اخترتُ صوتي

ما زلتُ أبحَثُ عن جَوابٍ في الجَوابِ

والرّوحُ يُسلِمُها الغِيابُ إلى غِيابِ

.

يستَيقِظُ الزَّمَنُ المُقيمُ بِخاطِري

ويَصيرُني لُغَةً على شَفَةِ التّصابي

.

وأراكَ لونَ الرّوحِ ميلادَ الرُّؤى

عيناكَ صوتُ البَدءِ أركانُ الإيابِ

.

فأمدُّ كَفّي نحوَ خاصِرَةِ المَدى

عمّا تناثَرَ من غَدي تاهَت رِكابي

.

القَيدُ لونُ الصّمتِ في عُنُقِ الصّدى

أغرى النّخيلَ إذ ارتَضى لغةَ السّرابِ

.

مَن للحَنينِ إذا الدّروبُ تَقاطَعَت

واستَعمَرَ السِّرُّ الغريبُ نُهى الشِّعابِ

.

واللّيلُ ضَيَّعَ في الرّكونِ مَلامِحي

والبيدُ تَعدو بالعذابِ على عَذابي

.

الكُلُّ يَحمِلُني على ما لم أكُنْ

والأفقُ يحجُبُني ويألَفُني احتِجابي

.

يستَرشِدُ السّفَرُ العَقيمُ مَرارَتي

ويَباتُ يُمطِرُني الهباءُ مدى ارتِقابي

.

أنا ألفُ أمنِيَةٍ على هامِ الدّجى

أقفو رؤى قَبَسٍ بدا واللّيلُ بابي

.

هل عاصِمي جَبَلٌ وكُلُّ عَواصِمي

تَطفو على نَزفي ويَحكُمُها المُرابي

.

أنا لا أفَتِّشُ عن حريقٍ كانَني

لأرى: هل انتحَلَ الضَّبابُ بِهِ ضَبابي

.

ويَدي على قلبِ اللّهيبِ أمُدُّها

جهلًا أصافِحُ باليَبابِ يَدَ الخَرابِ

.

وإخالُ من فَرطِ التّثاؤُبِ غافِلا

أنّي على قلبِ الدُّجى كَشَّرتُ نابي

.

للتّيهِ يَجذِبُ كلُّ بَرقٍ خُطوَتي

وأظُنُّ كلَّ يدِ بهِ ترجو اصطِحابي

.

يا غربَةَ الأحرارِ في قَفرِ النِّدا

مَلَّت سَحاباتُ الدّروبِ عُرى اغتِرابي

.

هل ذاكَ لوني ما يلوحُ على المَدى

أم صارَ لونُ الرّيحِ ثوبي في المُصابِ

سلّمتُ للدُّنيا فما جادَت سوى

جرحي وأقوامٍ تَمادَوا في عِتابي

.

فمَعاذَ جُرحِيَ أن أقيمَ على الطّوى

والأرضُ أرضي والرّحابُ رِحابي

.

ومعاذَ مجدي أن أعيشَ مُحاذِرًا

وأنا عزيزُ القومِ ما لانت حِرابي

.

فتلَوَّني أسماءَهُم وحروفَهُم

وافي خِطابًا كانَ اُلقِحَ من خِطابي

.

وتلَوَّني وفقَ الهوى راياتِهِم

فالحقُّ صوتي.. والثَّباتُ جَوابي

وسوم: العدد 798