موسوعة جرائم الولايات المتحدة الأمريكية 193

هل تسبّب جورج بوش الأب في مقتل رفاقه في الحرب العالمية الثانية  وحصل على وسام التكريم؟

ملاحظة

هذه الحلقات مترجمة ومُعدّة عن مقالات ودراسات وكتب لمجموعة من الكتاب والمحللين الأمريكيين والبريطانيين.

اقتباسات

(وقال ميرزوفسكي، وهو أيضا حاصل على صليب الطيران الفخرى، لصحيفة نيويورك بوست انه رأى "سحابة من الدخان" تخرج من طائرة بوش وسرعان ما تبددت. وأكد أنه بعد ذلك لم يكن هناك المزيد من الدخان، وأن طائرة بوش "لم تكن تشتعل فيها النيران على الإطلاق"، وأنه "لم يخرج أي دخان من قمرة القيادة عندما فتح الغطاء المنزلق لحجرة القيادة لكي يقفز". وذكر ميرزوفسكي أن رجلا واحدا فقط خرج من طائرة بوش هو بوش نفسه. "كنت آمل أن أرى مظلات أخرى تهبط. ولكنني لم أر. رأيت الطائرة تهبط دون أن تشتعل فيها النيران. كنت أعرف أن الشابين ما زالا هناك. لقد كان شعورا مريعا بالعجز(.

)في تقرير هيماس الذي كتبه عام 1991 بعد مقابلة في أغسطس 1988 مع تشيستر ميرزيفسكي، وهو عضو آخر في سرب بوش، أثار تساؤلات هامة حول التسرّع والاستعجال الذي إنقذ بها بوش نفسه، بدلا من محاولة الهبوط على المياه. حديث ميرزيفسكي، والذي نوجزه فيما يلي، يناقض رواية بوش نفسه عن هذه الأحداث، كما ألمح إلى أن بوش قد تخلّى عن اثنين من افراد الطاقم لموت رهيب ولا داعي له(.

الكاتبان الأمريكيان وبستر غريفين ترابلي وأنتون شايتكين كتاب : George Bush - Unauthorized Biography

المحتوى

(تباهٍ بلا خجل- بوش شخصية فاشيّة جديدة- من التطوّع إلى المهمة المثيرة للجدل والشكوك- أوّل هبوط اضطراري وخسارة طائرة-  بوش يقدّم روايات مختلفة عن الحادثة !! الرواية الأولى تمّ تكذيبها- بوش تخلّى عن رفيقيه لموت رهيب وأنقذ نفسه- تقرير مُفبرك بلا تاريخ- تقرير آخر مُرتبك أو مُحرّف- ورواية مفبركة أخرى .. فكم رواية وإلى متى؟- وهذا وصف مخادع جديد- الآن الشاهد الحقيقي يجب أن يكشف الحقيقة- شاهدٌ كان يستطيع رؤية ما يجري في قمرة القيادة: طائرة بوش لم تكن تشتعل- تقرير جديد بلا تاريخ : وفضيحة أخرى- التقرير الرسمي لا يذكر أي حريق في طائرة بوش- الصحفي المأجور يحاول تشويه الحقيقة- بوش يعترف- المنقذ المُخادع- مصدر هذه الحلقة)

 

تباهٍ بلا خجل

_______

الفصل السادس من كتاب "جورج بوش – سيرة غير مصرح بها George Bush - Unauthorized Biography خصّصه المؤلفان "ويبستر غريفين تاربلي" و "أنتون شايتكين" لتناول سلوك جورج بوش الأب في الحرب العالمية الثانية فيقولان:

"اعتاد جورج بوش التباهي دائما ودون خجل بسجله كطيّار في البحرية خلال الحرب العالمية الثانية في منطقة المحيط الهادئ. خلال حملة مجلس الشيوخ عام 1964 في ولاية تكساس ضد السناتور “رالف ياربورو”، أرسل بوش للتلفزيون فيلما قديما غير واضح يصور الشاب جورج بوش وهو يجري إنقاذه في البحر من قبل طاقم الغواصة Finnback الأمريكية بعد تعرض الطائرة القاذفة "المنتقم Avenger" للإصابة بنيران يابانية مضادة للطائرات خلال غارة لقصف جزيرة شيشي جيما Chichi Jima" في 2 سبتمبر 1944. هذا الفيلم، المأخوذ من أراشيف البحرية، جاء بنتائج عكسية عندما تم بثه على الهواء لمرات عديدة، وأصبح في نهاية المطاف شيئا مبتذلا أخرق.

منشورات حملة بوش احتفت دائما بمآثره المزعومة باعتباره طيارا بحريا وبصليب الطيران الفخرى الذي حصل عليه. لكن كلما أصبحنا على دراية بشكل متزايد بقوة الإخوان براون، وهاريمان، وجمعية الجمجمة والعظام السرية، وعمل هذه الشبكة من أجل السناتور بريسكوت بوش، سنعلم كيف نصبح متشككين على نحو متزايد في هذه الجوائز الرسمية وفي التقارير الرسمية التي تم الإعتماد عليها.

بوش شخصية فاشيّة جديدة

________________

لكن جورج بوش اعتاد دائما المتاجرة دون خجل بسجله الحربي المزعوم. خلال مغامرة بوش في حرب الخليج من 1990-1991، بلغ التملق للقوة الحربية المزعومة لبوش مستويات كانت تُعتبر في السابق من السمات المُعلنة للأنظمة الشمولية والعسكرية. في نهاية عام 1990، بعد أن ألزم بوش نفسه بصورة لا رجعة عنها بحملته للقصف والتدمير الوحشي للعراق، أكمل الكاتب المأجور "جو هيماس" سيرة مُخوّلة عن جورج بوش في الحرب. وكان عنوانها : "رحلة المنتقم" (نيويورك: هاركورت بريس، 1991)، وظهر خلال وقت اشتعال منطقة الشرق الأوسط الذي كان نتاج هواجس بوش التسلطية. وكان عمل هيماس قد جاء بمصادقة واضحة من النظام: ليس فقط جورج، ولكن أيضا زوجته باربرا أجريت معها مقابلات أثناء إعداد الكتاب، وبنبرتها المتزلفة وضعت هذا النص القذر تماما ضمن سير القديسين.

