من نفحات المتنبي الشعرية

*أبو الطيب المتنبيء ... لم ينافسه أحد من الشعراء في توليد المعاني والخيال والعمق في قول وتضمين الحِكمة في شعره..* :

*هو القائل:* مصائبُ قومٍ عندَ قومٍ فوائدُ....

*وهو القائل:* على قدرِ أهلِ العزمِ تأتي العزائمُ.

*وهو القائل:* ذكر الفتى عمره الثاني.

*وهو القائل:* الرأيُ قبلَ شجاعةِ الشجعانِ.

*وهو القائل:* وكلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ.

*وهو القائل:* آلةُ العيشِ صحةٌ وشبابٌ.

*وهو القائل:* وليلُ العاشقينَ طويلُ.

*وهو القائل:* إذا عَظُمَ المطلوبُ قلَّ المساعد

*وهو القائل:* ما كلُّ ما يتمناه المرءُ يدركُهُ ✰ تجري الرياحُ بما لا تشتهي السفنُ

*وهو القائل:* لا يَسلَمُ الشرفُ الرفيعُ من الأذى ✰ حتى يُراقَ على جوانبِهِ الدَّمُ

*وهو القائل:* إذا أنت أكرمتَ الكريمَ ملكْتَهُ ✰ وإن أنت أكرمتَ اللئيمَ تمرَّدا

*وهو القائل:* أعزُّ مكانٍ في الدُّنى سرْجُ سابِحٍ ✰ وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

*وهو القائل:* وما ماضي الشبابِ بِمُسْتَرَدٍّ ✰ ولا يومٌ يَمُرُّ بِمستعادِ...

*وهو القائل:* ذو العقلِ يشقى في النعيمِ بعقلهِ ✰ وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ يَنْعَمُ

*وهو القائل:* ولم أرَ في عيوبِ الناسِ شيئًا ✰ كنقصِ القادرينَ على التمامِ

*وهو القائل:* شرُّ البلادِ مكانٌ لا صديقَ بهِ ✰ وشرُّ ما يكسبُ الإنسانُ ما يَصِمُ

*وهو القائل:* فلا مجدَ في الدنيا لمن قلَّ مالُهُ ✰ ولا مالَ في الدنيا لمن قلَّ مجدُهُ...

*وهو القائل:* ومَن جَهِلتْ نفسُهُ قدْرَهُ ✰ رأى غيرُهُ منهُ ما لا يرى

*وهو القائل:* خليلُكَ أنت لا مَن قلتَ خِلِّي ✰ وإن كثُرَ التجملُ والكلام...

*وهو القائل:* ومِن العداوةِ ما ينالُكَ نفعُهُ ✰ ومِن الصداقةِ ما يَضُرُّ ويُؤْلِمُ...

*وهو القائل:* وإذا أتتك مذمتي من ناقصٍ ✰ فهي الشهادةُ لي بأني كاملُ

*وهو القائل:* مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهوانُ عليهِ ✰ ما لجرحٍ بميِّتٍ إيلامُ

*وهو القائل:* وليس يصحُّ في الأفهامِ شيءٌ ✰ إذا احتاجَ النهارُ إلى دليلِ

*وهو القائل:* إذا ساءَ فعلُ المرءِ ساءتْ ظنونُهُ ✰ وَصَدَّقَ ما يعتادُه من توَهُّمِ

*وهو القائل:* وإذا لم يكنْ مِن الموتِ بدٌّ ✰ فمن العجزِ أن تموت جبانا

*وهو القائل:* ومِن نكدِ الدنيا على الْحُرِّ أن يرى ✰ عدوًّا لهُ ما مِن صداقتهِ بدُّ

*وهو القائل:* إذا غامرتَ في شرفٍ مرُومٍ ✰ فلا تقنعْ بما دون النجومِ...

فطعمُ الموتِ في أمرٍ حقيرٍ ✰ كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ...

*وهو القائل:* وعَذلتُ أهلَ العشقِ حتَّى ذُقْتُهُ ✰ فعجِبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ

*وهو القائل:* إذا أتتْ الإساءةُ من وضيعٍ ✰ ولم أُلِمْ المسيءَ فمن ألومُ

*وهو القائل:* وتراه أصغرَ ما تراه ناطقا ✰ ويكونُ أكذبَ ما يكونُ ويُقْسِمُ

*وهو القائل:* وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظرِهِ ✰ إذا استوتْ عنده الأنوارُ والظُلَمُ

*وهو القائل:* فقرُ الجهولِ بلا قلبٍ إلى أدبِ ✰ فقرُ الحمارِ بلا رأسٍ إلى رسنِ

*وهو القائل:* والغِنَى في يدِ اللئيمِ قبيحٌ ✰ قَدْرَ قبحِ الكريمِ في الإملاقْ

*وهو القائل:* والظلمُ في خلقِ النفوسِ فإن تجدْ ✰ ذا عِفَةٍ فَلِعِلَّةٍ لا يَظلِمُ

