه بمرارة عن سوء أدب لحقه من إعلامي جزائري، الذي أسمعه كلمات نابية، بعد أن حذفه من صفحته، قائلا له..

لا يشرفني أن تكون ضمن أصدقائي، لأني من الأشراف والأسياد وحفظة القرآن الكريم.

ليست من صلاحية الورقة التدخل في الدواعي والأسباب، لكن هذه الحادثة ذكرتني بحادثة حدثت منذ 4 سنوات..

كنت يومها مع زميل، فقدّمني لزملائه وكله فرح وسرور. وبحسن فطرتي، أعطيت كل واحد منهم قطعة حلوى كنت أحملها في جيبي، فتقبلها الجميع قبولا حسنا، إلا أن أحدهم رفض أخذ قطعة الحلوى بقوة وردها علي ردا عنيفا.

إحترمت الضيوف ومقام الضيافة، خاصة وأن صاحبي ظل يفتخر بي أمام زملائه ، وابتلعت سوء الأدب ولم أعلق. وحين إنتهت الجلسة وابتعدنا عنهم، يسبقني زميلي إلى الحديث، ويقول..

أرجوك لا تغضب من سوء أدبه، فهو يظن نفسه أنه من الأسياد والأشراف، لذلك رفض أخذ قطعة.

تتفق الحادثتين في عنصر واحد رغم تباعد الزمن بينهما، ألا وهو إساءة الأدب باسم حسن النسب.

علّمونا ونحن صبية، أن نحترم صاحب النسب الشريف، وأن يرفع ويقدم على غيره. وكم كنا سعداء ونحن نرى الآباء يفضلونهم في العطايا والهدايا، ويبالغون في احترامهم، ويحثّون الصغير على تقديرهم وطاعتهم.

كبر الطفل وقرأ فضل أصحاب النسب الشريف، فزاد إحترامه وتوقيره لهم، بما تلقاه في الصغر وتعلّمه عبر الكتب في الكبر.

لكن الصغير تعلّم النقد والمناقشة عبر مرور الزمن والمطالعة، وعلم أن صاحب النسب الشريف ينتقد حين يسئ، ويعامل كغيره حين يسئ لغيره باسم النسب. فالاحترام لصاحب النسب والنقد فوق صاحب النسب.

لا طاعة لصاحب النسب حين يقتل باسم النسب الشريف. ولا احترام ولا تقدير لمن يسرق ويسطو ويتعدى باسم النسب الشريف.

أكتب هذه الأسطر وأتابع الآن ندوة صحفية يلقيها جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي. أقول.. أبيض رئيسه سود، لكنه يفتخر بكونه يطيع رئيسه الأسود. فالقمم ليست بالأنساب.

أنظر من حولي، فأرى في جزائري الحبيبة أفرادا يسيؤون باسم النسب. وفي بعض بلدان المشرق العربي يقتلون باسم النسب.

نحن في الجزائر لا نفرق بين الحركي الذي أساء للنسب، وبين صاحب النسب الذي أساء للنسب بسوء أفعاله.

إن إنتقادنا لصاحب النسب بسبب سوء استخدامه للنسب لا يحط من صاحب النسب، ولا يرفع الناقد، وإنتقاد صاحب النسب وجه من أوجه الاحترام والتقدير.

وسوم: 642