ظهور مثل هذا الكتاب في مثل ذلك الوقت هو تعبير عن ممارسة أكثر الدكتاتوريات الشائنة في القرن العشرين، والتي تتمثل في شخصية الرجل القوي، الفوهرر، الدوتشي، كما يمكن ان يُطلق عليه. هل كانت إيطاليا الفاشية تسعى لتأكيد الاكتفاء الاقتصادي الذاتي في الإنتاج الغذائي في مواجهة العقوبات التجارية من قبل عصبة الأمم؟ فيتم إنتاج فيلم من قبل MINCULPOP (وزارة الثقافة الشعبية، أو الدعاية) يصوّر موسوليني وهو يحصد الحبوب دون كلل. هل كانت ألمانيا النازية في المراحل النهائية من الإعداد لحملة عسكرية ضد دولة مجاورة؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن غوبلز سينسّق سلسلة من مقالات المجلات والكتب الأكثر مبيعا التي تستحضر أمجاد هتلر في الخنادق من 1914-1918. وأقرب إلى وقتنا الحاضر، سعي ليونيد بريجنيف إلى تغذية بلاده بعبادة شخصيته بكتاب صغير عنوانه "مالايا زيمليا Malaya Zemlya"، قام اختصاصيوا الدعاية من حوله بتضخيم تجاربه في الحرب العالمية الثانية لتبرير ترقيته إلى مشير الاتحاد السوفياتي واقامة تمثال تكريما له في أثناء حياته. هذا هو التقليد الشمولي الذي تنتمي إليه "رحلة المنتقم".

من التطوّع إلى المهمة المثيرة للجدل والشكوك

__________________________

يقول لنا بوش في سيرة حملته الذاتية انه قرر الانخراط في القوات المسلحة، وتحديدا في طيران البحرية، بعد فترة وجيزة من سماعه بالهجوم الياباني على بيرل هاربور. بعد حوالي ستة أشهر، تخرّج بوش من أكاديمية فيليبس، وكان المتحدث في حفل التخرّج وزير الحرب "هنري ستيمسون"، العضو البارز في النخبة الحاكمة في الولايات المتحدة آنذاك. ربما لم تغب عن ذاكرة ستيمسون مذبحة الشباب من أعضاء الطبقات الحاكمة البريطانية التي وقعت في خنادق الحرب العالمية الأولى على الجبهة الغربية. على أي حال، كانت نصيحة ستيمسون لخريجي اندوفر أن الحرب سوف تستمر لفترة طويلة، وأن أفضل وسيلة لخدمة الوطن هي أن يستمر المرء في دراسته في الكلية. من المفترض أن بريسكوت بوش قد سأل ابنه إذا كانت وصية ستيمسون قد غيّرت من خطته، وان الشاب بوش قد أجابه بانه ما زال ملتزما بالانضمام للبحرية.

كان هنري ستيمسون بالتأكيد متحدثا مخولا باسم المؤسسة الشرقية الليبرالية، وقد مجّدته دعاية بوش باعتباره واحدا من أهم المؤثرين على المستقبل السياسي لبوش. رس ستيمسون في كل من جامعة ييل (حيث انضم هناك إلى جمعية الجمجمة والعظام السرية)، وكلية الحقوق بجامعة هارفارد. أصبح الشريك القانوني لاليهو روت، الذي كان وزير خارجية ثيودور روزفلت. ثم أصبح وزير حرب الرئيس تافت، عقيد المدفعية في الحرب العالمية الأولى، الحاكم العام للفلبين، وزير خارجية هوفر، ومبتكر "مبدأ ستيمسون" وكان هذا آخر قطعة من مواقف النفاق الموجهة ضد اليابان، والتي تؤكد على أن التغيرات في النظام الدولي الناجمة عن قوة السلاح لا ينبغي الاعتراف بها دبلوماسيا. وهذا يعادل التزام الولايات المتحدة المخلص بنظام فرساي، وهي نفس السياسة التي أيدها بيكر، وايغلبرغر، وكيسنجر في الحرب الصربية على سلوفينيا وكرواتيا خلال عام 1991. ستيمسون، على الرغم من أنه جمهوري، أُحضر إلى مجلس حرب روزفلت في عام 1940 كتعبير عن نوايا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.

ولكن في عام 1942، لم يشتر بوش مشورة ستيمسون. ومما لا شك فيه أن في ذهن الشاب جورج بوش، كانت الحرب العالمية الثانية تعني حصرا الحرب في المحيط الهادئ، ضد اليابانيين. في التقارير المعتمدة عن بوش لهذه الفترة من حياته، نادرا ما نجد هناك ما يشير الى المسرح الأوروبي، على الرغم من أن روزفلت والنخبة الأنجلو أمريكية بالكامل قد أعطت الأولوية الاستراتيجية لخطة "ألمانيا أولا". على ما يبدو، كان قلب الشاب بوش مصمما على ان يصبح طيار بحرية.

عادة تطلب البحرية سنتين في الكلية من المتطوعين الذين يرغبون في أن يصبحوا طيارين في البحرية. ولكن، لأسباب لم يتم توضيحها بصورة مرضية حتى الآن، تم إعفاء الشاب جورج من هذا الشرط. هل كانت محسوبية والده بريسكوت بوش لدى ارتيموس غيتس، مساعد وزير البحرية للطيران، عاملا أساسيا في الاستثناء، الذي كان العنصر الرئيسي الذي أتاح لجورج بوش ليصبح أصغر من جميع الطيارين في البحرية؟

يوم 12 يونيو عام 1942، بعيد ميلاده الثامن عشر، انضم بوش للبحرية في بوسطن. وأمُر أن يقدم تقريرا عن الخدمة الفعلية كطالب طيران في 6 أغسطس 1942. بعد آخر موعد مع باربرا، اتجه إلى ولاية نورث كارولينا. في محطة تشابل هيل الجوية البحرية، كان واحدا من الطلبة زملاء بوش هو تيد وليامز، الذي سينضم لاحقا لبوش في حملته الانتخابية في معركته اليائسة في الانتخابات التمهيدية في نيو هامبشاير في فبراير شباط 1988.