*وهو القائل:* ومرادُ النفوسِ أصغرُ من أن ✰ نتعادى فيه وأن نتفانا

*وهو القائل:* والأسى قبل فُرقةِ الروحِ عجزٌ ✰ والأسى لا يكون بعدَ الفراقْ

*وهو القائل:* بم التعللِ لا أهلٌ ولا وطنُ ✰ ولا نديمٌ ولا كأسٌ ولا سكنُ

*وهو القائل:* أفعالُ مَن تلدُ الكرامُ كريمةٌ ✰ وفِعالُ مَن تلدُ الأعاجمُ أعجمُ

*وهو القائل:* فإن يُكن الفعلُ الذي ساءَ واحدًا ✰ فأفعالُهُ اللائي سررن ألوفْ

*وهو القائل:* ماذا لقيتُ من الدنيا، وأعجبها ✰ أني بما أنا باكٍ منه محسودُ

*وهو القائل:* وما الخوف إلا ما تخوّفه الفتى ✰ ولا الأمن إلا ما رآ الفتى أمنا

*وهو القائل:* وإذا كانت النفوسُ كبارًا ✰ تعبت في مُرادِها الأجسام

*وهو القائل:* إذا اعتاد الفتى خوضَ المنايا ✰ فأهونُ ما يمر به الوحول

*وهو القائل:* فحبُّ الجبانِ النفسَ أوردَهُ التُقى ✰ وحبُّ الشجاعِ النفسَ أوردَهُ الحربا

*وهو القائل:* ومَنْ يكن ذا فَمٍ مُرٍّ مريضٍ ✰ يجدْ مُرّاً به الماءَ الزُلالا

*وهو القائل:* ومِن البليةِ عذلُ مَن لا يرعوي ✰ عن غَيِّهِ وخطابُ من لا يفهمُ

*وهو القائل:* يهونُ علينا أن تُصاب جسومُنا ✰ وتَسْلَمُ أعراضٌ لنا وعقولُ

*وهو القائل:* لولا العقولُ لكان أدنى ضيغمٍ ✰ أدنى إلى شرفٍ من الإنسانِ

*وهو القائل:* ومَن تفكَّرَ في الدنيا ومهجَتهُ ✰ أقامهُ الفكرُ بين العجزِ والتعبِ

*وهو القائل:* فما ينفعُ الأُسْدَ الحياءُ من الطوى ✰ ولا تُتقي حتى تكون ضواريا

*وهو القائل في أمتنا:*

أغايةُ الدينِ أن تَحفّوا شواربكم ✰ يا أمةً ضحكت من جهلِها الأممُ 

*وهو القائل في مصر وحكامها:*

نامتْ نواطيرُ مصرَ عن ثعالبِها ✰ فقدْ بَشِمْنَ وما تَفْنَى العناقيدُ...

العبدُ ليس لحرٍّ صالحٍ بأخٍ ✰ لو أنه في ثيابِ الحرِّ مولودُ..

*لا تشترِ العبدَ إلا والعصا معهُ ✰ إنَّ العبيدَ لأنجاسٌ مناكيدُ..*

*وهو القائل عن نفسه:*

وما الدهرُ إلا من رواةِ قصائدي ✰ إذا قلت شِعراً أصبح الدهرُ مُنشداً..

*وهو القائل:* لا بقومي شرفتُ بل شرفوا بي ✰ وبنفسي فخرتُ لا بجدودي...

*وهو القائل:* أنا تِربُ الندى وربُّ القوافي ✰ وسِمامُ العِدَى وغيظُ الحسودِ..

*وهو القائل:* أنا الذي نظـرَ الأعمى إلى أدبي ✰ وأسمعتْ كلماتي مَن به صممُ...

الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفُني ✰ والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ...

ما أبعدَ العيبَ والنقصانَ من شرفي ✰ أنا الثُّريا وذانِ الشيبُ والهرمُ...*

*وهو القائل:* ومِنْ جاهلٍ بي وهو يجهلُ جهلَهُ ✰ ويجهلُ علمي أنَّهُ بي جاهلُ..

*وهو القائل:* ليس التعللُ بالآمالِ من إربي ✰ ولا القناعةُ بالإقلالِ من شيمي

*وهو القائل* وما الْجَمْعُ بين الماءِ والنارِ في يدي ✰ بأصعبَ مِن أن أجمعَ الجدَّ والفهْمَ...

*وهو القائل:* ويَظهَرُ الجهلُ بي وأعرِفُهُ ✰ والدُّرُّ دُرٌّ بِرَغَمِ مَنْ جَهِلَهْ...

*وهو القائل:* وفؤادي من الملوكِ وإن كا ✰ ن لساني يرى من الشعراءِ

✰ ✰ ✰ 

*كل هذه الأشعار سارت مسرى الأمثال على ألسنة الناس...* 

*✰ ✰ ✰* 

المتنبي هو موسوعة الحكمة والفكرة في ديوان الشعر العربي، وأي شخص يتصور أنه كان يرتزق من الشعر وينافق الأمراء فهو لا يعرفه، وإنما كان شخصاً أرقى وأكثر حكمة وخبرة، ولولا اعتزازه الشديد بنفسه، ولولا ظروفه السيئة، لكنا سمعنا عنه الآن كما نسمع عن الإسكندر ورمسيس وصلاح الدين وأبطال التاريخ...

..

المتنبيء كان شخصية فذة في كل شيء، ولكن ظروف حياته وطبيعة نفسه حصرته في دائرة الشعر، وجعلته يُودِع خبراته كلها في مجال الكلمة...

*وأخيراً فهو القائل عن نفسه هذه الأبيات الخلابة:-*

*أنا ابنُ اللقاءِ أنا ابن السخاءِ ✰ ✰ أنا ابن الضِّرَابِ أنا ابن الطِعانِ..*

*أنا ابنُ الفيافي أنا ابنُ القوافِي ✰ ✰ أنا ابن السُّروجِ أنا ابنُ الرعانِ..*

*طويلُ النجادِ طويلُ العمادِ ✰ ✰ طويلُ القناةِ طويلُ السنان..*

*طابت أوقاتكم بكل خير* ؛

وسوم: العدد 796