100 يوم من الدهس والطعن.. فوبيا صهيونية من الانتفاضة

علامات اونلاين - وكالات

استهل الكاتب الصهيوني "نداف شرغاي" دراسة تحت عنوان "مائة يوم من العمليات" ونشرتها صحيفة هآرتس؛ بصورة منفذ لإحدى العمليات، وحسب محافل الأمن الصهيونية فإنه أعزب، وعاطل عن العمل وبدون انتماء تنظيمي.

كما أشار إلى أن عنوان السكن لهذا المنفذ وهو عبد المحسن حسونة (21 سنة) الذي نفذ عملية دهس قرب جسر الأوتار في على طريق القدس الخليل، هو شرقي القدس.

وأوضحت الدراسة أن 60% من منفذي العمليات في مناطق "يهودا والسامرة" جاءوا من الخليل، بينما 75% من منفذي العمليات في "إسرائيل" جاءوا من شرقي القدس.

يتابع كاتب الدراسة أن حسونة يسكن في المكانين (الخليل وشرق القدس) وكمقيم مسجل في القدس، كان يحمل بطاقة هوية زرقاء، وقد أتاحت له تلك البطاقة، مثل 32 منفذًا آخر من شرقي القدس التحرك في المدينة بشكل حر، وجعل محطة باصات أخرى ساحة عملية مضرجة في الدماء.

انتفاضة مختلفة

وأضاف الكاتب إن التفاصيل الأخرى لصورة حسونة تشبه تفاصيل معظم منفذي العمليات في هذه "الانتفاضة" مثل 90% من منفذي العمليات، فهم منفذو عمليات فردية، ذوو ماض نظيف، وإن كان تأثره بالأحداث الجارية تنتجه كل الوقت "عمليات الأجواء"، إلا أنه يعمل بشكل مستقل، وليس تحت مراتبية تنظيمية ما، وفي جهاز الأمن أحصوا حتى قبل نحو أسبوع 93 شخصا كهؤلاء من مناطق الضفة إضافة إلى 32 من شرقي القدس، و3 عرب آخرين من مواطني "إسرائيل".

مائة يوم على "الانتفاضة"؛ بدايتها عملية رشق الحجارة التي قتل فيها الكسندر لافلوبتش قرب أرمون هنتسيف في 14 أيلول، ومنذ ذلك الحين قتل 22 شخصا آخرون، 260 شخصا أصيبوا؛ 71 منهم بشكل متوسط أو خطير، و189 بشكل طفيف أو طفيف حتى متوسط.

وأشار الكاتب إلى البحث الذي أجراه مركز "المعلومات للاستخبارات والإرهاب"، والذي بين أن "الانتفاضة الحالية" لا تشبه أي شيء عرفناه في الماضي؛ فالمنظمات الفلسطينية المؤطرة، مثل حماس، وإن كانت تحاول أن تعزو الكثير من منفذي العمليات لنفسها، إلا أنها حاليا على الأقل ليست جزءاً من القصة.

ورأى الكاتب أن الشبكات الاجتماعية تساهم في ما أسماه التحريض، ويتبين أن في عشرات الحالات اتخذ منفذ العملية القرار من نفسه، سواء في أعقاب تقرير إخباري أو شائعة عن حادثة، أو انطلاقا من الرغبة في الثأر لموت أو إصابة آخرين، علم لتوه بأمر موتهم أو إصابتهم، هكذا يستطيع أي فلسطيني، أن يسافر في سيارته، وفي أعقاب تقرير إخباري في الإذاعة، أن يحرف سيارته نحو محطة باصات ويقوم بعملية الدهس.

معلومات تفصيلية

وفي دراسة تفصيلية أجراها الكاتب لموجة العمليات، أظهرت النتائج أن 59 فلسطينا نفذوا أو حاولوا تنفيذ 49 عملية في مناطق الضفة في الشهرين الأولين من الأحداث يفيد بأنهم عملوا دوما تقريبا وحدهم.

كما أظهرت النتائج أن نصف العمليات نفذت في الخليل، و12% من العمليات نفذت في "غوش عتصيون".

وعن أهداف العمليات؛ فقد تبين أن ثلثي العمليات كانت موجهة ضد رجال الأمن، ونحو الثلث فقط ضد المدنيين.

كما أن الغالبية الساحقة كانت عمليات طعن بالسكاكين والأدوات الحادة، وبعضها الآخر كان دهسا، وقلة فقط منها 8%عمليات إطلاق نار، ومع ذلك فقد كانت عمليات إطلاق النار هي الأكثر فتكا، وأسفرت عن قرابة ثلث عدد القتلى في الموجة الحالية.

وأشارت الدراسة إلى أن 60% من عمليات الضفة نفذها فلسطينيون من الخليل، و75% من العمليات في "إسرائيل" نفذها فلسطينيون من القدس، و15% من إجمالي العمليات في "إسرائيل" نفذها من سكان الخليل، و10% من إجمالي العمليات في الضفة نفذها "مخربون" من شرقي القدس.

وأوضحت أن 60% من المنفذين قتلوا أثناء العمليات، و30% ألقي القبض عليهم، و10% تمكنوا من الفرار، وعن عمر المنفذين يبرز أبناء الـ 16 – 20 (51 %من المنفذين مقابل 42 %في نطاق الضفة)، وفي نطاق الضفة يبرز معدل أبناء الـ 22 – 26 (48% من المنفذين).