بعد التدريب قبل الطيران في تشابل هيل، انتقل بوش إلى مطار البحرية بولاية مينيسوتا، حيث طار منفردا لأول مرة في نوفمبر تشرين الثاني 1942. وفي فبراير، انتقل بوش عام 1943 الى كوربوس كريستي بولاية تكساس، للمزيد من التدريب . تلقى بوش شهادة رتبته يوم 9 يونيو 1943.

بعد ذلك انتقل بوش خلال عدد من القواعد الجوية البحرية على مدى ما يقرب من عام لأنواع مختلفة من التدريب المتقدم. في منتصف يونيو 1943 تعلّم أن يطير على قاذفة "المنتقم" جرومان TBF قاذفة طوربيد في فورت لودرديل بولاية فلوريدا. في أغسطس قام بالهبوط على حاملة الطائرات سابل، سفينة تم استخدامها باعتبارها حاملة طائرات لأغراض التدريب. خلال صيف عام 1943 قضى بوش بضعة أسابيع في إجازة مع باربرا في نقطة ووكر في كينيبونكبورت. وقد أعلنا خطبتهما في صحيفة نيويورك تايمز في 12 ديسمبر 1943.

في وقت لاحق في صيف عام 1943 انتقل بوش إلى القاعدة الجوية البحرية في نورفولك بولاية فرجينيا. في سبتمبر 1943، انتقل سرب بوش الجديد، المسمّى VT-51، إلى المحطة الجوية البحرية في تشينكوتيج، فيرجينيا، وتقع على شبه جزيرة ديلمارفا. في 14 ديسمبر 1943، تم جلب بوش وسربه إلى فيلادلفيا لحضور حفل جاهزية الناقلة يو اس اس سان جاسينتو (CVL30). ثم انتقل سرب بوش VF-51 على متن هذه السفينة لرحلة تجريبية في 6 فبراير 1944، وفي 25 مارس 1944 غادرت سان جاسينتو إلى سان دييغو عن طريق قناة بنما. وصلت سان جاسينتو ميناء بيرل هاربر في 20 نيسان 1944، وتم تخصيصها لفرقة عمل الاميرال مارك ميتشر، وهي مجموعة من حاملات الطائرات السريعة، في 2 مايو 1944.

أوّل هبوط اضطراري وخسارة طائرة

_____________________

في يونيو انضمت سفينة بوش إلى معركة مع القوات اليابانية في أرخبيل ماريانا. هنا طار بوش في مهمته القتالية الأولى. يوم 17 يونيو، أجبر فقدان ضغط الزيت بوش على الهبوط اضطراريا في البحر. بوش، جنبا إلى جنب مع اثنين من افراد الطاقم؛ المدفعي "ليو نادو" والمخابر مدفعي الذيل "جون ديلاني"، تم انقاذهم من قبل مُدمّرة أمريكية بعد أن أمضوا بضع ساعات في الماء. الطائرة المنتقم الأولى التي قادها بوش، وسمّاها باربارا، فُقدت.

خلال شهر يوليو، عام 1944، شارك بوش في جزء من ثلاث عشرة غارة جوية، كثير منها في اتصال مع مشاة البحرية الأمريكية الراسية سفنهم في غوام. في أغسطس تحركت سفينة بوش إلى منطقة ايو جيما وشيشي جيما في جزر بونين لجولة جديدة من الطلعات الجوية.

في 2 أيلول، 1944، بوش وثلاثة طيارين آخرين، ترافقهم طائرات هلكت مقاتلة أخرى، أُمروا بالهجوم على محطة إرسال لاسلكي في شيشي جيما. طائرات من الحاملة يو إس إس إنتربرايز سوف تنضم أيضا للهجوم. في هذه المهمة سيكون مدفعي المقعد الخلفي لبوش ليس ليو نادو المعتاد، بل الملازم "ويليام غاردنر وايت"، ضابط الذخائر في سرب VT-51، وخريج جامعة ييل، وعضو جمعية الجمجمة والعظام. كان والد وايت زميل دراسة لبريسكوت بوش (أبو بوش الأب). أخذ وايت مكانه خلف الرشاش الخلفي في طائرة المنتقم؛ باربارا بوش 2، التي يقودها بوش. أما مدفعي المخابرة فكان جون ديلاني، العضو المعتاد في طاقم بوش.

بوش يقدّم روايات مختلفة عن الحادثة !! الرواية الأولى تمّ تكذيبها

_____________________________________

ما حدث في سماء شيشي جيما ذلك اليوم هو مسألة جدل حامي الوطيس. قدم بوش عدة روايات مختلفة عن قصته الخاصة. في سيرة حملته الذاتية التي نُشرت في عام 1987 أعطى بوش القصة التالية:

كانت نيران المدفعية المضادة للطائرات أكثف من أي وقت مضى. كانت الدفاعات اليابانية جاهزة وتنتظر: تم ضبط أسلحتهم المضادة للطائرات بحيث تصيبنا فور ظهورنا في أجوائهم. بحلول الوقت الذي كان فيه سربنا VT-51 على استعداد للانقضاض، كانت السماء ملبدة بالغيوم السود الغاضبة من انفجار النيران المضادة للطائرات.

مهّد "دون ملفين" الطريق، وأصاب برجا للإرسال. تابعت أنا وانقضضت بزاوية خمسة وثلاثين درجة، وهي زاوية هجوم تبدو ضيقة جدا، ولكنها في طائرة المنتقم تشعرك كما لو أنك تسقط مباشرة إلى أسفل. كانت خريطة الهدف مثبتة على ركبتي، ومع بدئي بالانقضاض، كنت قد رصدت بالفعل المنطقة المستهدفة. ومع اقترابي، كنت ارى اللطخات السوداء لنيران المدفعية في كل مكان.

فجأة حصلت هزّة، كما لو أن قبضة ضخمة قد لطمت بطن الطائرة. وتصاعد الدخان في قمرة القيادة، واستطعت أن أرى ألسنة اللهب تمتد عبر ثنيات الجناح، وتتجه نحو خزانات الوقود. بقيت منقضا، مركزا على الهدف، وأفرغت الأربع قنابل زنة 500 رطل التي لدينا، وابتعدت، باتجاه البحر. وبمجرد أن اصبحت فوق الماء، توازنت، وقلت لديلاني ووايت أن يقفزا بالمظلة، وحوّلت الطائرة إلى الميمنة لأبعد تيار المحرّك عن الباب القريب من موضع ديلاني.

حتى ذلك الحين، ماعدا لسعات من الدخان الكثيف الذي أثّر على وضوح رؤيتي، كنت في حالة متوازنة. ولكن عندما بدأت بالتهيؤ للقفز، بدأت المشكلات تتلاحق.

في هذا الحديث، ليس هناك أي ذكر لرفيقيه وايت وديلاني إلى أن صدم بوش سطح الماء وبدأ يفتش عنهم. يقول بوش انه فقط بعد أن تم انقاذهم من قبل حاملة الطائرات، الغواصة Finnback، "علمتُ أنه لا جاك ديلاني ولا تيد وايت كانا على قيد الحياة. واحد سقط مع الطائرة إلى الأسفل. والآخر قفز بمظلته، ولكنها لم تنفتح".

بوش تخلّى عن رفيقيه لموت رهيب وأنقذ نفسه

__________________________

في تقرير هيماس الذي كتبه عام 1991 بعد مقابلة في أغسطس 1988 مع تشيستر ميرزيفسكي، وهو عضو آخر في سرب بوش، أثار تساؤلات هامة حول التسرّع والاستعجال الذي إنقذ بها بوش نفسه، بدلا من محاولة الهبوط على المياه. حديث ميرزيفسكي، والذي نوجزه فيما يلي، يناقض رواية بوش نفسه عن هذه الأحداث، كما ألمح إلى أن بوش قد تخلّى عن اثنين من افراد الطاقم لموت رهيب ولا داعي له. تقرير هيماس، الذي يهدف جزئيا إلى دحض رواية ميرزيفسكي، يمضي على النحو التالي:

"... كان بوش يقود الطائرة الثالثة فوق الهدف، وكان "مور" يحلّق على جانبه. انزلق بدرجة ثلاثين، واتجه مباشرة نحو برج الإرسال. مُصمّما على تدمير البرج، لم يستخدم أساليب المراوغة وقاد الطائرة مباشرة نحو الهدف. كانت رؤيته تتأثر أحيانا بتفجرات من الدخان الاسود من المدافع اليابانية المضادة للطائرات. كانت الطائرة تنقض من خلال غيوم سميكة من الدخان تخترقها الأقواس المشتعلة للمطاردات.

فجأة، كان هناك وميض مفاجئ من الضوء أعقبه انفجار. "ارتفعت الطائرة إلى الأمام، وصارت تحيط بنا النيران"، يتذكر بوش. "رأيت النيران على طول الأجنحة حيث كانت خزانات الوقود. فكرتُ، إن هذا أمر سيء حقا! من الصعب أن أتذكر التفاصيل، لكنني نظرت إلى الأجهزة ولم استطع رؤيتها بسبب الدخان".

دون ملفين، الذي كان يحلّق فوق المنطقة منتظرا طياريه كي يُسقطوا القنابل، ويغادروا، اعتقد ان قذيفة يابانية أصابت خزان الوقود في طائرة بوش. "يمكنك أن ترى الدخان من مسافة مئة ميل".

قد يكون الأمر كذلك، ولكن من الصعب أن نفهم لماذا كان الدخان من طائرة بوش مرئيا بوضوح في مثل هذه البيئة المليئة بالدخان. يمضي هيماس في استكمال وصف بوش لمهمته فيقول:

بحلول ذلك الوقت كانت الأجنحة مغطاة بألسنة اللهب والدخان، وكان المحرّك تشتعل فيه النيران. وفكر في الهبوط على الماء ولكنه أدرك أن ذلك لن يكون ممكنا. كان الهبوط بالمظلة هو الخيار الأخير الذي لم يكن لديه غيره. اتصل بالراديو وأخطر قائد السرب ملفين بقراره. رد عليه ملفين، "تلقيت رسالتك. أراك. سوف أتابع."

[...] ميلت مور، كان يحلق مباشرة وراء بوش، رأى طائرة بوش تهوي محترقة. "انطلقت نحوه وحاولت الوصول إليه؛ ثم حلقت بجواره".

وبمجرد أن أصبح فوق المياه، صاح بوش عبر الاتصال الداخلي على رفيقيه وايت وديلاني: "اقفزا بالمظلة!" [...] ديك جورمان، المخابر-والمدفعي التابع لمور، يتذكر أنه سمع شخصا ما يصرخ عبر الاتصال الداخلي، "اقفزوا بالمظلة!" فسأل مور، "هل هذا أنت، مور؟"

"لا"، أجاب مور. وأضاف "انه بوش، لقد أصيب!"

استمع أعضاء السرب الآخرين لبوش وهو يكرّر أمر القفز بالمظلة، مرارا وتكرارا، على الراديو.

لم تكن هناك استجابة من أي من أفراد طاقم بوش، ولم تكن لديه وسيلة لرؤيتهما. كانت هناك لوحة مدرعة خلفه، بينه وبين الملازم وايت، منعته من رؤيته. وكان على يقين من أن وايت وديلاني قد قفزا بالمظلة فور سماعهما الأمر.

تقرير مُفبرك بلا تاريخ

_____________

يقتبس هيماس تعليقا آخر لملفين في سجل السرب عن مصير أفراد طاقم بوش الإثنين: "في موضع يبعد حوالي تسعة أميال من مينامي جيما، هبط بوش وشخص آخر بالمظلات من حوالي 3000 قدم. انفتحت مظلة بوش وهبط بسلام على الماء، وسبح بعيدا عن تشي تشي جيما. الشخص الآخر لم تنفتح مظلته. لم يعد بوش حتى الآن إلى السرب ... لذلك فهذه المعلومات غير كاملة. اعتُبر الملازم وايت والملازم ديلاني في عداد المفقودين في العملية، ويعتقد أنهما قُتلا نتيجة للعملية المذكورة أعلاه".

ولكن من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن هذا التقرير، على عكس السياقات المعتادة في عمل البحرية، لا يوجد فيه تاريخ. وهذا ينبغي أن ينبهنا إلى أن العبث بالسجلات العامة، مثل ملفات بوش في لجنة الأوراق المالية والبورصة خلال عام 1960، والتي ظهر أنها من تخصص شبكة الإخوان براون، هاريمان/ وجمعية الجمجمة والعظام.