وبينت الدراسة أن 59 منفذًا للعمليات في الضفة، منهم 53 كانوا عزابًا، و6 فقط متزوجون، أما بالنسبة لـ128 منفذ للعميات في "إسرائيل" فكان منهم 115 أعزب، و13 متزوجا.

وبالنسبة للتعليم، فقد زعمت الدراسة أن 14% فقط من المنفذين كانوا طلابا، والباقين أصحاب تعليم ابتدائي أو ثانوي.

الفيس بديل المسجد

وأشارت إلى أن من بين منفذي العمليات في المناطق لم يشاركوا في عمليات ضد "إسرائيل"، في وقت قضى منهم 3 أحكامًا بالسجن داخل السجون الصهيونية.

كما نفت الدراسة الصفة التنظيمية عن معظم منفذي العمليات.

وزعمت أن الشبان الذين يقدمون على تنفيذ العمليات أنهوا تعليمهم الجامعي، ومعظمهم لم يجد عملا مناسبا، أو انضموا للبطالة.

كما زعمت أيضا أن وزن الوازع الديني ليس عاليا في قرار هؤلاء الشباب عند تنفيذهم العمليات، ومن خلال فحص الصور والبوستات التي نشرها بعض من منفذي العمليات على صفحات الفيس بوك تبين أن معظمهم كانوا مكتشفين على العالم الحديث، والمسجد الذي كان له دور هام في الانتفاضة الثانية بصفته المكان الأكثر تأثيراً على قرار تنفيذ العمليات ورثته الشبكات الاجتماعية".

وفي نهاية الدراسة يتساءل الكاتب "وماذا بالنسبة للمستقبل؟ محافل الأمن لا تتوقع في هذه المرحلة خبو "الانتفاضة"، بعضها يتحدث عن صعود درجة في شكل سلاح ناري أو عمليات إطلاق نار تكون أكثر ربحية، ولاسيما في نطاق الضفة".

التعريف بالكاتب

نداف شراغاي (مواليد 1959) هو كاتب وصحفي صهيوني، زميل أبحاث في مركز القدس للشؤون العامة، درس في المدرسة الثانوية التوراتية (مدرسة دينية صهيونية بالقدس)، كان يعمل كصحفي وكاتب في صحيفة هآرتس واليوم يعمل في صحيفة "إسرائيل اليوم".

القادم المجهول

محلل الشؤون الصهيونية في "المركز الفلسطيني للإعلام" رأى في هذه الدراسة محاولة فاشلة لصرف الأنظار عن التأثير الفعلي لانتفاضة القدس على الكيان الصهيوني، والذي بات يعترف يوما بعد يوم بحجم الخسائر التي تكبدها من جراء هذه الانتفاضة، والتي تجاوزت البعد الأمني والاقتصادي لجميع مناحي الحياة.

وفَنّد المحلل مزاعم الكاتب نداف شرغاي أن دافع هؤلاء الشبان للقيام بالعمليات هو حالة من  "الإحباط الشخصي والرغبة في التعظيم"، ونسوق هنا مثالا على أحد منفذي العمليات وهو الشهيد بهاء عليان، الذي كان في أوج عطائه وتميزه لحظة إقدامه على تنفيذ العملية؛ فهو شاب طموح وصاحب العديد من المبادرات التطوعية، والتي لاقت نجاحا أهّل بعضها للدخول في كتاب "غينيس" للأرقام القياسية، فهل من الممكن وصف هذا الشاب بالمحبط أو المحتاج للتعظيم؟!

وساق المحلل مثالا آخر على هؤلاء الشبان وهو الأسير ماهر الهشلمون، أحد منفذي عمليات الدهس والطعن عند مفترق عتصيون، هذا الشاب متزوج وكان يشغل منصب مدير إداري ومالي في إحدى المؤسسات، وكان في قمة السعادة والرضى بحياته، ومع ذلك قام بتنفيذ تلك العملية النوعية، وهناك أمثلة عديدة لا يتسع المقام لسردها.

ورأى المحلل أن الكاتب حاول بأسلوب واضح التحريض على حاملي البطاقات الزرقاء بادعاء حرية تنقلهم، وبالتالي سهولة الوصول إلى أهدافهم، وتناسى الكاتب العديد من العمليات التي وقعت على حواجز الجيش المنتشرة في جميع أنحاء الضفة المحتلة، والتي تمارس القهر والتضييق على حياة المواطنين، بالإضافة إلى استفزاز الجنود على تلك الحواجز.

وأكد المحلل أن السلطة الفلسطينية لعبت دورا مهما في محاربة هذه الانتفاضة من خلال تحييد دور المساجد في إذكاء الروح الدينية والوطنية، ومنع الخِطاب الجهادي، لذلك لجأ النشطاء إلى البديل وهوشبكات التواصل الإجتماعي، التي كانت العنوان الأبرز للتحريض كما يدعي الاحتلال.

ولم يتمكن الكاتب نداف شرغاي من إخفاء الحقيقة التي توصل إليها من خلال هذه الدراسة ألا وهي "عدم تمكن المستوى الأمني والسياسي الصهيوني من إيقاف مد هذه الانتفاضة وتطورها، واتخاذها وسائل أكثر نجاعة لإيقاع عدد أكبر من الخسائر في صفوف العدو، وعجزهم عن توقع من هو صاحب العملية القادمة".

وسوم: العدد 647