تقرير آخر مُرتبك أو مُحرّف

_______________

وعلى سبيل المقارنة، دعونا الآن نستشهد بوصف سريع عن هذا الحادث نفسه في المقدمة من سيرة بوش المخولة في سيرة المرشح للحملة الانتخابية الرئاسية عام 1980:

"في مسار التوجه نحو الجزيرة، تعرّضت طائرة بوش لقذائف يابانية مضادة للطائرات. قتل واحد من اثنين من افراد الطاقم على الفور واشتعلت النيران في الطائرة. كان بوش قادرا على تسجيل ضربات على منشآت العدو باثنين من القنابل زنة خمسمائة رطل قبل أن يقفز للهرب من قمرة القيادة المشتعلة ويهبط على الماء. عضو الطاقم الآخر قفز بالمظلة أيضا لكنه توفي على الفور لأنه، كما قال قائد الطائرة المقاتلة التي وراء طائرة بوش في تقريره لاحقا، فشلت مظلته في أن تنفتح بشكل صحيح. مظلة بوش تعرقلت للحظات بذيل الطائرة بعد أن اصطدم بالماء.

ورواية مفبركة أخرى .. فكم رواية وإلى متى؟

__________________________

تقرير كنغ مثير للاهتمام لعدم ذكره أي شىء عن إصابة بوش عند قفزه بالمظلة، وهو جرح في جبينه حصل عندما اصطدم رأسه بذيل الطائرة. والمفترض أن هذا قد حدث قبل فترة طويلة من هبوط بوش على الماء، لذلك فهذ التقرير مرتبك أو محرّف بالفعل.

ورواية ودعونا أيضا نذكر أجزاء من التقرير الذي قدّمه "فيتزهوغ غرين" في السيرة الذاتية المُخوّلة لبوش التي كتبها في عام 1989. غرين جعل بوش ينقض "بزاوية مقدارها ستون درجة" وبالنسبة "لعضوي طاقمه" كما يقول غرين، "فقد كانت الحياة على وشك الانتهاء". ثم يمضي في روايته:

"في منتصف مسافة الانقضاض، أصاب العدو الطائرة بمجموعة من القذائف. ملأ الدخان حجرة القيادة. وضعفت السيطرة على طائرته. بدأ المحرك يتعثر، ولم يكن بوش قريبا بما فيه الكفاية من الهدف. كان يكافح للبقاء على المسار الصحيح، عيونه تحرقانه، نجح بوش في إطلاق قنابله في آخر لحظة ممكنة. لم يكن قادرا على ان يستشف النتيجة من خلال الأدخنة السوداء. لكن رفيقا طيارا أكّد لاحقا أن الهدف قد تفجّر، جنبا إلى جنب مع اثنين من المباني الأخرى. البحرية سوف تكرّم بوش بسبب إصراره على التمسك بسلاحه إلى أن أكمل مهمّته تحت نيران العدو الشرس.

جيد! الآن صانت خدعة تتمثل في إبقاء الطائرة في الجو لفترة طويلة بما فيه الكفاية لتحقيق هدفين: أولا، الحصول على ما يكفي من المسافة بعيدا من الجزيرة للحصول على الانقاذ من البحر قبل القبض عليه أو قتله من قبل العدو. ثانيا، إعطاء رفيقيه في الطاقم الفرصة ليقفزا بالمظلة من الطائرة المحترقة.

بدأت طائرة بوش تفرقع في آخر عدة مئات من الأمتار. ودون علم بوش، استطاع واحد من عنصري الطاقم تحرير نفسه. لا طياري السرب المرافق لبوش، ولا بوش نفسه عرف من هو عنصر الطاقم هذا. ولكنه عندما قفز، تعطلت مظلته وفشلت في أن تنفتح.

كتب غرين أنه عندما كان بوش يسبح في الماء، أدرك أن "طاقمه قد اختفى"، وأن "فقدان اثنين من الرجال شلّ بوش".

وهذا وصف مخادع جديد

______________

في حملة الانتخابات الرئاسية عام 1992، قام رجال بوش بمحاولة إعادة صياغة أخرى لسيرة بوش قام بكتابتها ريتشارد كريمر. يتميز هذا الجهد قبل كل شيء بالألعاب النارية اللفظية المصطنعة التي يحاول المؤلف من خلالها أن ينفخ حياة جديدة في سيرة بوش المُكررة. لهذا، اعتمد كريمر على نمط من الوصف المفرط في الحركة مع تراكيب غير لفظية تعكس إلى حد ما الطريقة المفككة الخاصة ببوش في الكلام. قد يكون النص الناتج كان صدى لحالة بوش النفسية عندما عصفت به نوبات هياج غدّته الدرقية السامة hyperthyroidism toxic أو مرض باسيدو Basedow’s disease الذي يعاني منه، خلال مرحلة التحشّد لحرب الخليج. وقد ظهر جزء من هذا النص في مجلة اسكواير. وفيما يلي وصف كريمر للمرحلة الحرجة من الحادث:

لقد شعر بصدمة عنيفة، رجة هائلة، وقفزت طائرته إلى الأمام، وكأن عملاقا ضربها من تحت بقبضته الهائلة. بدأ الدخان يملأ قمرة القيادة. ورأى لسانا من اللهب يتدفق من الناحية اليمنى من الجناح الأيمن. يا للمسيح! إنها خزانات الوقود!

نادى على ديلاني ووايت -لقد ضُربنا! وكان يهوي. ضرب ملفين البرج بأربع قنابل. كان ويست على نفس المدار. كان على بوش أن ينسحب. ويتخلص من هذه القنابل. ويحافظ على هبوطه ... ثوان قليلة...

أسقط على الهدف، وسمح لهم بالطيران. انغزلت القنابل نحو الأسفل، تخففت الطائرة من حملها، ومال بوش بعيدا وبصعوبة نحو الشرق. كان مصرّا على أن يصل إلى نقطة اللقاء مع ملفين مهما كلّف الثمن. كان الدخان كثيفا حتى انه لم يتمكن من رؤية أجهزة القياس. هل كان يتسلق؟ عليه الهبوط على الماء. سيُقتلون إذا هبطوا على الأرض. اليابانيون يقتلون الطيارين. كان عليه أن يهبط بالمظلة. اتصل بوش بالقائد بالراديو، ونادى على طاقمه. لا إجابة. هل يعرف وايت كيفية الوصول إلى مظلته؟ نظر بوش خلفه للحظة. يا الله، هل أصيب وايت؟ كان يصرخ بأمر الهبوط بالمظلة، ويتجه نحو اليمين كي يبعد تيار المحرك عن الفتحة الخاصة بهم... كان عليه أن يخرج نفسه إلى الخارج. استوى فوق المياه، على بعد بضعة أميال فقط من الجزيرة ... يجب أن يبتعد أكثر من ذلك...وضع إشارة اللاسلكي على علامة تحديد صديق أم عدو... لتنبيه أي سفينة أمريكية، إرسال تردد خاص يعود إلى حاملة الطائرات الخاصة بهم... لا توجد أي وسيلة أخرى للاتصال، وكان لا بُدّ من الخروج الآن، لا بُدّ ... الآن.

سيتبين أن هذه النسخة من الرواية تحتوي على العديد من التناقضات الداخلية، إلا أن السمة المميزة لهذه الرواية، وخاصة بعد ظهور تقرير ميرزوفسكي، هو أن طائرة بوش كانت تشتعل، مع رؤية الدخان والنيران. آلة دعاية بوش تحتاج تأكيد اشتعال النيران في طائرة بوش من أجل تبرير قرار بوش المتهور والمتسرّع بالهبوط بالمظلة، وترك اثنين من افراد طاقمه لمصيرهم، بدلا من محاولة الهبوط على المياه التي كانت كافية لإنقاذهم جميعا.

الآن الشاهد الحقيقي يجب أن يكشف الحقيقة

_______________________

الشخص الوحيد الذي يستطيع الجزم بأنه شاهد طائرة بوش تُضرب، وتصدم بالماء، هو تشيستر ميرزوفسكي، الذي كان مدفعي البرج الخلفي في الطائرة التي يقودها قائد السرب دوغلاس ميلفين. خلال 1987-1988، أصبح ميزوفسكي ساخطا على نحو متزايد، عندما كان يشاهد بوش يكرّر روايته المملة عن كيف أُسقطت طائرته. قبل وقت قصير من المؤتمر الوطني الجمهوري في عام 1988، كان ميرزوفسكي متقاعدا يبلغ من العمر 68 عاما ويعيش في شيشاير، كونيتيكت. قرر ميرزوفسكي أن يروي القصة الحقيقية إلى ألان وولبر وآل إلنبرغ من صحيفة نيويورك بوست التي نشرت التحقيق.

"هذا الرجل لا يقول الحقيقة"، هكذا قال ميرزوفسكي عن بوش.

وبما أنه مدفعي البرج الخلفي على متن طائرة القائد ملفين، فإن ميرزوفسكي كان في الموقع الأكثر سيطرة لرصد الأحداث المطروحة للتساؤل هنا. فلأن طائرة ملفين حلقت قبل طائرة بوش مباشرة، كان لديه الرؤية المباشر ودون عائق لما كان يحدث في الخلف من طائرته الخاصة. وعندما سأل صحفيو النيويورك بوست الملازم السابق ليغار هول، الضابط التنفيذي لسرب بوش، حول من قد يكون أفضل من لاحظ الدقائق الأخيرة لطائرة بوش، أجاب هول: "إن مدفعي برج طائرة ملفين كانت لديه رؤية جيدة . إذا كانت الطائرة تحترق، فإن هناك فرصة جيدة جدا للمدفعي كي يكون قادرا على رؤية ذلك". وقال هول لصحيفة نيويورك بوست: "إن الطيار لا يستطيع رؤية كل ما يمكن للمدفعي أن يراه".

شاهدٌ كان يستطيع رؤية ما يجري في قمرة القيادة: طائرة بوش لم تكن تشتعل

____________________________________________

المدفعي "لورانس مولر" من ميلووكي، وهو عضو سابق آخر من سرب بوش الذي شارك في مهمة قصف شيشي جيما، عندما سُئل عمّن كان يمكنه رؤية طائرة بوش بأفضل صورة، أجاب: "إنه مدفعي برج طائرة ملفين؛ اي ميرزوفسكي". من جانبه قال ميرزوفسكي إن طائرته كانت تحلق على بعد حوالي 100 قدم قبل طائرة بوش في أثناء الحادثة، أي قريبا جدا بحيث انه كان يمكنه ان يرى ما يجري في قمرة قيادة طائرة بوش.

وقال ميرزوفسكي، وهو أيضا حاصل على صليب الطيران الفخرى، لصحيفة نيويورك بوست انه رأى "سحابة من الدخان" تخرج من طائرة بوش وسرعان ما تبددت. وأكد أنه بعد ذلك لم يكن هناك المزيد من الدخان، وأن طائرة بوش "لم تكن تشتعل فيها النيران على الإطلاق"، وأنه "لم يخرج أي دخان من قمرة القيادة عندما فتح الغطاء المنزلق لحجرة القيادة لكي يقفز". وذكر ميرزوفسكي أن رجلا واحدا فقط خرج من طائرة بوش هو بوش نفسه. "كنت آمل أن أرى مظلات أخرى تهبط. ولكنني لم أر. رأيت الطائرة تهبط دون أن تشتعل فيها النيران. كنت أعرف أن الشابين ما زالا هناك. لقد كان شعورا مريعا بالعجز".

منذ فترة طويلة كان ميرزوفسكي قلقا من فكرة أن قرار بوش بالهبوط بالمظلة من طائرته المتضررة قد أودى بحياة المخابر جون ديلاني، وهو صديق مقرب من ميرزوفسكي، وكذلك المدفعي الملازم وليام وايت. "أعتقد أن بوش كان بإمكانه أن ينقذ حياة هؤلاء الناس، إذا كانوا على قيد الحياة". قال ميرزيفسكي لصحيفة نيويورك بوست "على الأقل كانت لديهم فرصة للبقاء على قيد الحياة إذا كان قد حاول الهبوط على المياه".

لخص الضابط التنفيذي السابق ليغار هول القضية لصحفيي نيويورك بوست على النحو التالي: "إذا كانت الطائرة تشتعل فيها النار، فإن ذلك يعجل بقرار الهبوط بالمظلة. وإذا لم تكن تشتعل فيها النار، فيجب الهبوط على المياه". والهبوط على المياه يعطي المزيد من الأمل في النجاة لجميع أفراد الطاقم. وقد صُمّمت طائرة المنتقم بحيث تعوم على سطح الماء لمدة دقيقتين تقريبا، وهذا يعطي جميع أفراد الطاقم هامشا إضافيا من الوقت للخروج من الطائرة قبل غرقها. وكان بوش قد نفذ الهبوط على المياه مرة أخرى في يونيو حزيران عندما فقد ضغط الوقود في طائرته.

تقرير جديد بلا تاريخ : وفضيحة أخرى

______________________

وقّع على التقرير (الرسمي) للحادث (والغريب أنه تقرير بلا تاريخ) في سجلات السرب من قبل القائد ملفين وضابط مخابرات يدعى الملازم "مارتن كيلباتريك". كيلباتريك توفي، وملفين نُقل الى المستشفى عام 1988 وكان يعاني من مرض باركنسون، ولا يمكن إجراء مقابلات معه.  ميرزيفسكي في أوائل أغسطس 1988 لم يطّلع على تقرير المخابرات غير المؤرخ، قال: "كان كيلباتريك أول شخص تحدثت معه عندما عدنا إلى السفينة، وقلت له ما رأيت. أنا لا أفهم لماذا لم يثبت شهادتي في التقرير".

يميل المدفعي لورانس مولر لتأكيد وقائع ميرزوفسكي. وكان مولر يمسك سجلا للوقائع خاصا به يثبت فيه استجواب السرب في غرفة الانتظار بعد كل مهمة. بالنسبة ليوم 2 سبتمبر 1944، كان السجل الشخصي لمولر يحتوي على الملاحظة التالية: "اعتبر وايت وديلاني ساقطين مع الطائرة". وقال مولر لصحيفة نيويورك بوست أنه "لم تُشاهد أي مظلة باستثناء مظلة بوش عندما سقطت الطائرة".

وكان صحفييو نيويورك بوست دقيقين في القول أنه وفقا لمولر، لا أحد في غرفة الانتظار على متن السفينة "سان جاسينتو" استخلص أي معلومات أو قال أي شيء عن نار شبّت في طائرة بوش. وقال مولر: "كنت قد كتبت هذه المعلومة [معلومة الحريق في طائرة بوش] في سجلي لو كنت سمعتها".

التقرير الرسمي لا يذكر أي حريق في طائرة بوش

____________________________

وفقا لمقالة النيويورك بوست هذه فإن تقرير استخلاص المعلومات من بوش على متن الغواصة Finnback بعد إنقاذه لا يذكر أي حريق على متن الطائرة. عندما قام صحفييو نيويورك بوست بمقابلة توماس كين، وهو طيار من ناقلة أخرى كان قد تم انقاذه من قبل الغواصة Finnback بعد بضعة أيام من حادثة بوش، وأخبروه بمزاعم اشتعال النار في طائرة بوش ، صاح كين بدهشة لسماع ذلك : "هل فعلا زعم بوش ذلك؟".

حاول ليو نادو، مدفعي البرج الخلفي المعتاد مع بوش، والذي كان على اتصال مع بوش خلال عام 1980 تقويض مصداقية ميرزيفسكي حيث قال: "كان ميرزوفسكي، مشغولا جدا بإطلاق النار، ولم يكن قادرا على التركيز على الأحداث التي تحدث في طائرة بوش. ولكن حتى تقارير الأشخاص الموالين للرئيس بوش تتفق على أن السبب الذي جعل وايت يبقى على ظهر الطائرة هو أنه لم تكن هناك أي طائرة يابانية فوق الهدف، مما جعل المدفعي المُدرّب جيّدا وذا الخبرة لا لزوم له. في الواقع، لم يدّعي أي تقرير ظهور أي طائرة يابانية في سماء جزيرة شيشي جيما.

التقى بوش وميرزوفسكي مرة أخرى على متن السفينة سان جاسينتو بعد أن عاد الطيار الذي أنقذ من قبل الغواصة Finnback بعد حوالي شهر من خسارة طائرته باربرا 2. ووفقا لتقرير صحيفة نيويورك بوست، بعد نحو شهر من كل هذه الأحداث، جاء بوش، وكان يرتدي بيجامة الصليب الأحمر، وعاد الى سان جاسينتو. قال ميرزوفسكي: "جاء بوش الى غرفة الاستعداد وجلس بجواري. كان بوش يعرف بأنني رأيت كل شيء. قاللي بوش : "ميرزوفسكي. أنا متأكد من ان هذين الرجلين كانا قد ماتا. لقد ناديتهم عبر الراديو ثلاث مرات. كانوا قد ماتوا". قال ميرزوفسكي كان بوش يبدو شديد الإرتباك. كان يحاول أن يؤكد لي أنه فعل أفضل ما في وسعه. أنا كنتُ أفكر في ماذا سأقول له. هكذا علّق ميرزيفسكي في عام 1988.

بدأ ميرزوفسكي يصبح قلقا بشأن ما يقوله بوش عن سجله الحربي في أثناء مشاهدته لمقابلة مع بوش في ديسمبر كانون الاول عام 1987 مع ديفيد فروست، الذي كان واحدا من أكثر العروض نفاقا للمُرشح الرئاسي. في مارس 1988 كتب ميرزوفسكي لبوش وقال له أن ذكرياته كانت مختلفة جدا عن السجل الحربي لنائب الرئيس بوش. كان خطاب ميرزوفسكي غير عدائي، ولكنه أبدى قلقه من أن المعارضين السياسيين لن يمكنهم ان يتقدموا للطعن في ما يقوله بوش. لم يكن هناك أي رد على هذه الرسالة، واختار تشيستر ميرزوفسكي في نهاية المطاف أن يقول ما شاهده من حقائق بأم عينه كشاهد عيان لصحيفة نيويورك بوست. بالتأكيد أن تقريره كشاهد عيان يضع علامة استفهام كبيرة على أحداث 2 سبتمبر 1944 والتي كثيرا ما سعى بوش إلى استغلالها لتحقيق مكاسب سياسية.

بعد عدة أيام من نشر مقابلة ميرزيفسكي، حصل مكتب بوش على نسخة من تقرير سجل السرب (الذي بلا تاريخ) ونشره في الصحافة، ودعا مكتب بوش ميرزوفسكي إلى استلام نسخة من التقرير.

الصحفي المأجور يحاول تشويه الحقيقة

_____________________

وهذا يعيدنا إلى العمل المأجور لجو هيماس الذي لم يذكر أبدا انتقادات ميرزوفسكي، على الرغم من أنه من الواضح أنه كان يعي تماما الاعتراضات التي أثارها ميرزوفسكي ويريد بقوة تشويه تلك الاعتراضات. في الواقع، تجاهل هيماس تماما ميرزوفسكي كمصدر، وأيضا تجاهل شاهدا مثابرا آخر من شأنه أن يدعم ميرزوفسكي، وهو لورانس مولر. كان هيماس يحظى بدعم موظفي بوش في البيت الأبيض في ترتيب مقابلات لكتابه، ولكنه لم يذهب ليتحدث مع ميرزيفسكي ومولر على الإطلاق. هذا يجب أن يزيد شكوكنا في أن بوش لديه ما يخفيه في هذا الموضوع.

بوش يعترف

_______

بوش نفسه اعترف بأنه كان في عجلة كبيرة من أمره للخروج من قمرة القيادة: تسبب هذا بجرح في جبهته وتلف مظلته. قال بلوش :

"لقد لعبت الريح حيلها، أو أنني، على الأرجح، سحبت حبل فتح المظلة بصورة مستعجلة". وهذا هو الذي سبب له الجرح في جبهته وأتلف مظلته.

وفيما يتعلق بقدرة براون براذرز، وهاريمان على دس تقرير قتالي في سجلات طيران البحرية، فمن الواضح أن هذا يمكن تحقيقه بسهولة كبيرة. ارتيموس غيتس هو الشخص الذي يمكن أن يساعد في هذا المجال. وكلاء آخرون لبراون براذرز، وهاريمان في مواقع قوية جدا منهم وزير الحرب ستيمسون، ووزير الحرب للطيران روبرت لوفيت، والمبعوث الخاص جورج أفريل هاريمان، وحتى مستشار الرئيس روزفلت المُقرّب، هاري هوبكنز، كلهم كانوا رصيدا لعائلة هاريمان.

كان بوش مستاء جدا حول ما حدث للاثنين من أفراد طاقمه. وفي وقت لاحق، خلال واحدة من جلسات العرض الذاتي لـ "تاريخ الحياة" في جمعية الجمجمة والعظام، أشار بوش إلى الملازم وايت، عضو الجمجمة والعظام الذي ذهب إلى حتفه مع باربرا 2: "كنت أتمنى لو لم أتركه". هكذا قال بوش، وفقا لعضو الكونغرس السابق توماس اشلي، زميل الجمجمة والعظام خلال عام 1991 وواحد من القائمين على إدارة صندوق الدفاع القانوني لنيل بوش. وفقا لاشلي، "كان بوش حزينا. وكان قد أعاد الحادثة في ذهنه 100000 مرة، وخلص إلى أنه لم يكن بإمكانه أن يفعل أي شيء ... إانه لا يشعر بالذنب تجاه أي شيء حدث .... ولكن كان الحادث مصدر حزن حقيقي له".

في وقت لاحق كتب بوش رسائل إلى أسر الرجال الذين لقوا حتفهم على متن طائرته. وقد تلقى ردا من شقيقة ديلاني، ماري جين ديلاني. تقول الرسالة في جانب منها:

"تقول لي في رسالتك أنك ترغب في مساعدتي بطريقة ما. نعم هناك طريقة، وهي التوقف عن التفكير بأنك كنت في أي حال من الأحوال مسؤولا عن حادث الطائرة الخاصة بك وما حدث للرجال في طائرتك. كنت سأفكر فيك بطريقة أخرى لو لم يكن أخي جاك يتحدث دائما كأفضل طيار في السرب".

كما كتب بوش رسالة إلى والديه تحدّث فيها عن وايت وديلاني: "أنا أحاول أن أفكر في ذلك بأقل قدر ممكن، ولكنني لا أستطيع إلغاء التفكير في هذين الإثنين من ذهني. أوه، أنا بحالة جيدة- أريد أن أطير مرة أخرى، ولن أكون خائفا من ذلك، ولكنني أعلم أنني لن أكون قادرا على زعزعة ذكرى هذا الحادث، كما أنني لا أريد ذلك تماما".

المنقذ المُخادع

_______

كلما نظر بوش نفسه مرة أخرى إلى كل هذه الأحداث من زاوية الإبادة الجماعية التي شنّها على العراق، خلص إلى الاستنتاج بلا مبالاة بأن المصائر الوثنية قد حفظت حياته لبعض الأغراض في المستقبل. قال بوش لهيماس:

"لم يكن هناك وحي مفاجئ بما أريد أن أفعله ببقية حياتي، ولكن كانت هناك صحوة. ما من شك في أن وراء كل ما حصل هي معتقداتي الدينية الخاصة. من وجهة نظري، لابد أن يكون هناك نوعا من القدر، وأنني قد حُفظت لشيئ ما على الأرض".

بعد أن تعمد هايس تجاهل وجهات النظر المعارضة ذات الصلة حول بطولة سيّده، اختار أن يختم كتابه بالفقرة المزعجة التالية:

"عندما حلّق بوش بطائرته "المنتقم" من على ظهر السفينة سان جاك، كان مسؤولا عن مصيره الشخصي وكذلك عن مصير أفراد طاقمه. ورئيسا هو مسؤول عن مصير جميع الأمريكيين وكذلك عن كثير من بلدان العالم.

وهذه هي بالضبط المشكلة.

مصدر هذه الحلقة

____________

Chapter 6 – Bush in World War II- George Bush - Unauthorized Biography - By Webster Griffin Tarpley and Anton Chaitkin - Published October 7th 2004 by Progressive Press (first published 1991)

وسوم: العدد 721